ارتعش الجمهوريون من المقالات التي حملت عنوان (الجمهوريون هم الوجه الآخر للدواعش) وتسارعوا للرد عليها بأقلامهم المرتعشة. فقد جاءت تلك المقالات التي انحصرت في مقارنة الجمهوريين بالدواعش في شكل ضربات متسارعة ضربت استثماراتهم الأثيرة لحماقات طرف النقيض منهم والوجه الآخر لهم ممثلا في الجماعات اليمينية المتشددة مثل طالبان والقاعدة وداعش وأخواتهن. واستخدام الحماقات التي ترتكبها هذه الجماعات بخبث احترافي بالغ من أجل تشويه الدين الإسلامي ذاته، باعتبار أن الجماعات المتطرفة تعبر تعبيرا صحيحا عن شريعة الإسلام. وقد كان طريفا أن الكاتب الجمهوري عيسى إبراهيم لم يَقوَ على ذكر عنوان مقالاتي التي قرنتهم بالدواعش كاملا، فلجأ إلى اجتزائه قائلا:" يقول محمد وقيع الله - الصيحة - الجمهوريون هم ...". وكأنما كان العنوان طويلا عليه فعيِي به وقام باختصاره وهو لم يكن من الطول بمكان. وإنما كان قويا صادعا فنَاءَ بحمله ولم يحتمله فعمد إلى اختزاله. وفي الجزء الثاني من رده على مقالي عن الجمهوريين والدواعش حاول الأستاذ عيسى ابراهيم أن ينقد نقدي للأساس المفتعل الذي قام عليه التقسيم الجمهوري لآي القرآن الشريف إلى آيات أصول وفروع. وما ترتب على ذلك من الزعم بأن القرآن المكي هو الجزء المناسب لهذا العصر، ولهذا يجب أن نتمسك به. وأن القرآن المدني غير مناسب لهذا العصر، ولهذا يجب أن نتخلى عنه! ولتعزيز هذا الزعم المغرق في البطلان زعم زعيم الجمهوريين أن آيات القرآن المكي تشتمل على معاني التسامح التي تتناسب مع عصر الأمم المتحدة وتتماشى مواثيق حقوق الإنسان. وأن آيات القرآن المدني تحتشد بمعاني العنف والقهر الذي ينبذه هذا العصر المتطلع إلى الحرية والسلام. وقد بددنا هذه المحاولة التأصيلية الخاطئة عندما جئنا للجمهوريين بمثال من أمثلة كثيرة شتى في القرآن المدني تدل على أن هذا القسم من القرآن الكريم يحتوي على آيات كثيرة تدعو إلى السماحة والإسماح. ومثل هذا التدليل النقضي كان كافيا لهز ونسف الأطروحة الجمهورية التي تقسم آي القرآن الكريم على هذا النسق المُعْتَسَف. وكما هو متوقع من أي عضو متعصب في الحزب الجمهوري لم يعجب هذا المنطق العلمي النقدي المدقِّق تابِع الحزب الجمهوري الأستاذ عيسى ابراهيم الذي لا يخامرني أدنى شك أنه لا يخامره أدنى شك في أن شيخه الدجال محمود محمد طه إنما هو شخص معصوم لا يمكن أن يخطئ أبدا. فراح يكابر ويناور ويداور بدل أن يعترف اعترافا صريحا بارتكاب شيخه لخطأ واضح في التنظير. ومن المعروف أن الجمهوريين لا يعترفون أن شيخهم قد أخطأ ولو مرة واحدة خطأ يسيرا أو كبيرا في حياته الطويلة كلها. لأن من شأن مثل هذا الاعتراف أن يقوض أساس اعتقادهم في ألوهية شيخهم. وفي الجزء الثاني من رده نقل الأستاذ عيسى عني قولي" والآية التي تحكم هذا المبدأ - يعني مبدأ الجهاد - هي قول الله تعالى: لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي...(البقرة 256)، وهي آية إسماح حسب التقسيم المحمودي لآي القرآن بخصوص الموقف من الجهاد. وبذلك ينتقض التقسيم المحمودي من أصوله. لأنه يفترض أن آيات الإسماح جميعا هي من آي القرآن المكي، أو قرآن الأصول كما سماه. ولكنا نجد هنا آية إسماح كبرى في القرآن المدني، أو قرآن الفروع، حسب تقسيمه الذي ابتكره وما التزم به ". ثم عقب على ما نقله عني قائلا:" إذا وافقنا د. وقيع الله في ما ذهب إليه من أن هذه الآية - البقرة 256 - هي من آيات القرآن المدني التي تنتقض (يقصد تنقض!) ما سماه التقسيم المحمودي من أصوله، باعتبار أن تقسيم الأستاذ محمود يقصر جميع آيات الإسماح على القرآن المكي فحسب، وهذه آية إسماح ولكنها مدنية، فلماذا قال وقيع الله ردف قوله مباشرة:" أو قرآن الأصول" بعد قوله التالي:" لأنه يفترض أن آيات الاسماح جميعا هي من آي القرآن المكي"، إذ يكمن في ما ذكره لاحقا حيث أنطقه الله بتعبير قرآن الأصول هزيمة ماحقة لحجته التي صدع بها في مواجهة تعبيره المختل أن الأستاذ محمود يقول أن (يقصد إن!) آيات الاسماح جميعا هي من آي القرآن المكي، وذلك ما لم يقله الأستاذ محمود محمد طه تحديدا"! وفي هذا التعقيب مغالطة فادحة، فالكاتب الجمهوري المغرض يحاول أن ينطقني بما لم أنطق به قط. فيزعم أني أعترف من تلقاء نفسي بتقسيم أستاذه للقرآن الكريم إلى قرآن أصول وفروع! وسؤالي إليه هو كيف أقرُّ بهذا التقسيم وقد قمت بنقضه وتهديم أساسه قبل قليل؟! وفي الحقيقة فإن هذه الطريقة التلبيسية العجيبة في الحوار هي جزء من عبط الجمهوريين الذي لا يكاد ينجو من غلوائه أحد منهم. وهو فن من فنون العبط الإيديولوجي يملي عليهم أن خصومهم في الرأي يؤمنون في قرارة أنفسهم بمقررات الفكر الجمهوري ولكن لا يودون أن يفصحوا عن هذا الإيمان الدفين. وبهذا المنطق النفسي الإسقاطي خاطبني من قبل أحد أعبط عبطاء الحزب الجمهوري ، وهو (بروفيسور) الجهالة بالدين واللغة، المدعو أحمد مصطفى الحسين، الذي سوَّغ لنفسه أن يوجِّهني قائلا: " أنت معجب بالأستاذ محمود وفكرته، ويسبب لك هذا الإعجاب القسرى إزعاجا نفسيا ويخيفك، ولذلك تحاول طرده من داخلك بهذه الكتابات. وإذا حاولت أن تقرأ الفكرة الجمهورية بعقل مفتوح وقارنتها بما تحمل من فكر إسلامى متخلف فإنك لا بد واجد فيها مخرجا لأزمتك وأزمة الفكر المتحجر الذى تحمله". فهذا (البروفيسور) الجاهل بأبجديات الفكر وقواعد اللغة العربية من نحو ومن إملاء، قد تمكن بطريقته الخاصة من الولوج إلى أعمق أعماق لُبِّي وقلبي، وأدرك بحاسته السادسة أو الثامنة ما أعالج به من اللواعج، وما أعاني من المعاني، ثم تطفل غير مشكور ولا مأجور، فوصف لي علاجا ظن أنه العلاج المناسب لحالتي، وهو أن اعتنق الكفر الجمهوري، أو الفكر الجمهوري، وهما سيان! وقريب من هذا الصنيع الشنيع ما اقترفه المدعو عيسى ابراهيم إذ هداه حدْسه إلى أن الله تعالى قد أنطقني من دون أن أشعر بتعبير قرآن الأصول! وما كان ما زعمه إلا محض افتراء عبيط منه. لأني لم أنطق بهذه العبارة إيمانا بها أو امتثالا لمعناها. وإنما جاءت على قلمي نقلا عن كتاب شيخه المجدِّف محمود محمد طه. وقد كنت حذرا محترسا إذ أردفتها بعبارة كما سمَّاه، كما هو واضح في النص أعلاه! ومع هذا لم يكن توضيحي الكافي كافيا ليكفَّ المدعو عيسى ابراهيم عن انتهاج خطته الغريبة في توهم أني شخص جمهوري. وهذه بلا شك بعض السمادير التي تَغشى أتباع الحزب الجمهوري وتُعشي أبصارهم وبصائرهم. وتنقلهم من ضلال إلى ضلال.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة