ماذا يفعل مجلس الولايات بالضبط؟ يُمكن التساؤل أيضاً عن ماذا يفعل البرلمان كله، وهو سُؤالٌ مشروعٌ، لكن دعونا نركز هنا على مجلس الولايات. هذا المجلس مُكوّن من ثلاثة أعضاء من كل ولاية في السودان إحداهم امرأة، هذا ما نص عليه تعديل دستوري وتعديل قانون الانتخابات الذي جرى قبل انتخابات عام 2015. وكان النص القديم يقول إنّ المجلس يتكوّن من عضوين من كل ولاية. من يرى سلسلة التعديلات المتتالية يقول بأنّ حجم العمل كان كبيراً مما اضطر السلطات لزيادة العضوية، خَاصّةً وأنّ هناك زيادة جديدة قادمة قدرها 18 عُضواً جديداً بالتعيين. هذا يعني مزيداً من المُخصّصات المالية للأعضاء الجُدد، مرتبات وحوافز وسيارات ونثريات ترحيل وإعاشة ....إلخ. هذه الأعباء المالية الجديدة ستعني مزيداً من الإرهاق لميزانية تُعاني من عجز ملياري، بينما المُعالجات التي تقدمها الحكومة هي رفع الدعم عن كثير من السلع الضرورية والأدوية وتخفيض قيمة الجنيه السوداني لأكثر من الضعف، بما يعني مزيداً من الإرهاق لكاهل المُواطن البسيط. هذا المجلس لا يفعل شيئاً، واختصاصاته وسُلطاته مَحدودة جداً في ظل وجود المجلس الوطني الذي يُشكِّل الجناح الآخر للهيئة التشريعية القومية. ولو راجعنا أداءه ومواقفه منذ الإتيان به في ظل الدستور الانتقالي لعام 2005 سنجده صفراً كبيراً. ولا علاقة للأداء الصفري بعدد الأعضاء حتى تتم زيادتهم، بل بطبيعة تكوينه وسلطاته، بالإضافة لطبيعة النظام السياسي الذي لا تُشكِّل فيه السلطة التشريعية وجوداً مُؤثِّراً. تأخذ السياسة الاقتصادية للحكومة وحزبها بجُزءٍ من توصيات روشتة صندوق النقد الدولي الدائمة والتي توصي برفع الدعم وتعويم العُملة الوطنية، وتهمل الجزء المتعلق بخفض الإنفاق الحكومي. هذه الروشتة سيئة السُّمعة، والمُجرّبة في بلاد كثيرة بلا فائدة، تحاول على الأقل أن تُقسِّم التبعات المالية على الشعب والحكومة بنسب غير مُتوازنة طبعاً، لكنها تعتقد بأنّ خفض الإنفاق الحكومي قد يحمل رسالة للشعب بأنّ كل الأطراف تُعاني وتتحمّل جُزءاً من المُعاناة الاقتصادية. لكن قوة عين حُكومتنا لا مثيل لها، فهي تفعل العكس تماماً، ترهق كاهل الشعب، ثم تتوسّع هي في الإنفاق الحكومي بزيادة عُضوية المجلس الوطني ومجلس الولايات، وفي الطريق حكومة مُترهلة أخرى ستزيد من حجم الإنفاق، بجانب عشرات الأجسام والأجهزة التي تُوزّع على المحاسيب والمُؤلفة قُلُوبهم. وقبل أن يبادر أحد بحجة العائد السياسي المُتوقع من زيادة عضوية المَجلسيْن والحكومة، نقول إنّ الجواب يعرف من عنوانه. فحصاد الحوار الوطني واضحٌ تماماً للعيان، لا الحكومة تحترمه وتعترف به، ولا القوى المُشاركة فيه، عدا الأخ عبود جابر، ترى فيه شيئاً جديداً أو إضافة يُمكن أن تُساهم في حل مشاكل البلاد. ليس هناك من عائد سياسي مُتوقّع، والأزمة السياسية لا تزال تحكم قبضتها على البلاد وتحتاج لعملٍ آخر جادٍ ومسؤولٍ ليخرج البلاد من الهاوية التي تنحدر إليها. كان من الأفضل للبلاد توجيه المَوارد المَحدودة لعمل تنموي نافع، دعم الزراعة وقطاع الثروة الحيوانية مثلاً، وميزانية مجلس الولايات لو تَمّ توجيهها في هَذَيْن المَجَاليْن، لكان في ذلك منفعة للبلاد والعباد. altayar
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة