:: نجح علماء النفس في تصنيف العقل إلى (إرادي) و (لا إرادي)..فالإرادي هو ما يتحكم به الإنسان على الأشياء، بما فيها (لسانه).. أما اللا إرادي فهو ما لا يستطيع أن يتحكم به على الأشياء، بما فيها (لسانه).. وعلى سبيل المثال، يكون أحدنا قد أحدث أمراً ما والناس نيام، ثم يطلع الفجر ويكتشف الجيران الحدث، ولكنهم لا يعرفون الفاعل.. وهنا يظن العقل اللا إرادي - للفاعل - بأن نظرات الجيران تتهمه وعليه نفي الاتهام، فيرتبك ثم ينفي قبل أن يتهموه شفاهة..!! :: وعلى سبيل مثال آخر، نقرأ هذا النص بالانتباهة : (رفعت وزارة الصحة بالخرطوم راية التحدي معلنة أن وزيرها مأمون حميدة لن يستسلم تجاه ما يجري بالحقل الصحي بالخرطوم، وجزمت المصادر بعدم تقديم حميدة لاستقالته وفق ما رشح بوسائل التواصل، وقال مسؤول رفيع بالوزارة إن وزير الصحة يمارس نشاطه بصورة طبيعية ولم يتقدم باستقالته، وتابع أحوال المستشفيات من مكتبه)..لم تصدر أية شائعة ذات صلة باستقالة وزير الصحة بالخرطوم، ولكن - بالعقل اللا إرادي - صنع هذا المصدر (شائعة الاستقالة)، ليقول للناس والصحيفة - بالعقل اللا إرادي أيضاً- بأن الوزير لن يستسلم..!! :: للأطباء مطالب يعرفها القاصي والداني، وقد أقرت بها السلطات الصحية المركزية وتفاوض وتعمل على تنفيذها، وفي ذلك مكاسب للمريض قبل الطبيب..ولكن ليس في مطالب اللجنة ما يُشير - تصريحاً أو تلميحاً - طلب استقالة وزير الصحة بالخرطوم..هذا الطلب المهم (شعبي وإعلامي)، وهو طلب مشروع.. واليوم، ناهيكم عن المراكز المحايدة، فلو أجرت أية سلطة مركزية أو ولائية استفتاءً - في الشارع العام - فإن شعبية هذا الوزير لن تتجاوز عدد مواطن واحد اسمه (إمام محمد إمام)، وربما بعض الذين يديرون (وزارته وجامعته وزيتونته)..!! :: ولكن لم يرد طلب استقالته في (مذكرة الأطباء)، ومع ذلك هناك إحساس عميق لوزارة الصحة بالخرطوم بأن وزيرها (غير مرغوب فيه)، ويجب أن يغادر هذا المنصب، ولذلك خرج المصدر الوزاري للناس والصحف متحدياً بالعقل اللا إرادي: (لن يستسلم وزيرنا).. فالتصريح غير مسؤول، والتحدي هنا في غير موضعه، ولكن العزاء أن الألسن والعقول فقدت فضيلة (الكنترول)، بحيث صارت التصريحات والتحديات عشوائية كما حال أقسام الحوادث والطوارئ، ومتردية كما أحوال المشافي العامة، ولذلك يجب على المتلقي أن يجد لهذه الألسن والعقول (كل العذر)..!! :: ولو كان الملقب - في خبر الانتباهة - بالمسؤول الرفيع مسؤولاً لطرح (أصل الأزمة)، ولناقش أسبابها وعرض حلولها بحيث يتجاوز المريض والطبيب هذه الأزمة التي لا يشعر بآثارها أصحاب المشافي الخاصة و (زبائنهم).. هي أزمة يكتوي بنارها الفقراء والبسطاء وذوي الدخل المحدود..وما كان يجب على المسمى بالمصدر المسؤول اختزال أزمة بهذا الحجم في الدفاع عن منصب وزيرهم لحد (رفع راية التحدي)..ولو كانت لوزارة الصحة بالخرطوم قدرة على التحدي - وصبراً على عدم الاستسلام - لتحدت بقدرتها وصبرها أسباب تردي المشافي ولما استسلمت للأسباب.. !! :: ولقد صدق المسؤول بنفي استقالة وزيرهم، ونحن نؤكد النفي ثم نسأل: لماذا وكيف يستقيل؟..فالكل يعلم بأن وخزات الضمائر - التي ترغم العاجز والفاشل على الاستقالة - ليست أجهزة طبية بحيث نشحن بها الدفارات ونفرغها في نفوس المسؤولين..!!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة