خبر من فرط تكراره أصبح بدرجة ممل جداً.. نشرت صحف أمس أن مباحث حماية المستهلك ضبطت مصنعاً للحوم المصنعة في المنطقة الصناعية "سوبا" يستخدم لحوماً منتهية الصلاحية وأخرى ربما مجهولة المصدر لها رائحة كريهة وقد تكون غير صالحة للاستخدام الآدمي. المشكلة ليست في الواقعة، بل في كونها دخلت حيز (المعتاد).. لا يمضي وقت طويل حتى يعود ذات الخبر- ربما- بتعديلات طفيفة فيصبح المقبوض عليه هذه المرة زيوتاً تالفة.. أو منتجات غذائية أخرى.. المهم يبقى المضمون يفضح إلى أي مدى وصل بنا الحال. ولا أقصد بالحال فساد الذمم وخراب الضمائر؛ بل غياب المحاسبة والمسؤولية.. كأني بشعار الدولة (افعل ما شئت.. لا تدين ولا تدان). في الماضي؛ مثل هذه الحالة استدعت أن يرسل الله لها الأنبياء والمرسلين.. لعلاجها وإصلاح القوم الذين تورطوا فيها.. لكن زمن الأنبياء ولى وفات.. ولم يعد في الإمكان الانتظار والتعايش مع مثل هذا الواقع؛ لأنه ينهار في بئر سحيق بالأمة كلها. كل يوم يتصل بي بعض القراء يعرضون علينا شكاوى في مختلف ضروب الحياة التي تحيط بهم.. كلها على ذات الشاكلة.. ترسم صورة قاتمة لمجتمع ينخر السوس فيه بلا رقيب أو حتى ضمير قادر على الجهر بالنصيحة. في كل مناحي الحياة حولنا تحولنا إلى أكذوبة وحالة غش كبرى.. تملأ المساجد بالمصلين تماماً كامتلاء المتاجر بالبضائع الفاسدة المغشوشة.. تزداد غرر المحجلين بمثل زيادة غرز المحششين.. راجعوا صفحتنا الأولى اليوم وحدقوا في أرقام المخدرات التي ضبطتها السلطات في بعض المناطق.. علماً أن ما يضبط- عادة- لا يمثل أكثر من 10% من الحجم الحقيقي لتجارة المخدرات.. وبدلاً من الخوف على شبابنا في الجامعات بات القلق على أطفالنا في مراحل التعليم العام الأدنى. ليس في وسعنا التعايش مع هذه الحالة أكثر مما فعلنا.. لم تعد مسؤولية الشرطة أو الجهات العدلية- وحدها- نحن كلنا شركاء في الجريمة إن رضينا أو سكتنا على مثل هذا السقوط المريع. من المحتم الذي لا يقبل التأجيل أن تنشأ حالة رفض للإفلات من المحاسبة والمسؤولية.. فكما نقرأ كل يوم عن ضبط سلع فاسدة يجب أن نقرأ عن مصير الذين يتورطون في مثل هذه المخالفات الجسيمة.. لا يصح أن نسمع بالجريمة ولا نرى المجرم بين جدران جريرته التي ارتكبها بكامل رشده. مطلوب أن نقرأ عن مصائر الذين ضبطوا في المرات السابقة.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة