في يوليو الماضي كانت أضواء الكاميرات في مقر رئيس الوزراء البريطاني تتابع لاري.. السيد كاميرون في ذاك اليوم كان حريصاً على حزم بعض أمتعته الحساسة بنفسه بعد أن قدم استقالته من منصب رئيس وزراء بريطانيا العظمى.. لكن المشكلة كانت في لاري الذي ظل في منصبه منذ العام ٢٠١١ مصدر مطلع أكد للصحافيين أن لاري باقٍ في مقر رئيس الوزراء.. لاري لم يكن سوى القط الذي استجلب لاصطياد الفئران.. رغم تعلق أسرة رئيس الوزراء بالقط الأليف إلا أنه اعتبر من أصول الدولة وبالتالي سيواصل خدماته مع الضيف القادم. قبل أيام سقط خطاب والي الجزيرة محمد طاهر أيلا في المجلس التشريعي.. سقط الخطاب المحشود بالإنجازات المادية.. كل التحفظات المعلنة كانت حول تجاوز بنود الصرف.. لكن الذي لم يقال هو إحساس النواب أن واليهم مسنود من فوق.. بجرة قلم يستطيع الوالي أن يشطب أي عضو بتهمة التفلت.. ومن قلب كان أيلا صريحاً حينما ذكر الناس أنه معين في منصبه بقرار جمهوري. أمس الأول تم الإعلان عن الحزمة الجديدة من نواب البرلمان الذين سيتم تعيينهم بقرار من رئيس الجمهورية.. سبعة وستون نائباً للمجلس الوطني وثمانية عشر لمجلس الولايات.. وأعداد أخرى في المجالس التشريعية.. فوق ذلك رئيس وزراء يعينه رئيس الجمهورية مع رهط من وزرائه.. رئيس الوزراء لا يستطيع عزل أو اختيار أيٍّ من الأعضاء الأكارم.. البرلمان يكتفي بتقريع رأس رئيس الوزراء ولا يمتلك حتى التوصية بإعفائه وإن سقط خطابه أمام البرلمان. ربما يقفز سؤال عن ثمار الحوار الوطني الذي اقتطع أكثر من عامين من عمر العباد.. ماذا يعني مجلس تشريعي لا يستطيع محاسبة والٍ.. ما فائدة رئيس وزراء لا يستطيع تعنيف وزير تأخر في موعد حضور اجتماع.. أليس من الأجدر والأفضل أن نوكل للبرلمان تكملة أعضائه حتى لا نمنح السلطة التنفيذية حق التغول في اختصاصات البرلمان. في تقديري.. أن بلادنا ستقدم تجربة جديدة في توطين الشمولية.. ستصبح بلدنا مضرب مثل في قلة حيلة رئيس وزراء يحمل اللقب ولكن بدون سلطات.. إذا كان الحزب الحاكم جاداً في إفساح المجالس فليبدأ بنفسه.. ليس من الصعوبة إقناع بضع وستين نائباً بتقديم استقالاتهم.. هنالك نواب الآن لا يحضرون للبرلمان إلا للشديد القوي.. هنالك آخرون تمثل لهم النيابة زحمة مع مشغوليات الوزارة.. حتى الحكومة القادمة يمكن أن تكون رشيقة وفاعلة إذا لم ينظر لها في إطار تقسيم الغنائم وإرضاء الخصوم بالمناصب. بصراحة.. حمدت الله في سري حينما تراجع رئيس غامبيا الجنرال يحيى جامع من وعده بتسليم السلطة لخصمه الفائز في الانتخابات.. لو لا جامع كنا سنكون الأسوأ في مفهوم التداول السلمي للسلطة.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة