:: بعد تحرير سعر صرف الدولار المخصًص لإستيراد الأدوية، أي بعد رفع الدعم عن الأدوية بحيث تِشترى وتباع بأسعار ( السوق الأسود)، بعد هذا القرار المؤلم زار وزير المالية مع النائب الأول لرئيس الجمهورية وزارة الإرشاد ، وقال هناك مٌباهياً : ( حج هذا العام كان مدعوماً من قبل المالية)..تأملوا قمة التناقض وجبل التنطع.. يدعم حج الأثرياء والمقتدرين ويتباهى بالدعم، ثم يرفع الدعم عن أدوية الفقراء والأرامل واليتامى بمنتهى (اللامبالاة و اللامسؤولية).. وما لم يكن لهذا الوزير دين آخر غير الإسلام الذي نؤمن به جميعاً، فأن الحج - مهما كان حجم التكاليف - لمن إستطاع إليه سبيلاً..!! :: لم نسمع بمواطن إنتقل إلى رحمة مولاه بمطار الخرطوم أو ميناء سواكن وقالت التقارير الطبية بأن سبب الوفاة (عشان ما قدر يمشي الحج)..ولكن لو ذهب وزير المالية ومحافظ البنك المركزي و عباقرة الفشل بالقطاع الإقتصادي للحزب الحاكم، لو ذهبوا صباح اليوم إلى المشافي و تفقدوا أحوال الناس سوف يجدون أمام المشافي وفي شوارعها من الناس من يتسول (تكاليف روشتة)..ومن يحتضر - تعففاً - ومحروما من حق العلاج بما يتناسب الدخل المحدود، وناهيك عن المجاني المرفوع شعاراً .. أدوية هؤلاء هي التي تستحق الدعم بلا حدود، وليس حج الذين يحجون (كل عام)..!! :: وعليه، قبل رفع الدعم عن الأدوية كان على وزير المالية و محافظ البنك المركزي وصناع الفشل في القطاع الإقتصادي أن يتفقدوا أحوال الناس التي أصبحت (أهوالاً)، من وطأة سياساتهم ..وكان عليهم أن يدخلوا في أزقة العامة وأسواقها، وفي بيوت الطين وغرف الكراتين وخيم النزوح، ليجدوا السواد الأعظم الذي يقضي نهاراته بنصف (وجبة)، ثم يلتحف بالجوع وأنين أطفاله لياليه..لا تعرفونهم، وربما لم تسمعوا بهم، ولذلك ليس في الأمر عجب بأن لا تشعر ضمائركم بأوجاعهم وألامهم حين ترهقونهم برفع الدعم عن قوتهم و حليب أطفالهم لحد الإصابة بسوء التغذية ، ثم برفع الدعم عن أدويتهم، وكأن إحتضارهم ( يُزعجكم)..!! :: والمحزن أن وزارة المالية تضحك على عقول الناس بحيث يكون القرار الكارثي (تحرير سعر الصرف للدولار المخصص للأدوية مع الإبقاء على تسعيرة مجلس الأدوية)، ثم تظن بأن مثل هذا التلاعب بالمصطلحات قد تحمي العقول عن التفكير في مخاطر القرار .. تحرير سعر دولار الدواء يعني مساواته هذا الدولار مع سعر السوق (15.8 جنيه)، وليس كما كان بسعر البنك المركزي (7.5 جنيه).. وهذا يعني تضاعف (سعر الدواء)، وأن مجلس الأدوية سوف يحرص على رقابة هذا (السعر المضاعف)، وهذا ما أسموه في القرار ( مع الإبقاء على تسعيرة مجلس الأدوية)، أي الإبقاء على تسعيرة مرفوع عنها ( الدعم ).. !! :: وحال الحكومة التي تحرس أدوية مرفوع عنها الدعم لا يختلف كثيرا عن حال من يحرس ويراقب عمليات بيع وشراء البطيخ و الطماطم في السوق المركزي .. تجار الدولار هم من يحددون أسعار الأدوية، وعلى الحكومة حماية ورقابة أسعار تجار الدولار، أو هكذا القرار .. فما جدوى سلطات عاجزة حتى عن سداد فاتورة أدوية لا تتجاوز ميزانيتها في العام ( 300 مليون دولار)، بحيت تلزم المواطن عن توفيرها من تجار الدولار أو يموت ؟.. وبعد ذلك سوف يحدثونك عن مكافحة الفقر، وقد ينجحون في المكافحة حين يموت الفقراء بالعجز عن شراء أدوية مسحوب دعمها لصالح الوزارات التي تضج بوزيرين أو أكثر ( بلا جدوى)..!!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة