كانت جامعة الخرطوم- في الزمن الجميل- هي الجامعة الأولى أفريقياً و عربياً.. و جارت عليها الانقاذ لدرجة الانحطاط..
مبروك للأخ عووضة الذي ابنته " - بالمناسبة- كانت قد قُبلت بجامعة الخرطوم وبعد أن درست بها حيناً قدمت لجامعة القاهرة.. قالت إن المستوى الأكاديمي بها (مخجل!).. وكذلك مستوى الاعتراف بها عالمياً .. في حين أن جامعة القاهرة مصنفة ضمن الـ(500) الأفضل.. وفيها يتخرج الأشهر على ( نطاق الوطن العربي).. بل على نطاق العالم مثل مجدي يعقوب وأحمد زويل وفاروق الباز.."
يا سلام!
أعتقد أن الأخ/ عووضة تناسى العالم التيجاني الماحي أول بروفيسور في الكيمياء العضوية في كل أفريقيا.. في خمسينيات القرن الماضي و التيجاني الماحي هو أحد مؤسسي جمعية الطب النفسي الأفريقية. و يُطلق عليه لقب ( أبي الطب النفسي الأفريقي..) و هو مثقفٌ محيطٌ .. و- حسب ما جاء في ( توثيقية علماء السودان) عن أن" الدكتور بروك تشيشولم قدم التجاني لدى انعقاد الاجتماع حول ( أفريقيا: التغيير الاجتماعي والصحة العقلية) في نيو يورك عام 1959م، بقوله: "دكتور التجاني طبيب نفسي مميز. لقد رأيته في مناسبات عديدة مختلفة، وسط جماعات مختلفة من الناس المؤهلين في جوانب تقنية متعددة. وفي كل حالة كان دكتور التجاني الماحي مدهشا، سواء أكان في اجتماع يناقش قضايا أفريقية أو حتى البلاد الأخرى أيضا. إن خبرته عريضة ولكن كيف جعلها مركزة ومتعمقة في ذات الآن بحيث تكون بهذا القدر شاملة فهو الشيء الذي لم يمكنني فهمه بعد. ربما أن عقله الباحث، ودافعه الاستثنائي، واهتمامه اللامحدود بالسلوك الإنساني وشجاعته واخلاصه هي الأشياء التي خلقت شخصية التجاني الفريدة".
إعلامنا لا يصل إلى ( نطاق الوطن العربي).. إنه إعلام محلي بامتياز و يزيد محليته محلية ( بعض) إعلامينا الذين ( ينْجِرُون) مقالاتهم نجارةً أو يعكسون على صفحات صحفهم ما يسمعونه من أخبار أو تعليقات في البيت أو الشارع العام بلا عمق.. و يعتقدون أنهم قد أنجزوا مادة جديرة بوصف ( السبق الإعلامي) الذي هو في حقيقته لا سبق و لا إعلامي.. و هذا يحيلني إلى طرفة بطلها البروف التيجاني الماحي و راويها البروف طه بعشر:
« كانت لينا علاقة جيدة جدا مع المعالجين التقليديين ومنهم ناس ام ضوا بان ، ...... وفي يوم من الايام اقام المرحوم د . التجاني وليمة غداء لهم وكان معنا الصحفي محمد خليفة طه الريفي ، وذكر أن انواعا كثيرة كانت موضوعة على المائدة ، فقال محمد خليفة يا دكتور طه انا شفت (رأس نيفة) .. لما مشيت ليهو و فتحتو ما لقيت فيهو مخ دا رأس شنو ؟ فقلت ليهو اسأل دكتور تجاني حيقول ليك ، فسألوا وقال ليهو دا رأس صحفي! وضحكنا كثيراً."ص
طبعاً عمنا الريفي كان من الصحفيين المتمكنين في مجالهم..
و أعتقد أن الأخ/ عووضة لا يعرف العالم البروفيسور مصطفى حسن إسحق مدير جامعة الخرطوم و أول بروفيسور في الكيمياء العضوية في عموم أفريقيا في خمسينيات القرن الماضي.. و شهرته غائبة عن الاعلام السوداني بينما كانت تتجول في الدوريات العالمية في إباء و شموخ..
و الأخ عووضة لا يعرف، بالتأكيد، أي شيئٍ عن عالم الفيزياء البروفيسير/ محجوب عبيد طه.. و عنه تقول ويكيبيديا:- ".... الذي كشف للأمريكان من مكتبه بجامعة الخرطوم أسباب تحطّم سفينة الفضاء أبولو 13، فما كان من الجامعات الأمريكية ووكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) فأصرت عليه الوكالة أن يلتحق بها وكان عضواً في الفريق الدولي الذي كُلف بالتحقيق في حادثة انفجار المفاعل النووي الروسي (تشيرنوبيل)، كما أنه أثبت من خلال بحث شهير عدم صحة قانون نيوتن الثاني، وسجلت بعض المخترعات العلمية العالمية باسمه حسب ما جاء في مقال قدم أول تعميم نسبوي (: relativistic generalization) لمعادلات فادييف لتصادمات ثلاثة جسيمات مع ثلاثة جسيمات في نطاق نظرية مصفوفة التشتت." قدم طريقة رياضية جديدة سميت بطريقة طه (: Taha Method) لتحليل التكاملات على متغيرات الاندفاع في التفاعلات الكهرومغناطيسية والتفاعلات الضعيفة، كما ابتكر "قواعد جمع طه" (: Taha Sum Rules) التي برهنت صحتها في نظرية الاضطراب.. و اثبت تكافؤ مدخلين للتحليل النظري في الفيزياء والجسيمات الأولية مدخل "جبرا الوقت المتساوي" (Equal-time Algebra) ومدخل "متبادلات مخروط الضوء" (: Light Cone Commutators). كتشف مع زملائه في المجموعة النظرية في الخرطوم قانون جمع جديد (: Sum rule) في تفاعل البروتون الكترون وذلك في اطار موضوع السببية في نظرية الجسيمات الأولية. حقق نتائج هـامة في موضوع زمرة اعادة التطبيع (: renormalization group) و نشر أكثر من ستين بحثاً في مجلات علمية عالمية مرموق.."
و أعتقد أن الأخ تناسى البروفيسير/ عبدالله الطيب.. و تجاهل عمق علمه في اللغة و الأدب و التربية و التعليم.. و لو كان عبدالله الطيب مصرياً لحفظ العرب من المحيط إلى الخليج أبيات ديوانه ( بانات راما) عن ظهر قلب و لأقاموا له تمثالاً في مجمع اللغة العربية..
هذا قليل من كثير عن مخرجات جامعة الخرطوم.. و أود أن أقول للأخ أن شهاداتنا الجامعية كان يُعترف بها للدراسات العليا في الجامعات الأوروبية و الأمريكية و بلا تردد.. في الوقت الذي كانت شهادات جامعة القاهرة لا يتم قبولها بسهولة أبداً و لي قصص مع بعض الاخوة في هذا الصدد..
تقبع مشكلتنا دائما في الاعلام.. حتى أغانينا لا تنتشر إلا بواسطة المصريين ياخ و لن أحدثك عن قصة انتشار أغنية ( في اليل الهادي) للفنان شرحبيل أحمد و التي سطا عليها الفنان المصري/ منير.. فانتشرت بسرعة مذهلة.. !
و لن أحدث الأخ عن انتفاضة أبريل 1985 و التي ألهمت السيد/ ياسر عرفات فاعلن هنا في الخرطوم بأنه سوف يطبقها في فلسطين المحتلة.. و عندما طبقها هناك صارت كلمة انتفاضة علامة تشير إلى الثورة الفلسطينية.. و لا أثر للسودان فيها.. و أقول، بصدق، الفلسطينيون يستحقونها.. محبة و تقديراً!
كثيرة هي روائع السودان التي لا تظهر للعالم.. و ما كان الأديب/ الطيب صالح ليبهر العالم بإبداعاته لو لم يصادف في طريقه الناقد المصري/ رجاء النقاش..
ملحوظة:-
شكراً للأستاذ/ كباشي الصافي الذي استعنت ببعض المعلومات من مقال له حول ( علماء كلية العلوم بجامعة الخرطوم).. و شكراً ل( توثيقية علماء السودان).. على ما اقتبسته منها..
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة