البعض لا يستمتعون إلا بلغة التخدير والتسويف والمماطلة ليضيعوا وقتهم وأموالهم فيما لا طائل من ورائه، كما يرفعون سقف توقعاتهم بلا مؤشرات نجاح محددة. هذه الفئة التي باتت قليلة مع تزايد الوعي وسط جماهير الكرة ترغب في كلام يدغدغ عواطفها حتى ولو كان وعداً كاذباً. ويصل الحال ببعض هؤلاء لأن يشتمك ويسبك ويتهمك بما ليس فيك لمجرد أنك تحاول ايقاظه من الحلم ( الوهم). بدلاً من مناقشة الحقائق وتفنيدها أو تكذيبها نراهم يصفون كل من يشير للحقائق المجردة بما ليس فيه، أو يطلقون اكليشيه " ده مجرد تنظير". التنظير أحبتي هو الكلام غير المؤسس على معطيات ومؤشرات، وشتان ما بين التنظير وذكر الحقائق. عموماً نذكر كل من يرغب في التخدير بأن الجرعات منه متوفرة على قفا من يشيل، لكن في مواقع أخرى وليس في مثل هذه الزاوية. لو كنا نريد الهدم أو نقف ضد الكاردينال أو غيره لسعينا لذلك منذ اليوم الأول. لكن عودوا لمقالاتنا السابقة وستجدون العشرات منها قد جاءت مليئة بالنصائح التي قدمنها لكاردينال لا يسمع إلا ما يريد سماعه. دعمناه على طريقتنا، أي عبر التبصير لمواطن الخلل، وليس بالتطبيل. لكن بعد أن طال الانتظار ولاحت الكثير من المؤشرات كان لابد من وقفة وإلا نصبح ( بلهاء) إن توهمنا بأن الكاردينال يخطئ لأنه في مرحلة تجريب . هذا هو التخدير بعينه. فعندما تتضح الأمور وتبدو الدوافع جلية لابد من مواجهتها والوقوف عندها بشجاعة بدلاً عن اللف والدوران. مثل هذا التخدير والوعود الكاذبة سوف تزيد الأمور تعقيداً لو تعلم بعض الجماهير. فمع كل وعد جديد وتغيير لمدرب وتعاقد مع محترف أجنبي يرتفع سقف توقعات بعض العاطفيين. لا يعقل أن يتعاقد الهلال مع مدرب كل شهرين وفي كل مرة نقول عليكم بالصبر على المدرب. كيف نطالب الجماهير بالصبر على مدربين إدراتهم ناديهم نفسها لن تصبر عليهم، وسيغادر الواحد منهم بأمر هذه الإدارة سواءً نجح أم فشل! بيع الوهم يرفع سقف التوقعات وعند الفشل تحدث التصرفات الهوجاء ويتعارك جمهور الأزرق ويعتدون على بعضهم البعض. فالأفضل لو كنا فعلاً نحب الهلال ونحترم جماهيره، وقبل ذلك نحترم ذواتنا ونؤمن برسالتنا وأمانة القلم.. الأفضل هو أن نبصر الناس بما يجري حسب رؤيتنا، لا أن نقدم لهم الوعود المضللة في كل مرة. صحيح أن من يتحرك باتجاه الفعل لابد أن يخطيء. ومن يجرب من أجل التعلم لابد ان يجانبه الصواب في بعض تجاربه وأفعاله، إذ ليس هناك بيننا من هو معصوم من الخطأ. لكن الواقع الذي أمامنا يؤكد أن الكاردينال لا يجرب. بل هو يتصرف بطريقة واحدة لم تتغير منذ قدومه في أول يوم كرئيس للهلال. منذ ذلك الحين رأيناه يعمل على التخلص من اللاعبين القدامى وأصحاب التجارب الحقيقية ويعزز من سطوة أفراد دائرته الخاصة وهم أبعد ما يكونوا عن الجوانب الفنية والإدارية في النادي. إصرار عجيب يزداد كل يوم بتكليف أشخاص بمهام لا يفقهون عنها شيئاً. لو كنا نرى بعض قدامى اللاعبين في دائرة الكرة.. وبعض المعنيين بالتخصصات المالية في قطاع المال بالنادي.. وبعض الاقتصاديين في قطاع الاستثمار وعدد من الفننيين في لجان اختيار اللاعبين والمدربين وحدثت أخطاء بعد ذلك لصبرنا على التجربة وقلنا سوف يأتي يوم ينصلح فيه الحال. آلاف الأشخاص نصحوه بخطأ توجه وضع الأشخاص غير المناسبين في مهام محددة، لكنه لم يأبه بهم. وقد رأيناه يستبدل المدربين كما يستبدل بدلته كل صباح، متباهياً بذلك. وفي هذه أيضاً ناصحه العشرات بأن للأمور الفنية أهلها ولابد أن يعطي الخبز لخبازيه لو أراد خيراً بالهلال. لكنه لم يأبه بهؤلاء أيضاً. ورأيناه يتخلص من أعضاء مجلسه واحداً تلو الآخر سواءً بالطرد أو التطفيش بعدم الاكتراث لما يطرحونه من آراء. وقد نصحه الكثيرون أيضاً بأن الإدارة الجيدة تتطلب تشاوراً مع أعضاء المجلس وقبول الرأي الآخر، لكنه لم يستمع لهم. ورأيناه هو وأمينه العام يطلقون الكذبة تلو الأخرى في قضايا هلالية بالغة الأهمية ونزاعات قانونية فشلوا فيها فشلاً ذريعاً. وهنا أيضاً لم يعبأ بنصائح المختصين أو يتريث في اتخاذ القرارات الهامة. رأينا كيف أُسيء لبعض رموز وكبار الهلال دون أن يكون للرئيس رأي حاسم في هذا الاتجاه. حتى طوب الأرض نبه الكاردينال إلى أن بعض المحيطين به لا يريدون بالهلال خيراً. وليت الأمر توقف عند الشكوى منهم فقط. فقد ظلوا هم أنفسهم يؤكدون من خلال الكثير جداً من التصرفات كل يوم بأنهم فعلاً يعملون ويكتبون ضد مصالح الكيان. ورغماً عن ذلك ما زال الكاردينال على تمسكه بهم. أفبعد كل هذا تريدوننا أن نعدكم بأن رئيس الهلال سوف يصل إلى الصواب وسيتمكن من تجاوز الأخطاء يوماً ما؟! إن فعلنا ذلك نكون إما أغبياء أو مضللين من الطراز الرفيع. لو كنا أصحاب مصالح حقيقة كما تقول ( قلة) ممن لا يفهمون ما يقرأون جيداً لكنا أول المناصرين للكاردينال حتى لو أغلق نادي الهلال ( بالضبة والمفتاح) لأنه ما من رئيس يدفع لمؤيديه مثلما يفعل الكاردينال. ولو كنا نسعى لأمجاد شخصية لهللنا له وطبلنا غاضين الطرف عن مصلحة الكيان حتى يرضى عنا ونصبح ضمن جوقته وهتيفته. لكننا مع الكيان قلباً وقالباً وهو طريق لم ولن نحيد عنه في يوم سواءً شتمنا البعض أم آمنوا بما نكتب، فهذا لا يفرق عندنا كثيراً. ما يفهمنا هو عكس الحقيقة كما نراها ، لا كما يريدها البعض. لن نخدع أو نضلل أحداً. ولن نقدم وعوداً كاذبة وأمنيات تقول جميع المؤشرات أنها لن تتحقق. فما يقوم به الكاردينال في الهلال رغم الصرف يُسمى تدميراً ممنهجاً. هذه هي الحقيقة بلا رتوش. فمن شاء فليقتنع بها. ومن لم يشأ فليستمر فيما يراه ولينفق أمواله في صحف تبيعه الوهم. ونعلم أنه سوف يأتي يوم تندم فيه هذه الفئة أشد الندم. وسيأتي يوم يقولون لنا فيه" لقد ظلمناكم وظننا بكم السوء". فهذا شيء قد تعودنا عليه، ولم يوقفنا في يوم سوء فهم البعض لما نكتب عن قول الحقيقة المجردة. الكاردينال وبعض المحيطين به يدمرون الهلال. أما الدوافع فتتفاوت. بعضهم يفعل ذلك من أجل مصالحه الخاصة التي يعتبرها فوق كل شيء. والبعض الآخر ينفذون مخططاً مرسوماً كما قلت في مقال الأمس بغرض القضاء على كل جميل عندنا واستبداله بكل ما هو سيء. ليس هناك شيئاً اسمه " تفاءلوا خيراً" عندما تكون كل مؤشرات الخراب والتدمير واضحة. هذا لا يُسمى تفاؤلاً. بل هو بيع للوهم. ونحن لم نتعود على بيع الوهم في هذه الزاوية. وأخيراً أرجو ممن يطالبون بالتركيز على النواحي الإيجابية والكف عن النقد بأن يأتونني بواحدة من الإيجابيات التي يشهدها الهلال هذه الإيام وشخصي الضعيف على استعداد تام لأن يكتب حولها عشرات المقالات. هذا هو واقعكم يا أهلة والكاتب الحقيقي ليس معنياً بتجميل الواقع، بل يعكسه كما هو.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة