نراهن و النظام يراهن و الضباب يغطي الأفق و نحن نحدق نحوه في انتظار اليوم الموعود..
لم نعد نفهم ما يحدث.. الأقوال تتضارب.. و كلها تصب في ماعون خارطة الطريق المريب.. و ما يهمنا هو ألا تؤدي بنا الخارطة، التي سوف يوقع نداء السودان عليها إلى المجهول.. و المؤتمر الوطني يصر على إلحاق القوى بحواره المريب عبر الخارطة، اعتمادا على مساندة أمريكية و ربما مساندة أخرى من الاتحاد الأفريقي..
إن وميض الانتفاضة يكبر تحت الرماد.. و سوف يكون لها ضرام ساحق.. فالشارع يتأجج شوقاً لزوال نظام الانقاذ بطريقة ما.. أي طريقة! و إلا فسوف يتولى الإزالة بنفسه مهما كان الثمن.. و سدنة الانقاذ يدركون ما يعتمل في قلب الشارع تماماً.. يعلمون مساحة الكراهية و امتدادات الاحتقار لوجودهم.. يرتعدون.. يحتمون بالمليشيات حتى داخل الجامعات.. و يستميلون الخارج في انبطاحات متتالية للدول القريبة و البعيدة.. ثم ينذروننا بفوضىً قادمة!
من يخشى الفوضى التي تسبقها إزالة نظام أكثر من الفوضى ذاتها؟!
كلنا نرى الفوضى التي يشارك النظام في تأجيجها، مرتزقاً، في اليمن.. و نرى الفوضى على الشاشات في العراق و تقشعر لها أبداننا في سوريا حيث جرائمٌ تُرتكب باسم الدين، كما فعل النظام في بيوت الأشباح في السودان وفي الجنوب القديم و لا يزال يفعل في الشوارع و البيوت و المزارع..
إن ما يتم في العراق و سوريا قتلٌ بشعٌ يتم على الهُوِية.. و ما أكثر من أبيدوا في السودان على الهوية..!
و مع ذلك.. لن يستطيع النظام أن يخيفنا بحدوث الفوضى المِثال.. و لسنا من يُقعقع لهم بالجنجويد! و لن يثنوننا عن الهدف حتى و إن قايضوا أمريكا بالتطبيع مقابل التعاون في محاربة الاتجار بالبشر و محاربة الارهاب..! و هل يحارب الارهاب نفسه.. أم يقضي المتاجرون بالبشر على تجارتهم بأنفسهم؟!
لا مجال لتصديقهم في أمريكا إلا للكشف عن مكامن الكذب في تقاريرهم بغية الوصول إلى الحقيقة.. فقد قال اسكوت قريشين، المبعوث الأمريكي الأسبق إلى السودان، أن الكذب يلازم حكومة النظام حتى في التقارير التي يبعثها جهاز أمن النظام عن الارهاب.. و أن تلك التقارير كانت أكثر التقارير استهلاكاً لوقت الجهات المعنية في أمريكا من حيث التدقيق في صدقيتها مقارنة بالتقارير التي كانت ترِد من جميع أنحاء العالم إلى السي آي إي.. و أن البحث عن الصدقية في تقاريرهم كانت بمثابة البحث عن إبرة في كومة قش..!
نعم، تستطيع أمريكا أن تتلاعب بالسياسيين.. لكنها لا تقوى البتة على مواجهة ارادة الشعوب على التغيير، و الشعب السوداني متحفز للتغيير الشامل.. التغيير البنيوي الشامل.. و قبل ذلك تغيير ( خارطة الطريق) تلك التي يُراد أن تفضي إلى الشرك الذي نصبه النظام في آخر النفق المظلم للإيقاع بقوى نداء السودان لتضمن له الخروج الآمن.. و نخشى نحن ما يُدبر ( داخل النفق) من محاولات لتحييد العدالة اتكاءً على ( البراجماتية) المفترى عليها لتكييف الباطل في جو التغيير القادم و لخلط الأوراق التي لا تحتمل الخلط..
و تتواتر الأنباء عن أن الإمام/ الصادق المهدي أكد أن قوى نداء السودان سوف توقِّع على خارطة الطريق حين يلتقون الوسيط الأفريقي ثامبو أمبيكي.. و أن تحفظات القوى على الخارطة قد تمت الاستجابة عليها..
و السؤال هو: هل تمت الاستجابة ( كتابةً) على تحفظات قوى نداء السودان على خارطة الطريق المرفوض التوقيع عليها أم أن الاستجابة كانت شفاهة، و تم قبولها بحسن نية؟ و يصرح المهندس عمر يوسف الدقير رئيس حزب المؤتمر السوداني لصحيفة الجريدة بأن قوى نداء السودان لن توقع على الخارطة في حال انحياز الالية الافريقية للحكومة. بما يستشف منه أن الاستجابة على تحفظات القوى لم تتم كتابةً؟ و تلك ثغرة لن يغيب عن قوى نداء السودان الانتباه إليها...
و يؤكد لنا السيد/ عرمان أن مسألة إلحاق قوى نداء السودان بالحوار المريب قد تم تخطيها، و أن الاجتماع التحضيري سوف يكون حدَّ تعامل القوى مع المؤتمر الوطني وحواره و أن الاجندة التي سوف يتم طرحها في المؤتمر التحضيري هي التي ستؤسس للحوار. و أن لا تعارض بين خيار الانتفاضة وخيار الحل السياسي الشامل.
نعم، لا تناقض إذا جرت الرياح بما نشتهي.. و لكن.. و في رأي حركة العدل و المساواة أن التوقيع على الخارطة لا يمثل اتفاقاً في حد ذاته بل هو موجهات هادية للعملية السياسية يعقبها تفاوض حول قضايا الاقاليم المتأثرة بالنزاعات وقضية التحول الديمقراطي. و أنها ( الخارطة) رهينة بقيام المؤتمر التحضيري والتزام النظام بمخرجاته..
كيف نعرف أنه سوف يلتزم بالمخرجات؟
و يأتي بأن د. أحمد بلال:"... إن الحكومة لن تقبل بأي مزايدات على خارطة الطريق التي يجب التوقيع عليها كما هي دون أي إضافات، و أنه بمجرد توقيع المعارضين على الخارطة سيكون هناك لقاء تحضيري بينهم و بين آلية 7+7 لمناقشة كيفية الحاق قوى نداء السودان بالحوار..!
ينبغي أن يكون هنالك أحد النافذين من متنفذي المؤتمر الوطني لإثبات الجدية.. و إلا فسيكون اللقاء التحضيري مثل كلام الطير في الباقير!
و على النظام أن يفهم.. أن لا خيار أمامنا سوى الانتفاضة إذا رفض الانحناء لإرادة الشعب السوداني، و لن يطول بنا الزمن لتحقيق ما نريد! و على قوى نداء السودان أن تتأكد من ضمان الالتزام بما جاء في تحفظاتها على الخارطة، فليس من الحكمة الوثوق في أي منتسب للمؤتمر الوطني.. أو أي مساند له.. فالطيور على أشكالها تقع..
و على أيٍّ، إن ما يهمنا هو ألا تكون الخارطة التي سوف يتم توقيع نداء السودان خارطةَ طريقٍ إلى المجهول.. و أ ن لا تثق في أي حديث شفهي أو في أي وعود بالالتزام دون أن يكون الالتزام التزاماً ممهوراً بتوقيع من الجهة الملتزمة.. و نقولها صراحة أننا خائفون من وقوع المعارضة في حبائل الاتحاد الأفريقي تحت ضغط المجتمع الدولي الذي هو أمريكا..
و نتمنى عدم الركون إلى الذرائعية لتأمين هروب الجلادين من جرائمهم التي لا ينبغي أن تمر بعيداً عن ساحات القضاء العادل تحت أي ظرف مهما طال الزمن.. فهي جرائم لا تسقط بالتقادم..
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة