الحوار .. والأفعال !! (وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ) صدق الله العظيم لقد إنتهى الحوار الوطني، واحتفل المؤتمر الوطني بمخرجاته، واخرج جموع الموظفين، من عملهم، لحضور الإحتفال، بالقوة، قوة التهديد الاداري، فقد علقت في كافة الوزارات، ورقة كتب عليها ( تقرر مشاركة جميع العاملين في احتفالية دعم مقررات الحوار الوطني بالساحة الخضراء في يوم الثلاثاء 11/10/2016م في تمام الساعة التاسعة والنصف صباحاً عليه نرجو التقييد بلاجراءات التالية: اخذ تمام الصباح كيوم عمل عادي لا يسمح فيه بالغياب. يتم التحرك من رئاسة الوزارة. ويتم اتخاذ التمام عند التحرك وبعد نهاية البرنامج. ونرجو عدم تعمد الغياب منعاً للحرج )(مصادر التواصل الاجتماعي) كما أخرج طلاب المدارس، وتم ترحيلهم الى الساحة الخضراء،وحرمانهم من الدراسة والتحصيل!! هذا مع ان مخرجات الحوار، قد جاء فيها:(5- احترام وتعزيز وحماية حقوق وكرامة الانسان 9- حرية التعبير والتنظيم والتجمع والتنقل والمشاركة في الحياة العامة)(سونا 9/10/2016م).وهكذا قامت الحكومة بنفسها، بمخالفة مخرجات حوارها، قبل ان يجف مداده!! وكسائر لقاءات المؤتمر الوطني، تمت أغاني الحماسة، ورقص السيد الرئيس، على أنغامها، طويلاً !! وليس رقصه في حد ذاته مشكلة، بل لعله تعبير لطيف، أفضل من الغضب، والتشنج، والإساءة اللفظية للآخرين، التي كثيراً ما تعتور خطاباته .. ولكن العيب إنما يجئ من أن ظروف السودان، لا تسمح لأي مسؤول، أن يغني أو يرقص .. فهنالك سودانيين، منهم نساء،وأطفال، ضربوا بالأسلحة الكيماوية !! وهم الآن موتى، ومرضى، ومجرحون،ومشوهون، وتملأ صورهم صفحة منظمة العفو الدولية .. فهل رأى السيد الرئيس صورهم، ثم طاب له بعد ذلك أن يرقص ؟! وهناك إضراب للأطباءالذي إستمر لأكثر من اسبوع، ولم تستطع الحكومة التوصل معهم الى حلول مرضية، ومن حق الأطباء أن يرفعوا مطالبهم، الخاصة، بتوفير المواد والمعدات الطبية، وتحسين المستشفيات، ووضع الأطباء، وحيث أغفلتها الحكومة، فمن حقهم أن يضربوا، مع أن اضرابهم يزيد من حالة المرضى سوءاً .. فلماذا يفرح الرئيس بمخرجات الحوار، لدرجة الرقص، وشعبه يعاني من المرض، ولا يجد العلاج لأن الأطباء مضربين، والحكومة عاجزة، عن الإستجابة لمطالبهم العادلة ؟! إننا شعب يعيش في حروب أهلية، يموت فيها العشرات كل يوم، في جبال النوبة، وفي دارفور، وفي النيل الأزرق، والآلاف من أبناء شعبنا يعيشون بين اللجوء والنزوح ، وأجزاء كبيرة من بلدنا، سلبت، مثل الفشقة، وحلايب، والأزمة الاقتصادية التي تحتوشنا، والغلاء يطحننا، والصراعات تهدد وجودنا، كوطن،ومع ذلك، تريد حكومة الاخوان المسلمين، أن تحولنا الى أمة رقص، وطرب،حتى نصبح كما قال الشاعر : أمة قد فت فــــــــي ساعدها * بغضها الأهل وحب الغربا تعشق الألقاب في غير هدى * وتفدي بالنفـــــــــــــــــوس الرتبا وهي والأحداث تستهدفـــــــــــــــــها * تعشق اللهو وتهوى الطربا إن مخرجات الحوار، فيها كثير من المسائل الجيّدة، والتي لو طبقت فعلاً،لنقلت البلد الى وضع جديد .. ومن ذلك مثلاً ( 3-تكون المواطنة هي الأساس والمعيار لكافة الحقوق والواجبات لكل أبناء السودان 4- حرية الفكر والإعتقاد وممارسة الشعائر الدينية دون إكراه أو ضييق 5- احترام وتعزيز وحماية حقوق وكرامة الإنسان 7- إعمال مبادئ الشفافية والمساءلة المحاسبية والمؤسسية وسيادة حكم القانون 14-الفصل بين السلطات القضائية والتشريعية والتنفيذية 21- الإلتزام التام بحقوق الانسان كما وردت في المعاهدات والمواثيق الدولية 23-حق الحياة : لكل شخص الحق في أمان روحه وسلامة نفسه وطلاقة مساعيه في الحياة ولا يحق حرمان شخص من هذا الحق الأصيل في الحياة إلا وفق قانون ماض وقضاء فيه فاصل يجيز العقاب لمتهم ثبتت جنايته 27- حرية الاعتقاد والمذاهب: لكل انسان الحق في حرية الاعتقاد وممارسة الشعائر الدينية وله الحق في التعبير عن دينه وعقيدته بالشعائر والاحتفالات وفقاً لما ينظمه القانون العادل ولا يكره احد على اعتناق دين لا يؤمن به ) هذه مجرد نماذج، وهناك الكثير غيرها، ولكنني إخترت هذه، لأنها تشكل المبادئ، التي ظلت حكومة الاخوان المسلمين، مفارقة لها، منذ عام 1989م وحتى الآن !! فإذا قالت الحكومة لنا اليوم، أنها ستفتح صفحة جديدة، تحقق بها الحريات العامة، فمن حقنا أن نتساءل: لماذا يتم ذلك الآن، ولم يحدث طوال أكثر من ربع قرن من الزمان ؟! فحكومة الاخوان المسلمين، لم تلتزم يوماً بحق المواطن في الحياة، بل ضربت بالرصاص، طلاب المدارس، وضربت بالسلاح الكيماوي، المحرم دولياً، المواطنين المدنيين، العزل، في جبل مرة !! وهي لا ترعى حق المواطن في الكرامة، ولذلك تم بواسطة جنودها ومليشياتها، إغتصاب حوالي 200 إمراة في قرية "تابت" بدارفور .. وهي لا ترعى حرمة للحرية، بدليل ان نشطاء حقوق الإنسان، ومنظمات المجتمع المدني، يقبعون في السجون، وقد قفلت مراكزهم، وصودرت ممتلكاتهم، ويواجهون تهماً عقوبتها الإعدام !! وحكومة الاخوان المسلمين، لا تؤمن بالفصل بين السلطات،لأن السيد الرئيس، قد تدخل، وألغى قرارات المحكمة العليا، أكثر من مرة ..وهكذا يشهد تاريخ حكومة الإخوان المسلمين، على مخالفتها جميع ما جاء في مخرجات الحوار .. فلماذا نصدق، الآن، أنها ستفعل كل ما جاء في مخرجات الحوار الوطني ؟! على أي حال، حتى يصدقها الشعب، لابد أن تذكر الحكومة السبب، في تغير نهجها، من البطش الى السماحة،والديمقراطية.. فإذا كان السبب هو إقناع المجتمع الدولي، بأنها حكومة ديمقراطية، تمثل الشعب، حتى ترفع منها العقوبات، أو كان السبب الوصول الى إيقاف الحروب الداخلية، والمظاهرات، التي قد تهدد الكراسي.. فإن هذه أسباب عارضة، تحاول الحكومة أن تتجاوز بها أزمة، أو تخدع بها المجتمع الدولي .. أو تكسب وقتاً، تستعد فيه للمزيد من الإعتداءات والحروب. أما لو ذكرت لنا حكومة الإخوان، إنها اصبحت، الآن، مؤمنة بالحرية،والديمقراطية، والمواثيق الدولية لحقوق الانسان، وأنها قد إكتشفت أن فكرة الاخوان المسلمين، التي كانت عليها، فكرة خاطئة، فقد ننتظر تغيير، ولكن هنالك جرائم تمت، قتل فيها مواطنين سودانيين، لا يمكن ان تذهب بغير مساءلة، وأن مصداقية الحكومة، توزن بفتح البلاغات، في جرائم القتل،وجرائم الفساد، فإن لم تفعل، فإن التصديق بأنها ستقوم بتنفيذ، ما جاء في مخرجات الحوار الوطني، يصبح ضرباً من العبث. إن مؤتمر الحوار الوطني الحالي، لم يكن أول مؤتمر حوار وطني!! فقد كان هناك مؤتمر حوار وطني عقد عام 1990م، حين كان إنقلاب "الإنقاذ" يسمي نفسه "ثورة"، قبل أن يسفر عن وجهه الإسلامي، جاء عن مخرجات ذلك المؤتمر (إن مسألة فصل الجنوب عن الشمال غير واردة في برنامج الثورة و أن الثورة لن تفرط في شبر واحد من الاراضي السودانية. كذلك ان ممثلي الاقليم الجنوبي في مؤتمر الحوار الوطني لم يتحدثوا اطلاقا عن فصل الجنوب وان الثورة تعتقد ان تطبيق الفيدرالية كنظام للحكم في البلاد هو توصيات الشعب السوداني الممثل في اعضاء المؤتمر الوطني)(مواقع التواصل الاجتماعي). هذا ما قررته حكومة الإنقاذ، في ذلك الوقت، ولكن ما الذي حدث بعض ذلك ؟! الذي حدث أنهم فرطوا في الأراضي السودانية،فانتزعت منهم، بواسطة دول الجوار، ولم يحركوا ساكناً، بل قاموا ببيع آلاف الأفدنة من الأراضي الصالحة للزراعة بثمن بخس !! ثم إنهم بعد ذلك عجزوا عن الفيدرالية، فيما يخص الجنوب، أكثر من ذلك !! قاموا بفصل الجنوب،وهو ما ذكروا في مخرجات الحوار الوطني لعام 1990م أنه غير وارد !! فإذا كذبوا على الشعب في مؤتمر الحوار الأول، فهل يصدقون في مؤتمر الحوار الثاني ؟! لا !! ولا كرامة . لقد لفت حكومة الإخوان المسلمين، الحبل حول عنقها، بما أعلنته، وأشهدت عليه العالم، من مخرجات الحوار الوطني .. لأنها لو حاولت المخادعة، ولم تنفذ شيئاً من المخرجات، فقدت المصداقية، عند الدول القريبة منها، وعند الشعب،وأعطت المعارضة أدلة جديدة، تقوي منها، وتجلب إليها كثير من المؤيدين، مما يزيد المعارضة قوة، والحكومة ضعفاً .. أما إذا كانت صادقة، ورفعت الرقابة عن الصحف، وطبقت ديمقراطية حقيقية، تم نقدها، بصورة تنزع عنها كل مساعدة، وتهيئ الشعب للثورة ضدها، واسقاطها .. ولذلك فإنها قد وضعت نفسها، بين أمرين، أحلاهما مر.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة