في ذاك اليوم اضطر وزير الخارجية إلى تفعيل خدمة الهاتف الجوال.. كان الدكتور إبراهيم غندور في زيارة خارجية حينما أعلنت منظمة (امنستي) تقريراً خطيراً يُفيد باستخدام الحكومة السودانية لأسلحة كيمائية في جبل مرة.. على عجل تم تكوين فريق مشترك للتعامل مع الأزمة.. ومسؤو رفيع كان يسأل دبلوماسياً أمريكياً زار منطقة جبل مرة هل كان يرتدي قناعاً؟.. وخبير تصوير يفكك شفرة الصور المركبة.. بعد ذلك بأسابيع يتم انتخاب السودان في المكتب التنفيذي لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية. قبل أيام اضطربت الرؤية الحكومية بشأن الاتفاق حول معبر أصوصا الإثيوبي لنقل المساعدات الإنسانية لمناطق الحرب.. قبل الحديث عن اضطراب الرؤية الأمريكية علينا أن نبسط الخبر قبل أن يتم تلوينه.. أفلح المبعوث الأمريكي في إقناع الحكومة السودانية بالقبول بنقل جزء يسير من المساعدات عبر معبر أصوصا.. الحكومة وافقت على المقترح بتعديل طفيف يقضي بتفتيش الطائرات الأممية في مطار الأبيض في رحلتي الذهاب والإياب مع الموافقة على إخلاء الجرحى بغض الطرف عن هويتهم. سارع مبارك المهدي لاستثمار الحدث سياسياً بإعلان الاتفاق رغم أنه غير مخوَّل له ذلك باعتباره لا يشغل أي منصب، لا في الحكومة ولا المعارضة المسلحة.. المبارك حاول إيهام العامة بأن الاتفاق الجديد كان له علاقة بمباحثاته مع بعض الحركات المسلحة في كمبالا.. الحكومة تحت الإحساس بالغضب جعلت مبارك كاذباً.. على لسان نائب رئيس الحزب الحاكم أكدت الحكومة قبولها نقل المساعدات من أيِّ مكان بشرط التفتيش.. كان من الأوفق دبلوماسياً تأكيد الموافقة المشروطة على المقترح الأمريكي. ذات الأزمة الآن تتبلور بشكل مختلف.. في منطقة نيرتيتي قرب زالنجي.. الحقيقة تقول إن اعتداءً غادراً قد تم تجاه أحد منسوبي القوات المسلحة أدى لاستشهاده في الثلاثين من الشهر المنصرم.. مرتكبو الجريمة الذين يشتبه في انتمائهم لإحدى الحركات المسلحة احتموا بحي الجبل الشعبي.. حينما حاولت القوات المسلحة الوصول للنجاة حدث سوء فهم أدى لاضطرابات شعبية.. استخدام الحد الأدنى من القوى أدى لمقتل اثنين من المواطنين. والي وسط دارفور جاء على عجل إلى المنطقة.. قائد الجيش أكد أنه سيُجري تحقيقاً شفافاً كعادة الجيش في مثل هذه الظروف.. الشرتاي جعفر عبد الحكم والي وسط دارفور بذل جهداً مكثفاً لاحتواء الأحداث في أضيق نطاق حينما تكفل بدفع ديات القتلى وعلاج كل المصابين.. خارج ميدان الحادث المؤسف تم تسيّيس الحدث والنفخ في النار.. المجلس الوطني استدعى وزير الدفاع لاستجلاء الحقيقة.. الوزير استبعد إجراء تحقيق باعتبار أن الحادثة مجرد (Police Case) .. المعارضة الخارجية اعتبرت الأمر في خانة الإبادة الجماعية.. بين التهويل والتهوين تولد أزمة جديدة تُضاف إلى سلسلة من مآسي الوطن. في تقديري.. تحتاج الحكومة إلى بناء خطاب إنساني تتعامل به مع شعبها أولاً.. ثم في المقام الثاني تتواصل به مع العالم.. في البداية علينا استبعاد فكرة المؤامرة المعشعشة في رؤوس بعض قادتنا.. أي قضية تحدث في حزام الحرب ومهما كانت صغيرة تحتاج التعامل معها بحكمة وقبل ذلك إجراء تحقيق شفاف.. كلما أكدت الحكومة على جديتها في تطبيق قاعدة "لن يفلت أحد من العدالة" نالت احترام الداخل والخارج. بصراحة.. هنالك مناخ جديد يتخلق في الكواليس الدبلوماسية.. أي خطوة غير محسوبة جيداً ستكون كلفتها الدبلوماسية عالية جداً.. تصريح واحد يهدم ما بنته الدبلوماسية في عام. assayha
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة