لست من دعاة الإحباط الذين يجهدون الأنفس والعقول لتحويله إلى فلسفة ذات قواعد وأسس يسهل الإقتناع بها في ظل واقع سياسي وإقتصادي وإجتماعي وفني ورياضي، مترع بالفشل والإحباط . . كما يفعل بعض الانتهازيين من سياسيين وصحفيين وكتاب، مرتبطين بالنظام، بشكل أو آخر، سواء عبر المبدأ، أو المصلحة. . والخيار الثاني هو الأرجح إحتمالاً . . لأن النظام، ليس له من الأصل مبدأ، بل هو نظام جمع في صفوفه الفاسدين من كل البيوت . . ! الذين إنخرطوا في صفوفه دون ان يطرحوا على أنفسهم السؤال الذي لابد منه: الى أين . . ؟ حقاً . . إلى أين نحن. . ؟ وإلى أين تسير بلادنا في ظل هذا النظام القائم على التناقض والاكاذيب . . ؟ مسيرة الخطّ المتعرج والمتلوي والمتلون يوماً بعد آخر . . تجربة رفعت شعار الإنقاذ لكنها مارست سياسات لم ينجم عنها سوى الإحباط، تجربة رفعت العدل شعاراً، لكنها مارست الظلم سلوكاً، تجربة تحدثت عن الحق، لكنها فعلت الباطل. تجربة متناقضة، لذا لابد أن تؤدي الى الاخفاق والاحباط، بكل بساطة، إن إنعدام النزاهة والصدق هو بيت الداء، والعلة المستعصية، التي إستنزفت وما زالت تستنزف طاقات البلد والشعب معاً، في البحث عن علاج لتلك العلة، بمسرحيات حوارات كاذبة في ظل ديمقراطية غائبة. . دون ان يدرك النظام والمرتبطين به من عشيرة الانتهازيين، ان الحرية هي الدواء الذي يبحث عنه في خارج الوطن، وخارج العصر . . ! يبحث عنه خائباً، في كل من قطر وإثيوبيا، بينما الحل في الداخل متوفر ومتاح، فقط يحتاج لصدق النوايا وتوفر الإرادة. علة النظام التي استنزفت طاقات البلد، نجمت عنها علة أخرى اصابت الكتاب والصحفيين والاعلاميين المرتطبين به، تمثلت في إدمانهم الاستسلام والخضوع لمنطق النظام، بل راحوا يقولون: في لقاءاتهم وكتاباتهم الا ما يعجب النظام، مروجين لمنطق ان النظام بِخَيْر، وكل الذي هو في حاجة اليه، هو حالة من الإصلاح والدعم، بينما الواقع وحقائق الأمور تقول: ان النظام ليس في حاجة للإصلاح فسحب، بل هو في حاجة للهدم، وتحطيم صرح ظلمه الذي بناءه على دماء الضحايا وأرواحهم وعذابات الفقراء والكادحين. وبدلاً عنه بناء صرح العدل الذي يستجيب لتطلعات المظلومين في بلادي الذين يعانون الظلم والفقر وشظف العيش. إن سلالة المظلومين والجائعين، لم يهدأ لها بال على مر العصور. وفي السودان ما زال ابو ذرالغفاري عالقاً في الذاكرة والأذهان، ذلك الصحابي الذي اختط للجياع والمظلومين نهجاً ثورياً منذ البدء، داعياً إلى الخروج يوم كانت الدولة الاسلامية في أوج قوتها وشبابها. وما زالت كلمته الشهيرة حاضرة، اذ قال: " عجبت الجائع كيف لا يخرج شاهراً سيفه" تصم آذان الظالمين وتزلزل فرائصهم إلى الآن. ما مضى من زمن، وما عرفناه من ممارسات فاسدة، وسياسات رديئة، في عهد هذا النظام تجعلنا نقول: بكل صدق لابد من هدم صرح الظلم، وكل الرهانات التي راهنت على غير إرادة الشعب قد سقطت في بئر التاريخ، ولم يعد ما نسمعه من دوي شعارات ليس الا الصدى . . ! الشعارات المنافقة لم تبهر احد، سوى إبصار الانتهازيين وعقولهم الخاوية، وضمائرهم الميتة، فهل هؤلاء المحبطون الذين ظلوا طوال سنوات حكم النظام، وما زالوا يروّجون لثقافة الاحباط والصبر المميت، وقتل الطموح والشموخ والكبرياء في نفوس الشعب، يستطيعون التنصل مما لهم من دور تجاه ما وصلت اليه البلاد من خراب ودمار، طال كل أوجه الحياة . . ؟ المحبطون لم ينعم الله عليهم بنعمة صحوة الضمير، التي تجعلهم يقلعوا عن منطق الاستسلام والاحباط الذي ظلوا يشيعونه ويبيعونه للناس عبر كتاباتهم واحادثيهم، خلال مدة تجاوزت الربع قرن، لم تتقدم البلاد فيها مقدار نصف خطوة سياسية او اقتصادية او اجتماعية او فنية او رياضية للأمام . . لذا لابد من هدم صرح الظلم، وبناء صرح دولة الحرية والدستور والعدل التي تشيع الأمل. الطيب الزين
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة