عليك لوحدك، أيها السوداني، ديون تبلغ مليار و 250 مليون دولار! هذه هي الحقيقة طالما أنك ضمن السودانيين البالغ عددهم 35 مليون نسمة!
لا تسلني عن نصيبك من مليارات الدولارات التي ضخها البترول في خزينة نظام ( الانقاذ) إبان الوفرة و الانتعاش.. لكن يمكنك أن تسألني عن كم يبلغ حجم مديونية السودان ( الذي عليك عبءُ جزءٍ منها)، فأقول لك حجم ( مديونتنا) هو 45 مليار دولار.. كما يمكنك أن تسأل عن ترتيب السودان في قائمة الدول غير الفاسدة فأقول لك أن السودان في المرتبة الثالثة قبل الأخيرة بين الدول الأكثر فسادا في العالم، حسب مؤشرات منظمة الشفافية الدولية لعام 2014..
و ربما سألت عن ترتيب السودان في قائمة الدول من حيث الناتج المحلي الاجمالي، فأقول لك إن رقم السودان في ترتيب دول العالم- حسب الناتج المحلي الاجمالي في قائمة البنك الدولي للعام 2014- هو الرقم 78 من 188 دولة.. بناتج محلي اجمالي يبلغ " 74،766 " مليار دولار..
في مقال له بجريدة سودانيزأونلاين الاليكترونية بتاريخ 8/3/2013، نقل الأستاذ/ كمال سيف، نقلاً عن ما جاء في الملحق الاقتصادي للجريدة الماليزية ((The News Straight Times، أن استثمارات السودانيين في ماليزيا تُعد من الاستثمارات المهمة و تبلغ حوالي 7% ( 7.583) من رأس المال الأجنبي المستثمر في ماليزيا و البالغ أكثر من 13 مليار دولار....." هذا ما هو ظاهر.. أما الخفي من الاستثمارات السودانية هناك، فأكثر من ذلك بكثير..!
و قد تتساءل عن ترتيب دولة ماليزيا في القائمة المذكورة، فأقول لك أن رقمها هو 35 في القائمة.. و ناتجها المحلي الاجمالي قدره 338،108 مليار دولار..
ضخ متنفذو نظام الانقاذ مليارات الدولارات في شريان الناتج المحلي الاجمالي لدولة ماليزيا، و لم يكتفوا بذلك بل ضخوا مليارات كثيرة أخرى في دبي و البحرين و الصين و تايوان و سنغافورة و دول أوروبا الغربية.. حسابات بنكية بفوائد ( ربوية) مغرية.. و شركات ناجحة و سلاسل فنادق! مليارات كانت كفيلة بإنعاش الاقتصاد الكلي و وضع السودان في موقع الدول الدائنة و ليس الدول المدينة كما هو عليه حالياً..
إن بلوغ حجم الديون المتراكمة على السودان إلى 45 مليار دولار حسب أرقام صندوق النقد الدولي للعام 2014، يعني أنك، كمواطن سوداني، مدين بحوالي مليار و 250 مليون دولار للدول الأخرى! بينما يبلغ الانفاق على الدستوريين الحاليين و السابقين حوالي67 مليار جنيهاً في السنة، أي ما يساوي حوالي 5 مليار دولار ( بسعر السوق الموازي أي 17 جنيه مقابل الدولار) و 10 مليار دولار (بالسعر الرسمي أي 6.8 جنيه للدولار)! و إذا كانت خدمة الديون و الجزاءات المفروضة على عدم الايفاء تبلغ حوالي ثلاثة مليارات دولار سنوياً، فإن تقليص رواتب و امتيازات الدستوريين إلى الربع سوف يفي بالغرض على نحو إيجابي.. و يقي السودان شر ( الربا) و الجزاءات المجحفة التي تتالى عليه من الدائنين..
لقد بلغ سوء استخدام الموارد المادية و البشرية منتهاه.. و كان تمكين أهل الولاء ، و لا يزال، هو أول أولويات النظام.. ما جعل التخطيط الاقتصادي يعتمد على سياسات و ( نوايا) لا تساندها المعطيات المتاحة و الكوادر المؤهلة.. فانتصرت السياسة على الاقتصاد.. و لم نعد نأكل مما نزرع و لا نلبس مما نصنع.. و صارت دول الخليج تصدر لنا الزيوت و الألبان.. و الصين تلبسنا و سوف تزرع لنا في أراضينا عما قريب..
و قد طلب النظام ( الانقاذ) قرضاً إضافياً من الصين قبل أشهر.. رفضت الصين إعطاءه أي قرض ما لم يسدد ما عليه من أقساط.. و فجأة سمعنا، أن الصين سوف تزرع مليون فدان في السودان، منها 450 الف فدان قطن في ولاية الجزيرة!
ما الذي حدث؟ لا بد من أن الصين قد نجحت في لي ذراع النظام لاستلام أرض الجزيرة المرهونة لديها لمدة لا تقل عن 90 عاماً.. و لا بد من أن النظام قد ( نجح) في الحصول على مزيد من القروض من الصين بمزيد من الشروط المرتبطة برهن الأرض و ما في باطن الأرض!
و جاء في تقرير لوزارة المالية والتخطيط الاقتصادي أن السحب ( من القروض والمنح) خلال الربع الاول من العام الحالي بلغ 1.3 مليار جنيه تم توجيهها لمشروعات التنمية القومية والولائية ..و أن الوزارة لا تزال ( تجتهد) لاستقطاب المزيد من المنح من مؤسسات التمويل العربية والافريقية بالإضافة إلى جهودها لتحريك للتعاون مع الشركاء التقليديين في الخليج و دول وسط وشرق اسيا ودول امريكا اللاتينية.
إن النظام يوقِعنا في شباك القروض التي تدمر اقتصادنا المدمر سلفاً.. و تحَمِّل الأجيال القادمة ما يعجزها عن النهوض.. و
أوضح نموذج نظري للسلبيات الناتجة عن الاقتراض و الأقساط و خدمات الديون هو النموذج الذي قدمه الاقتصادي المصري د. فؤاد مرسي في الصفحة 316 من كتابه القيِّم ( الرأسمالية تجدد نفسها)- طباعة المجلس الوطني للثقافة و الفنون و الآداب- الكويت بتاريخ مارس 1990- علماً بأن أسعار الفائدة كانت أدنى وقتها من الأسعار الحالية.. و لنفترض أن السحب من القروض كان مليار دولار فقط و لمدة عشر سنوات:-
تبدأ خدمة الدين ( فائدة 10%+ أقساط) من السنة الأولى في حدود 150 مليون دولار يتم خصمها من المليار دولار .. و ترتفع الخدمة الدين إلى 945 مليون دولار من مليار دولار في السنة السابعة.. و يبدأ قرض المليار دولار = سالب 60 مليون دولار في السنة الثامنة، لبلوغ خدمة الدين رقماً أكبر من الدين نفسه..
و يبلغ الهامش المتاح في السنة الأولى 850 مليون دولار.. و في السنة الثانية 705 مليون دولار و في السنة الثالثة 565 مليون و في السنة الرابعة 430 مليون دولار و في السنة الخامسة 300 مليون دولار و في السنة السادسة 175 مليون دولار.. و في السنة السابعة 55 مليون دولار.. و لا هامش متاح في السنة الثامنة.. بل على المدين أن يبحث عن دائنين جدد ليتمكن من خدمة الدين الذي عليه علاوة على أغراض أخرى..
الحالة أعلاه للديون المرَشَدة.. و قد نجحت دول كثيرة في الاستفادة من القروض.. و لم يستفد السودان لأن حكامه على دِين د. قطبي المهدي و د. صابر محمد الحسن.. في سوق العملات الصعبة..
النموذج أعلاه تبسيط شديد لما يحدث في واقع القروض التي تتمخض عنها خدمات دَّين و فوائد ( ربوية) و جدولة الديون – عند العجز عن الايفاء بالأقساط- و ديون للإيفاء بالأقساط و خدمات الدَّين.. و نلاحظ أن
و يروج النظام لاتفاق تم مع الصين لزراعة مليون فدان بالقطن في جميع ولايات السودان منها 450 الف فدان بولاية الجزيرة بواسطة شركات صينية لإعادة الحياة للقطاع الزراعي لمشروع الجزيرة..
لم يكشف النظام عن بنود الاتفاق مع الصين حول زراعة المليون فدان حتى الآن.. و مزارعو الجزيرة يطالبون بكشفها و يؤكدون ترحيبهم بالاتفاق من حيث المبدأ، مع رفضهم الشديد لزراعة القطن المحور الضار ببيئتهم.. و يتساءلون عن كيف تكون علاقات الانتاج بينهم و بين المستثمر الصيني و عن مدى عدالة تلك العلاقات.. و يسخر بعضهم من امكانية زراعة تلك المساحات الشاسعة و حال البنى التحتية بالمشروع في انهيار تام..
حين غادر البريطانيون السودان، تركوا مشروع الجزيرة في أيدٍ سودانية خالصة للمشروع أضافت إليه و أولته عنايتها و طورته رعاية المحاصيل و استنبطت عينات من محصول القطن الأكثر مواءمة للبيئة.. و كان السيد/ مكي عباس أول محافظ سوداني للمشروع و اختير السيد مكاوي سليمان أكرت خلفاً له بعد أن اختارت الأمم المتحدة مكي عباس ليكون مستشاراً اقتصادياً لها..!
كان مشروع الجزيرة مكتظاً بالكفاءات الزراعية و الادارية و الهندسية! كان مجمعاً للعمالقة.. و جاء الأقزام بالفئران و السرطان يعبثون بالمجمع و إمكاناته حتى صيروه أرضاً يباباً.. و البوم يعشعش و ينعق في مارنجان!
أنت سوداني؟ إذن أنت مدين بمبلغ مليار و 250 مليون دولار الآن! لا عليك..! سوف تتحمل الأجيال القادمة كل الديون.. هذا إذا تبقت لتلك الأجيال أرض تمتلكها في مكان كان اسمه السودان!
( لقد أخطأت خطأ مبيناً حين حمَّلت الفرد السوداني ديوناً بمبلغ مليار و 250 دولار.. و الواقع هو أن الديون التي عليه ألف و 285 دولار فقط لا غير.. و هذا خطأ جسيم حقاً أرجو من القراء المعذرة..)
و أرجوكم التكرم بوضع الكلام الذي بين قوسين في نهاية المقال المنشور أو في بدايته.. وفق ما ترونه مناسباً!
الأستاذ الفاضل / بكري أبوبكر السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : نراك تحرص كثيرا في تصحيح مقدار الأرقام والديون المفروضة على الفرد السوداني !! . ولكن بالنسبة للمواطن السوداني العادي ( الغارق في بحار الهموم ) فالأمر سيان ، وضخامة الأرقام أو تواضعها لا تعني شيئا . ومتى ما تعدت تلك الأرقام معدلات الجيب العادية حيث الجنيه والجنيهين فالأمر يدخل في مفاهيم المستحيلات ، وبالنسبة للفرد العادي تلك مجرد هلوسة في خضم الملابسات ، من الذي طالب بتلك الديون ؟؟، ومن الذي أعطى تلك الديون ؟؟، ومن المسئول عن تلك الديون ؟؟ . وأكيد مائة في المائة أن المواطن السوداني العادي لم يفوض أحدا ليستدين باسمه . ومهما تبلغ ديون السودان المليارات والمليارات ، فإنها تظل ضمن الطلاسم المجهولة . والمواطن السوداني العادي لم ينال ولم يستلم فلسا واحدا من تلك الديون عند قبضها . ولم يستفيد من الديون في لحظة من اللحظات . فلماذا عند منح تلك الديون لا يكون المواطن السوداني طرفا في الأمر ؟؟ . ولكنه دائما وأبدا يكون طرفا عند استحقاق تسديد تلك الديون !!!! . فأين العدالة في ذلك ؟؟. ولماذا يورط المواطن المغلوب على أمره في ديون لا يعرف عنها شيئا ؟؟ ، لا في الأول ولا في الآخر ؟؟ . ( وجرم جره سفهاء قوم وحل بغير جارمه العذاب ) !!.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة