جاؤوا زرافات.. زرافات إلى قاعة الصداقة ليقدموا توصياتِ مجتمعٍ هلامي إلى راعيهم البشير.. قالوا إنه حوار مجتمعي.. و نتساءل: عن أي مجتمع يتحدثون؟ إذا كانوا يتحدثون عن المجتمع الذي نحن نعيش وسطه و نتفاعل معه، فإنهم يكذبون كعادتهم دائماً.. فمجتمعنا يصارع الحياة اليومية البائسة و لا وقت لديه لأي حوار عبثي مع أناس نكَّدوا عيشه و أحالوا حياته إلى البحث عن القوت و الدواء و عن كلمة صدق واحدة تصدر من المسئولين..
و أكد الأمين السياسي للمؤتمر الوطني السيد/ حامد ممتاز، قبل تسليم، الوثيقة، ما كنا نقوله حيث كرر أن حكومة الوفاق الوطني التي يسعون لتكوينها سوف تكون برئاسة البشير و يشارك فيها من يقبل المؤتمر الوطني به.. قالها و في ذهنه: " إياكِ أعني، فاسمعي يا جارة".. فاسمع يا أخ كمال عمر.. و أعلم أنهم يؤكدون أن تنفيذ مخرجات الحوار سوف يتم بمن حضر..!
كفاكم افتئاتاً.. و افتراءً! كفاكم يا البشير! كيف يكون حل مشاكل السودان المعقدة بمن حضر يوم 10/10/2016...؟ إن ( من حضر) سيكون تشكيلة من الشياطين و المنافقين الذين كانوا السبب في الأزمات و التحديات المعاصرة.. و لن يقدروا على ترتيب حلول لها لأنهم لا يملكون مفاتيح الحلول.. و سوف يدخلون القاعة في ذلك اليوم و يجلسون في انتظارك.. و حين تدخل أنت يقفون اجلالاً لك.. و يهللون و يكَّبِرون.. و يصفقون.. و يشهدون منافع لك و لهم داخل القاعة... و كلهم ليسوا ذوي رؤى مستقبلية للسودان.. كلهم لا يمتد خيالهم إلى أبعد من الكرسي الذي تجلس عليه و هم يحيطون بك شاخصين أبصارهم لعطية تعطيهم إياها من ما هو ليس ملكاً لك و لا هم يستحقونها..
السعودية، أغنى دولة في المنطقة، قررت تقليص رواتب الوزراء.. و أنتم سوف تزيدون عدد الدستوريين.. و خزينتكم خاوية على عروشها.. و سوف تطبعون أوراق البنكنوت لمقابلة زيادة الصرف على عدد الذين لا عمل لهم سوى الدخول في ( سلك) سياسة النهب و الفساد العام.... و سوف يحلِّق الدولار عالياً " و يعتصم بالبعد عنا" .. و تزداد أرصدة بطانتكم في البنوك.. و الشعب ينكش في الزبالة..!
سوف يزايدون في ولائهم لك داخل قاعة الصداقة المرطبة.. و كلهم ( مرطبين) لا يلفحهم الهجير في الشارع و المواصلات تهرب بعيداً عن الركاب ( الملطوعين).. و الركاب يطاردونها و هي تزوَّر عنهم هنا و هناك.. كما تزورن عنهم في المؤسسات العامة..
هل تعلم و هل بطانتك يعلمون أن وعودكم تقتل الأمل كل يوم.. فعقب الوعود الزاهية و من خلفها وعود زاهية أخرى.. يحدث الإحباط مع تكرار عدم الايفاء بالوعود الزاهية.. و يطل عدم الرضى في الشارع العام.. و من ثم يعقبه الغضب.. ثم الكراهية... لقد كرهكم الناس يا البشير.. كرهوكم كراهية التحريم.. و أنتم لا تزالون تنصبون المصائد لاصطياد العقول والقلوب.. خسئتم... خسئتم.. الشعب كاره لكم!
الجدار سميك جداً بين الشعب السوداني و نظامكم الحاكم و أشياعه.. و الخطابات المرسلة في اللقاءات الجماهيرية و الأحاديث المنمقة قبل و أثناء و بعد جلسات الحوار، بمختلف مسمياتها، و التحليلات السياسية المساندة لتوجهات النظام في وسائل الاعلام.. كلها كلمات تُقال.. دون أن تصل إلى الشعب المستهدف، و لن تصل مهما علا صوت المرسلين.. فالسخرية و الاستهزاء الملفوفتان داخل صُرة من تراكمات عدم الثقة تحول دون وصول الرسائل الكذوبة إلى الشعب الساخر من التراجيديا السودانية على مسرح القرن الحادي و العشرين..
فالشعب المعلم قد تعلم و أدرك أننا لن نأكل مما نزرع.. وأن الصين و غيرها هم الذين سوف يزرعون لنا.. و لن نلبس مما نصنع و مصانع النسيج التي كانت ملء السمع بماكيناتها و ملء البصر بمنتوجاتها قد لحقت مشروع الجزيرة الذي كان الداعم الأساسي لاقتصاد البلد.. و هو الذي أسكننكم الداخليات النموذجية و أكلكم أشهى الأكلات و علمكم تعليماً مميزاً.. و منحكم ( البيرسري).. و رحلكم من قراكم و نجوعكم المهمشة إلى الخرطوم.. و حين شببتم عن الطوق هشمتموه.. ثم أحرقتموه.. و سلمتم الأرض للصينيين بأبخس الأثمان!
و تتحدث أنت عن اصلاح أجهزة الدولة الذي خططتم له.. و تتحدث عن السلام و الحريات السياسية و التعليم لتمكين المجتمع " ليتقدم على الدولة"! إنك تضحك الشعب مجدداً عليك و أنت تقول ذلك.. لأن المعروف هو أن مجتمع المؤتمر الوطني هو المجتمع الذي يتقدم على الدولة في كل شيئ.. و من يستمع إلى خطابك بعيداً عن السودان، يعتقد أنك تتحدث بجدية لا مثيل لها، أما نحن، سودانيي الداخل، فنضحك حتى تختلط الدموع الساخرة بالدموع التي تتقطر حزنا لأننا ندرك مرارة الواقع!
كم تمنيت أن تضع يا البشير ( طاقية اخفاء) على رأسك و تذهب إلى أماكن تجمعات الناس في الأسواق.. و مناسبات الأفراح و الأتراح.. و تقف أمام البقالات.. و زرائب الفحم.. و الجزارات.. و تركب إحدى الحافلات.. ليتك تشارك بعض العوام في تشيع جنازة من الجنائز التي تكاثرت هذه الأيام، و تصطحبها حتى مثواها الأخير ..ليتك تدخل إحدى الصيدليات الشعبية و الناس يحاولون إكمال فاتورة الدواء بشق الأنفس.. ليتك و ليتك و ليتك.. صدقني لو قمت بفعل كل ذلك، لعلمت كم هو مقدارك أمام الشعب و مقدار اللعنات التي تنهال عليك.. و لو حضر سيد البشر، صلى الله عليه و سلم، يوم تشييع جنازتك، بعد عمر طويل و ذنوب كثيرة، و مرت جنازتك أمامه و الناس يقولون ما يقولون عنك و عن بطانتك، لقال سيد البشر:- " وجبت! وجبت!" و العياذ بالله!
و تطالب بطانتك بالاستعداد للانتخابات متى ما تم التوافق على قيامها و وجهتهم بالنزول إلى القواعد والارتباط بها .. صدقني يا البشير، ليست لديك قواعد.. و ليس لدى الشعب السوداني رفاهية الاهتمام بالانتخابات إلا بعد زوال الكابوس عن كاهله.. و لا كابوس حالياً سوى نظامكم المرتبك..
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة