هذه الواقعة جرت أحداثها في إحدى قُرى سنار، أيام فورة التمكين.. فقد زار مُعتمدهُم إحدى الحلاّل ـــ لا داعي لِذِكر الأسماء ــ فالواقعة حقيقية والشهود حضور. هب برفقة معاونيه مِن العربة لتفقُد الأحوال، واطمأن على حيطان المدرسة، التي شلّختها الأمطار وتناثرت بين فصولها أشجار اللعوت. شكا إليه الأهالي هروب التمرجي من الحِلة، والبعوض والمِلاريا.. إلخ.. فوعدهم خيراً، وكان مع كل وعدٍ يقطعه، يقول لهم»بلدكم دا خيرو كتير». هذه العبارة الإنقاذية الجاذبة، أدخلت الأهالي في حيص بيص..كيف يُقدِّموا لرفيعي المقام، إفطاراً قوامه الكجيق، والكوَل مدعوماً بالبصل والشطة وأُم رقيقة، أطال اللهُ عمرها؟ كيف يجوز هذا مع دستوريين تفقّدوا الأحوال، وأكدوا أن الصعيد خيرو كتير،، لا بد إذاً من القيام بالواجب.. المستنيرون من أهل الحِلة وجميعهم ــ تقريباً ــ ينتمون وجدانياً للتنظيم، خَلَصوا نجيّا ، وضربوا بين فرجات القطاطي باحثين عن هدية تليق بالمعتمد ومعاونيه، فما وجدوا في الحِلة غير شوالات الفحم، و العجّور الغُلاد، وجنَى الجداد.. استقر رأيهم على عزل أحسن شوالات الفحم، مع قطع نُسخٍ أصلية من البِتَّيخ ، بعدد الضيوف، وطلبوا من حريم الحِلّة جمع جنَى الجداد من الدانقة.. رفع مستنيرو التنظيم ، الفحم و البِتَّيخ ، وجردلاً مليئاً بالبيض في العربية الدستورية.. بحياء أهل في الريف، خاطبوه : معليش يا شيخنا دي هدية بسيطة، لأنو زيارتكم كانت «مُفاجِعة»، وما قدرنا نضْبح ليكم... تلقّى المعتمد الإعتذار قادِلاً بشأو التمكين، ومُتنسِّماً هبّاب الصعيد.. تفحّصها وأطرق مليّاً في قسمتها العادلة، لكنه حدّق مليّاً في الجردل، وقال مُرتكزاً: «الجردل دا حقي، طيِّب... رفاقتي ديل حقّهم وينو»؟ أجاب المستنيرون بعد لعثمة: حقهم قاعد.. وضربوا مرة أُخرى في شِقوق الحِلة، ولم يجدوا غير مزيد من الفحم ..عادوا فوجدوا المعتمد ورفاقه يُجاهدون أهل الحِلة مستذكرينض لهم تضحيات الصحابة، ومُعرِّضين بإلحاديّات بَني عَلْمان.. مرة أخرى، و من داخل أظافرهم قالوا: يا شيخنا، فتشنا جنَى الجداد ما لقينا.. دحين إنتوا أُخْوان، اتاشيلوا الفحم و البِتَّيخ ، واتقاسموا جردل البيض! بنِصْفِ ابتسامة، استرشد المعتمد بمُعلّقة قيقم، مؤكداً أن الكرم أصلوا وفصلو عند أهل القرى! عند ذلك انبثق الطرب من تِلقاء كيتة مستنيري الشيخ، فإذا بالمعتمد ومرافقيه، ينخرطون هازجين في حالة من النّقَزي: لا تحزن بي ما جرى يا ضال الطريق.. ميِّل على أهل القُرَى.. بعد النّقَزي الإنقاذي، وتلاويح العصا المعروفة.. غادر المُعتمد وركبه، يرافقهم مستنيرو التنظيم إلى طرف الحِلة، التزاماً بالبروتكول.. على مبعدة وقف مُعتمدهُم، وطلب بعض الماء من الكنار.. ومن باب الحرص على رعاة دولة الإسلام، استنكر مستنيروالتنظيم أن يشرب المعتمد أو يتوضأ من هناك. لكن المعتمد أومأ، أن إتَّبِعوني، بجردل البيض إلى دّكة الكنار، محذراً لهم ، بإيماءة غليظة، أن يُنَفَّذوا أمره دون نقاش.. فوق الدّكة، أشار المعتمد لهم أن يملأوا جردل البيض بالماء.. ظنّ الأهالي من على البُعد أن مُعتمدهُم قرّر الوقوف على أحوال الري.. سمع من البعيد هُتافهم وتهليلهم، لكنه كان عنهم في شغلٍ شاغل ببدلته التي هبهبها الريح.. أدخل المُعتمد عصا الإنقاذ برفق في الجردل، فطفَحَ منه بيضاً ليس بالقليل..عندها هتف لمعاونيه: «جيبو مواعينكم، الطافِح دا كلو حقَكم»..! غير أن مستنيري التنظيم عندما عادوا إلى ذويهم قالوا إن مُعتمدهُم المُجاهد، امتحن من المساق العلمي، وإنه مِنْ زمان زول «تفْتيحة»، مش زي الأفندية الموالين لعاديات الدُول الاستكبارية ،الذين لا يعرفون الفرق بين الدجاجة والبيضة! akhirlahza
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة