:: ليس هناك ما يمنع تذكيركم بحكاية (علي بن جلبة).. عاش شاعراً متملقاً في العهد العباسي، واشتهر في كتب التاريخ بلقب (العكوك)، ولم أجد لهذا اللقب معنى، وربما يعني تلك الصفة.. دخل هذا العكوك يوماً على الأمير أبي دلف العجلي، وكان هذا من كبار قادة العباسيين، ثم أنشد فيه قائلاً بلا حياء: (أنت الذي تنزل الأيام منزلها، وتنقل الدهر من حال إلى حال/ وما مددت مدى طرف إلى أحد، إلا قضيت بأرزاق وآجال)..!! :: مدح الأمير لحدٍّ رفعه إلى مقام الخالق الرازق، والعياذ بالله.. وبلغ الأمر الخليفة المأمون، فأمر حراسه بإحضاره.. ثم أمرهم : (لقد أشرك عكوك بتلك الأبيات وكفر، ويجب نزع لسانه من فمه).. ونزعوه، فمات..مات العكوك، ولكن لم يمت التملق في تلك المدينة.. عفواً، ليس في تلك المدينة فحسب، بل في كل مدائن الناس لا يزال البعض من الذين نصفهم برموز المجتمع يمشي بسيقان التزلف..!! :: وعلى سبيل المثال، نقرأ ما يلي بالنص:.. يوم أمس، بعد أن التقى بلجنة الأطباء عبر مبادرة المجتمع المدني الطبي، أبدى وزير الصحة المركزية بحر أبوقردة ترحيبه بالمبادرة، ثم وعدهم بدراسة المذكرة وبتشكيل لجنة مشتركة لمتابعة تنفيذ المطالب..!! :: ومن مكتب وزير الصحة، توجه الأطباء إلى المجلس الطبي بدعوة من المجلس وبعض أساتذتهم، وهناك اجتمعوا (سبع ساعات).. واتفقوا على تنفيذ بعض المطالب حالياً، والبعض الآخر بجدول زمني متفق عليه..ولكن، ما أن ختموا اجتماع المجلس الطبي - باتفاق - بعد منتصف الليل، اتصل بهم الدكتور عبد اللطيف عشميق، رئيس اتحاد الأطباء، طالباً تسليمه المذكرة وما فيها من التفاصيل بحيث يسلمها - سيادته - للسلطات الحكومية، فرفضوا لتستمر الأزمة.. !! :: لو لم يتدخل عشميق طالباً (أجر المناولة)، لحصدت كل الأطراف - اللجنة، السلطات، الأطباء، المرضى- مكاسب الحدث مساء أمس أو صباح اليوم .. ولكن عشميق أفسد على الجميع حصد المكاسب، لتستمر الأزمة في المشافي العامة لصالح المشافي الخاصة، بما فيها مستشفى دريم و مركز عشميق.. والزيتونة طبعاً..!! :: وعليه، إن كانت ثمة دروس في الأزمة، فإن أولها إعادة النظر في قيادة القطاع الصحي والطبي.. نعم، من الخطأ الفادح أن يكون على سدة القطاع الصحي والطبي - وأجهزته التفيذية والنقابية العامة - من يُمكن وصفهم بتجار الأزمات و(سماسرتها).. وليست هذه الأزمة فقط، بل كل أزمات القطاع الصحي والطبي تتحول إلى مكاسب ومصالح ثم تنهمر إلى خزائن أصحاب (المراكز والمشافي الخاصة)، ولذلك هناك من يجتهد في أن يظل القطاع العام (متردياً) و(خاملاً) و (مأزوماً)..!! :: أين كان اتحاد عشميق طوال السنوات الفائتة؟..وأين كان عشميق واتحاده طوال أشهر الاعتداء على الأطباء حين يموت المريض لعدم توفر الأجهزة المنقذة للحياة؟، ولماذا كل هذا التقزم لحد استخدام سلطة الاستيلاء على حصاد زرع ليس لعشميق فيه مثقال ذرة من جهد (السقي والرعاية) ..؟؟ :: ألم يكن اتحاد عشميق صامتاً أمام الجريمة التي ترتكبها سياسات حميدة في حقوق الأطباء والمرضى؟، فلماذا يهرول بعد منتصف الليل؟..ليس في الأمر عجب، لكل قطاع عكوك يتزلف ويتملق، ويبدو أن عكوك القطاع الطبي هو (اتحاد عشميق)..سلموه المذكرة، لينال (أجر المناولة)..!!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة