اقابل في الفيس وفي الحياة الواقعية أيضا اشخاص من كافة الانواع.، فمنهم الروحاني الذي يؤمن بالأرواح والشيطين ،ومنهم الشيعي الذي يؤمن بعودة المهدي والسني الذي يؤمن بظهور المسيح الدجال والاحمدي الذي يؤمن بأن غلام أحمد نبي من الانبياء المرسلين، ومنهم المؤمن بالسحر ، ومنهم المؤمن بالمسيح المنتظر ، وبأن المسيح لا زال يتجسد من عصر لآخر ، ومنهم من لا زال يؤمن بماركس وخزعبلاته ، ومنهم من يؤمن بالعلاج بالأعشاب والتمائم والتعاويذ ، المهم أننا نقابل الكثير والمختلف من الإيمانيات ، ولو أدرجنا غير ذلك من الايمانيات لما انتهينا من صابئة مندائيين وطاويين وشنتويين وجينيين وهندوس وسيخ وبوذيين وانت ماشي ، للبشر إيمانيات كثيرة في الشمس والقمر والتعاويذ والبقر والشعرى ...الخ فكرة الإيمان هي أن يربط الإنسان الواقع بالماورائيات فهي تؤثر فيه وتتأثر بانفعالاته ، وهذه الإيمانيات المنتشرة بكثرة على مستوى الكرة الأرضية لا تتعلق فقط بالأميين بل بالمتعلمين والمثقفين ، ففي دولة كاليابان وهي التي تعبر عن قمة التكنولوجيا ، نجد أن بعض شعبها يؤمن بأرواح الأجداد وتأثير ذلك على الواقع الأرضي المادي ، ولا يسعنا أن نحاول تفكيك هذه البنية المحض ميتافيزيقية او محض تصورية التي تثير دهشتي ، فهي بناء لا مرئي ولا محسوس ولا يمكن الغوص فيه من زاوية منطقية ولا الكشف عن تأسيسه داخل عقل الإنسان أي بما يعتبر أو يمثل فطرة العقل أم هي فكرة مكتسبة لاحقة على التكون البيولوجي للدماغ ؟؟؟ القضية ليست في عملية توارث كل هذه التصورات فهذا امر طبيعي ، حين يكتسب الطفل هوية ما وهذه الهوية لها متعلقات لا مادية ؛ ولكن القضية في النشأة من العدم عبر العقل البشري ، ما هي نقطة انطلاق وجود هذه التصورات ، ولماذا انطلقت ، هل نهضت بالقوة أم بالفعل ، هل هي علة أم معلول ،؟ كل هذه التساؤلات لا اجابة لها ، انها خارج إمكانية التحليل والاستيثاق وذلك لغلوها في اعماق التاريخ وانتشارها الافقي أيضا ، وهو انتشار يمكن من تحويلها الى قاعدة عامة مشتركة عند البشر. لقد لاحظت ان الطفل عندما يصطدم رأسه بالسرير فإن أمه تضرب السرير أي تحقق للطفل شعورا بالانتقام ، والغريب أن هذه الخدعة البسيطة تنتج تأثيرها في تهدئة الطفل ، وهكذا نجد أن في عقل الطفل رابطا بين الحيوي واللا حيوي أي بين الحى والجماد ،هذا الرابط موجود أيضا على مستوى العقول البالغة فنجد أن بعض الناس يؤمنون بأن واقعة مادية تعني شرا أو خيرا مستقبليا ، فانقلاب النعل يؤدي الى تشاؤم فيتم تعديل النعل أو الحذاء ، وأن رفيف جفن العين اليسرى يعني بأن العين سترى زائرا جديدا أو كان غائبا وأن تمائم ما كالخرز الازرق تمنع العين والحسد ،ولذلك فإن بناء هذه الروابط المعنوية مؤسس له في عقل الانسان منذ تكونه طفلا ، وليس مكتسبا أو ذا وجود عرضي . إن هذا التأسيس يعني أننا لا نستطيع أن نحمل الانسان مسؤولية إيمانياته بهذه التصورات لأن لها جهاز وآلية نشأت بنشوء الدماغ . إنها خارج الارادة وخارج القدرة على الكبح والتجنب ، وإن كانت قابلة للتعديل والتغيير في هيئتها الأخيرة بحسب ما تتلقاه من رسائل بالاكراه أو الحرية.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة