المعارضة التي اعنيها هي المعارضة السودانية الناعمة والمدللة (السياسية) والتي وصفتها الحكومة بالضعيفة واضاف اليها صفات كثيرة (لحس الكوع) واوصافا كثيرة وبهذا الوصف استندت المعارضة في كسب الشرعية كمعارضة حقيقية لممارساتها السياسية إلى حزمة من الشعارات البراقة وأحيانا المضللة ذات البعد الداخلي او الخارجي ، فداخليا كثيرا ما حاولت تصوير القضية على إنهم حماة الاستقلال والوحدة والتحرر من النظام الدكتاتوري وعملائهم الذين نهبوا ثرواتها وجعلوا شعبا مثل (السودانين) تحت وطئ الثالوث المقيت المتمثل بالفقر والمرض والجهل ، وإنهم قادة التنمية الاقتصادية والبديل الحقيقي - حسب قولهم- لبناء دولة قوية مستقلة ينعم أبناؤها بالرفاه والكرامة الإنسانية ، وخارجيا شغلت المعارضة بشعارات رنانة تتمحور حول قضايا ليست ذات جدوي يأتي في مقدمتها الصراع العربي- الإسرائيلي ، والوحدة العربية ، ومقاومة الاسلام السياسي، فالمعارضة السياسية احزابا وشبابا يجب ان لا تفرق في معارضتها بين العمل المسلح والعمل السياسي اذا ارادوا ان نتفق حول الحد الادني (اقتلاع النظام من جذوره) مثلا عندما يستهدف النظام القائم والدكتاتوري البغيض المدنيين في دارفور وجبال النوبة والنيل الازرق المدنين بالقصف بالانتنوف والقنابل الحارقة وبطائرات السوخوي 24ليلا ونهارا مما يشكل جرائم حرب وجرائم ابادة جماعية لشعب اعزل ،لا نري اي مظاهرة تخرج في الخرطوم ومدني وحتي الابيض ولا تكتب الاقلام المعارضة عن ما يدور في تلك الاصقاع الا القليل من الشرفاء في دول المهجر من افراد معروفين لدينا من خلال اقلامهم الشريفة طيلة هذه السنوات أو من انتمائهم لتلك المناطق وعندما يعتقل النظلم احد الذين لانعلم انهم معارضين ومدافعين عن حقوق الانسان أو المعارضة الناعمة والناعسة تملأ الدنيا ضجيجا في قنوات التواصل الاجتماعي (اطلقوا سراح الناشط ) (اطلقوا صراح الصحفي فلان) ناسين (المعتقلين الحقيقين من عناصر تم القبض عليها وما زالوا قابعين في المعتقلات والسجون بدون محاكمات) و آخرين (حكم عليهم بالاعدام غدرا وبدون ادلة الا انتمائهم لتلك المنطقة)ان المدنيين في الصحاري والفيافي والكهوف الذين يواجهون القتل بابشع انواع الاسلحة والقنابل المحرمة دوليا وفي اسوأ وأقسي الظروف الانسانية مع انعدام مياه الشرب النظيفة والاكل اذ وصلوا يأكلوا الاشجار والحشائش للبقاء احياء بعد ان منع عنهم هذا النظام الطاغية الاكل والعلاج والادوية وهو الذي يستهدف المستشفيات والمدارس وقد استهدف بذلك اولي الحقوق الانسانية وزاده امعانا بالتشريد باستخدام القنابل البرميلية العمياء. أثبتت الأيام أنهم أكثر من أساء إلي وضيع حقوق السودان والمعارضة المسلحة، لكن استغلال هذه الشعارات كان مناسبا جدا للعمل على ديمومة هذه الأنظمة واتهام معارضيها بخيانة الوطن والمواطن المدني الاعزل والتنازل او الاستسلام والتخاذل لمصلحة النظام الدكتاتوري والطاغية ، بل حتى المعارضة كانت عندما تضع برامجها السياسية تجد نفسها أسيرة لهذه الشعارات فتتبادل التهم مع بعضها البعض استنادا لمدى فهمها وتصورها لها. إن هذا الوضع السياسي للسودان تغير في الوقت الحاضر جملة وتفصيلا ، مع تغير المتغيرات الدولية من مثل انتهاء الحرب الباردة وانكشاف عورة الحكومة السودانية وخفايا دكتاتورية السلطة في السودان، والتطور التكنولوجي في عصر الميديا وما قاد إليه من انفتاح ثقافي على العالم ، وتنامي الوعي السياسي المجتمعي الرافض لسلب الحقوق والحريات ، وفشل برامج ومشاريع التنمية، وتعاظم مشكلة الفساد السياسي وما يترافق معه من فساد مالي وأداري ، وتقادم العهد بحجة الاستغواء بالأجنبي وتحميله مسؤولية الواقع المزري الذي يعيشه المواطن السوداني الجائع والحافي والمعدم ، ومحاولة تحييد المجتمع الدولي مع ركض الحكمومة السودانية لتطبيع علاقاته مع إمريكا سرا وعلنا ، وفشل المشروع الحضاري وتهافت الوزراء ووكلاء الوزارات وكبار مسئولي الدولة علي الاعتداء علي المال العام .. وإذا شئنا جمع أولويات المعارضة السياسية في السودان في الوقت الحاضر، فأننا نستطيع القول إنها يجب أن تتمحور حول الشعارات الثلاث آلاتية : الحرية (بمعنى التحرر من طغيان السلطة وإطلاق حقوق وحريات الشعب دستوريا ) ، والعدل ( بمعنى أن يتساوى في نظر القانون القوي والضعيف والغني والفقير ويكون قانونا كافلا لحقوق الجميع ) ، والعدالة الاجتماعية ( بمعنى توزيع الدخل والثروة الوطنية بشكل عادل يقلل الفجوة بين من يملكون ومن لا يملكون والضرب بيد صارمة على الفاسدين والمفسدين ). إن هذه الشعارات الثلاث هي شعارات المرحلة الحاضرة وستكون شعارات المستقبل القريب وربما البعيد ، وستضغط بشدة على المعارضة السياسية والسلطة معا ، وإذا تحملت الأخيرة وزر رفضها وتحريفها وتشويهها ، فأن عبئ تبنيها سيقع على عاتق المعارضة المسلحة بشكل كامل والتي تحملت عبئ كامل العمل المسلح في السودان مع هذه الحكومة التي لا تفهم الا لغة السلاح واتمني ان تفهم ذلك المعارضة الناعمة،فيجب أن لا تحيد عنها مهما كان الثمن ولا تنشغل بقضايا ثانوية تعطلها كالسيادة والاستقلال والوحدة ومنع تدخل الأجنبي وما شابه ، إذ مع اعتقادنا بأهمية هذه القضايا إلا أننا نجد انه مع بقاء النظام الحالي كما هو عليه لن تكون هناك أية سيادة او وحدة او استقلال ، كما أنها - أي الأنظمة الدكتاتورية- صاحبة الفضل في التدخل الأجنبي في شؤوننا وتلاعبه بمقدراتنا ،أما إذا تحقق التغيير وفقا للشعارات الثلاث المذكورة آنفا ونجحت المعارضةالناعمة في مهمتها المنوطة بها فسنكتشف أن كل قضايانا الأخرى تأخذ سبيلها إلى الحل وستجد شعوبنا الأمن والاستقرار والسلام والقوة تحت ظل أنظمة مكتسبة للمشروعية الصحيحة وللشرعية التي يتمناها كل نظام سياسي صالح وحكم مستقبلي رشيد يضمن الشرعية للجميع . الحكومة لعبت لعبتها الخبيثة في تحييد المعارضة الناعمة (الاحزاب السودانية) والشبابية (قرفنا - وتمرد ) باطلاق مقولات عنصرية وجهوية ( ابتعدوا من هؤلاء العبيد) و ( مالكم مال العبيد ديل) باعتبار ان سكان الهامش هم العبيد وقد سمعنا من اشخاص يقولون ان هؤلاء العبيد لن يصلوا الحكم وبهذا الفهم العنصري تم فصل جنوب السودان وستنفصل بقية الاقاليم ما لم تدرك المعارضة السودانية الناعمة مقصد حكومة ونظام الابادة الجماعية ومطلوب العدالة الجنائية الدولية والذي حتما سنراه في قفص الاتهام بلاهاي انتصارا للسكان المدنين بمعسكرات دارفور وجبال النوبة والنيل الازرق وشرق السودان المهمل, والذين هجرهم هذا النظام العنصري لن ينسوا هذا الطاغية وحتي الاطفال الصغار الذين ذاقو لسعات العقارب والثعابين في كهوف الجبال أو الصحاري المغفرة والبعيدة عن أوطانهم الاصلية وان احكام المحكمة الجنائية الدولية لن تسقط عنه بالتقادم والمحكمة الجنائية الدولية لن تنسي احكامها اطلاقا طال الزمن أو قصر. نواصل...... تاور ميرغني علي 25/1/2016م
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة