سوف يوقعون على الخارطة.. و لكن هل سيقعون في شرك ( حوار) وثبة المؤتمر الوطني على واقعنا الأليم.. هل سيفعون دون الاجتماع التحضيري المرتقب لوضع الحوار على الطريق السليم؟
إن كان الغموض هو المطلوب، فقد نجح الجميع في تغييبنا عن الأحداث الجارية تحت الطاولة في أديس أبابا.. و مع ذلك لا يتوقع العارفون بنهج المؤتمر الوطني في الحوارات و المفاوضات الماكرة أن يطبق ذات النهج في الحوار الذي سيجري في الخرطوم و أديس أبابا.. و لا يتوقعون العارفون أن يتم اتفاق ذي جدوى بين 7+ 7 و بين نداء السودان حتى إذا حدث التوقيع.. لأن ثمة أعضاء في المعارضة يفكرون تفكيراً لا يتسق مع طموحات المؤتمر الوطني في الهيمنة المستدامة على مقاليد الأمور في السودان ل( مائة) سنة قادمة حسب تصريحات بعض قياداته..
السعي لتغيير النظام لا يزال يمشي ببطء.. و الصراع لأجل التغيير ما يزال يحتاج إلى نفَس طويل.. و النظام يجيد التعاطي مع المتناقضات التي تغطي ساحات المعارضين له، و هي كثيرة.. فقط، علينا ألا نتعجل الأحكام اعتباطاً، رغم تسارع الأحداث في مضمار السياسة السودانية المتخلفة تخلفاً بيناً عن واقع الأزمة السودانية المتفاقمة بأيدي الساسة.
جرت مشاحنات في صفوف المعارضة عقب اعلان الاتحاد الأفريقي رسمياً أن قوى نداء السودان ستوقع على خارطة الطريق ( سيئة السمعة) في أديس أبابا يوم الأثنين الثامن حتى 11 الشهر الجاري. و المشاحنات لن تزيد المعارضة عامة إلا ضعفاً على ضعفها.. و ستخسر قوى نداء السودان كثيراً إذا صدَق ما قاله الاستاذ/ عبد الرحمن أبو مدين، عضو وفد التفاوض عن المؤتمر الوطني، حيث أشار إلى أن التفاوض سيكون وفق خارطة الطريق التي وقعتها الحكومة دون حذف او تعديل.. و إذا صدق د. أحمد بلال ( جوبلز)، وزير الدعاية الرسمي للمؤتمر الوطني، حيث ذكر أن الحكومة مستعدة للتفاوض عقب التوقيع على خارطة الطريق والبدء من حيث إنتهت الجولات التفاوضية السابق..
هذا يعني، ببساطة، أن التوقيع سوف يتم دون أي حذف أو تعديل للخارطة التي رفضتها قوى نداء السودان بدءً ذي بدء.. و إذا تم الأمر على ذلك النحو تكون قوى نداء السودان مثل ( كريت) التي رجعت إلى البيت..!
لكن ربما حافظت تلك القوى على أصدقائها إذا أكدت فعلياً ما أدلى به المهندس/ عمر الدقير، رئيس حزب المؤتمر السوداني، لصحيفة اليوم التالي قبل أيام عن أن الاعلانات المتداولة حول كيف يتم التوقيع يوم الاثنين أمر غير صحيح و أنهم ذاهبون من أجل التباحث مع الآلية الأفريقية حول ضرورة تلبية الألية لمطالبهم وفق تعهداتها السابقة معهم . و أنهم إذا تراجعت الالية الأفريقية سوف يتراجعون عن التوقيع كذلك..
و نتساءل ببراءة، عما إذا كان ما يراه المهندس الدقير يراه جميع أعضاء قوى نداء السودان حيث لا يتم التوقيع قبل التباحث مع الآلية أم أن بعضهم يرى أن يتم التوقيع بحُسن نية؟
على أيٍّ، هناك تضارب بين رؤية النظام للتوقيع في مجمله، و بين رؤية المهندس الدقير له.. و هناك غموض يكتنف نوايا قوى نداء السودان حوله.. و غيوم تسد الأفق على المتفرجين ( المتابعين).. بينما الشعب الجائع يقف على الرصيف في انتظار التغيير الحقيقي لوجه السودان البائس بفعل نظام ( الانقاذ) و خوَر ( بعض) الساسة الذين يتحركون باسمه..
الشفافية المطلوبة حول ما يجري غائبة إلا نادراً.. لا أحد غير الحكومة الموقِّعة على الخارطة سلفاً و غير قوى نداء السودان التي ستوقع على الخارطة لاحقاً.. و غير المجتمع الدولي الذي مارس الضغط بقسوة على المعارضة كي توقع على الخارطة ( شيكاً على بياض) لتركب قطار ثامبو أمبيكي اعتماداً على حُسن النية في زمان يعتمد على الأفعال لا النوايا!
إن غداً لناظره لقريب و ما الغد سوى اليوم..
هناك بصيص أمل يضيئ إضاءة خافتة في الأفق.. مجرد بصيص أمل أطلقه المهندس/ عمر الدقير: " التسوية ما كعبة.. كعبة التسوية الكعبة!"..
نعم التسوية مطلوبة.. لكنها تكون ( ما كعبة) إذا تم تقديمها للشعب السوداني على طبق يفضي إلى الديمقراطية الحقة و العدالة الناجزة.. و هما شيئان لن يرضى عنهما نظام البشير و أتباعه.. و سوف تكون ( كعبة) إذا تم تقديمها على أي طبق غير ذلك.. لأنها سوف تسحب قوى نداء السودان من المعارضة للانضمام إلى قافلة ( أتباع) النظام بفضل الضغوطات الشديدة التي تتعرض لها تلك القوى..
الدقير يؤكد أن حزبه لن ينحني للضغوطات قبل التوقيع.. و أن " الأمر كله رهين بالتزامات وتعهدات من الآلية الإفريقية وإن لم يحدث هذا الأمر فلن نوقع على الخارطة ونحن لا نملك شيئاً يمكننا أن نخسره..".. فهل يسلك حلفاؤه مسلكه أم ينحنون للضغوط الخانقة..
إن المطلوب هو أن تتمسك قوى نداء السودان بضرورة تأكيد الآلية الافريقية على مطالب القوى ( كتابة) قبل التوقيع على خارطة الطريق.. لأن التوقيع قبل ذلك أشبه بتوقيعها على شيك على بياض للمؤتمر الوطني ليصرفه في أي بنك أمريكي أو أوروبي.. بل و في أي بنك في العالم! و يؤكد الدقير أنهم إذا شعروا بأن هناك انحرافاً عن التأكيد ( كتابة) حتي ولو جاء ذلك الانحراف من جانب حلفاء المؤتمر السوداني، فإنهم في المؤتمر السوداني سيتركون لحلفائهم الجمل بما حمل.. و ماذا سيحمل الجمل سوى المزيد من المناصب الدستورية التي ستقصم ظهر الشعب السوداني؟! هل منكم من يعتقد أن التوقيع يعني اقتراب قطار السلام من محطته الأخيرة؟
لا تبالغوا في التفاؤل حتى لا تكون الصدمة عنيفة بحجم ضغوط المجتمع الدولي الذي هو أمريكا.. فالفرج يبدو بعيداً عن خارطة السودان طالما تضاريس و أخاديد خارطة الطريق واضحة تماماً أمام كل ذي عينين.. و إننا نكاد نرى العصا التي تلوح بها أمريكا في وجه المعارضة، و سوف نصرح بها متى آن أوان التصريح.. كما نكاد نرى الجزرة المقدمة للنظام و هي معلومة لدى حتى تلاميذ المدارس..
لست أدري تماماً ما سوف يجري في أديس أبابا قبل التوقيع و بعده.. فالغموض يحيط بالمقدمات.. لكن الذي أدريه تماماً أن الشارع السوداني قد ملَّ انتظار التغيير.. و أنه سوف ينفجر انفجاراً لا قِبل للنظام به.. و هو لا يلقي بالاً للحوار الذي يجري في أديس أبابا أو الخرطوم.. و أؤكد يقيناً أن لا أحد من عامة الشعب تابع ما جرى يوم السبت 6/8/ 2016 في قاعة الصداقة حول الحوار.. لا أحد سوى من يهمهم الأمر... و الأمر لا يهم الشعب السوداني!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة