02:37 PM March, 21 2016 سودانيز اون لاين
عثمان محمد حسن-الخرطوم-السودان
مكتبتى
رابط مختصر
يرفض المؤتمر الوطني أي حديث عن حل يفضي إلى إيقاف تجويع سكان منطقتي
جبال النوبة و النيل الأزرق في ما يسمى ( عمليات إنسانية).. و لا فصل
لتلك العمليات عن القضايا السياسية قبل التفاوض لبلوغ الحل الشامل لأزمات
البلاد.. و الحركة الشعبية تصر على لزوم الفصل بين القضيتين الانسانية و
السياسية! و يرى المراقبون ( المحايدون) وجوب الفصل بين الاثنتين.. لكن
القضية الانسانية عند المؤتمر الوطني قضية سياسية تتآمر ضد مكتسباته في
إذلال و قهر سكان المنطقتين.. و يعتقد كذلك أن أشجاراً سوف تتحرك مع
الاغاثات ربما لدعم قدرة الحركة الشعبية على إسقاط طائراته الاستكشافية
منها و قاذفة القنابل و السموم القاتلة.. لا يهم!
و الناس في المنطقتين تموت.. و تموت.. و الأسباب تتعدد..
لا نستغرب، ليس في قاموس المؤتمر الوطني مفردة تشير إلى الإنسان، و
بالتالي لا توجد لديه توابع المفردة و مشتقاتها من انسانية و أنسنة و
انساني.. و لا اهتمام بعذاب من يتعذبون في كل مكان في السودان.. لا خِلاق
لمنتسبيه، متنفذين و أكلة حقوق البشر، الذين بدلوا الدين بالدنيا و
تمرغوا في عرق و دماء الكادحين.. إن إبليس يحركهم إلى حيث لا يشعرون..
تقرأ الفقرة ( 1) من المادة 25 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان:-"..
لكل شخص الحق في مستوى من المعيشة كاف للمحافظة على الصحة والرفاهية له
ولأسرته، ويتضمن ذلك التغذية والملبس والمسكن والعناية الطبية وكذلك
الخدمات الاجتماعية اللازمة، وله الحق في تأمين معيشته في حالات البطالة
والمرض والعجز والترمل والشيخوخة وغير ذلك من فقدان وسائل العيش نتيجة
لظروف خارجة عن إرادته."
و هذا الحق غير مسموح التلاعب به ، و الدولة المعنية مسئولة عن تأمينه
قبل أي شيئ آخر..
و الحالات المذكورة للحصول على ذلك الحق تربط الحق في تأمين معيشته
بالظروف التي تنتج دون أن يكون طالب الحق متسبباً في إنتاجها.. و الظروف
( المثال) تنطبق تماماً على ( واقع) المواطنين المحاصرين في مناطق
النزاع في جبال النوبة و النيل الأزرق..
إن من حق إنسان تلك المناطق أن يتحصل على حقوقه المشروعة دينياً و
أخلاقياً و بنص من القانون الدولي لحقوق الانسان... إنه حق يعلو على
السياسة و التسييس.. لكن الدول النافذة في المجتمع الدولي تدين الحصار
المضروب على ضحايا النزاع في تينك المنطقتين و تندد و تهدد تهديدات (
ناعمة) و لا ( تفعِّل) نفوذها لفك الحصار القاتل و إنقاذ الضحايا من
الموت المحتوم.. بل و نرى تلك الدول تتعاون في مجالات عديدة مع النظام،
رغم التنديد و الإدانة، و تقوم بعض منها بمد النظام بما يتسبب في إضافة
آلام على آلام الضحايا و معيشتهم..!
و في حصار مماثل، ضغطت الدول الكبرى على النظام السوري و المعارضين
السوريين.. و فرضت عليهم فك الحصار في ( مضايا) و مناطق أخرى محاصرة،
فزحفت أرتال من الشاحنات المحملة بالمؤن غذاءً و دواءً و كل ما يؤمن
معيشة الضحايا السوريين.. كان مشهداً إنسانياً رائعاً حقاً.. مشهداً
تمنينا أن يحدث مثله في المنطقتين بأسرع ما يتاح..
يبدو أن لاهتمام ( المجتمع الدولي) بحقوق المنكوبين السوريين و بالشأن
السوري، في عمومياته، علاقة بالقرب الجغرافي لسوريا من أوروبا.. و
بالحيلولة دون تدفق اللاجئين من سوريا على أوروبا بما يهددً أمن و رفاهية
المجتمع الأوروبي.. و يبدو كذلك أن ( المجتمع الدولي) يغض الطرف (
عملياً) عن جريمة نظام البشير في المنطقتين لأن النظام يحول دون و صول
المهاجرين غير الشرعيين إلى شواطئ شمال أفريقيا و هي المناطق التي
ينطلقون منها إلى أوروبا، لاجئين اقتصاديين يبحثون عن الحياة الكريمة و
الرفاهية..
إن حقوق الإنسان محبوسة في سجن انفرادي في جبال النوبة التي لا تشاطئ
أوروبا.. و في مناطق الأنقسنا الكائنة خارج جغرافيا العالم.. و نعلم أن
مفتاح السجن لدى كبار السجانين في مجلس الأمن بنيويورك، و هم مشغولون
بجرائم تُرتكب في مناطق أكثر أهمية من مناطقنا!
تنحصر غاية أي ثائر ضد الطغاة في ( الحرية) و الكرامة الانسانية و
الحقوق الطبيعية الأخرى لشعبه إذن، و لا يُعقل أن تواصل الحركة الشعبية
التفاوض مع النظام قبل ضمان الحقوق الأساسية للإنسان الذي تدافع الحركة
عنه.. و مع ذلك،
" تتواصل المشاورات بين الوساطة الأفريقية وأطراف النزاع في السودان
للاستماع لرؤي كل الأطراف من اجل بلورة رؤية إستراتيجية حول كيفية المضي
قدما في عملية السلام الشامل.." و المواطنون هناك يعانون عدم الاستقرار
في مكان واحد جراء القصف اليومي بالطائرات.. تطاردهم الأمراض المتفشية و
الجوع يولد فيهم اليأس و القنوط من الحياة.. و ( الصيف الحاسم) م الذي
يتشدق به النظام قادم و بين يديه المزيد من الآلام لسكان الجبال و
الأدغال و الكهوف إنهم الجياع المنسيون في سودان ( الانقاذ) و لا منقذ
لهم!
أجندة التفاوض لم يتم حسمها و الموت يحسم أرواح الضحايا في مناطق
النزاع.. يتجادلون و الأبرياء يموتون.. جوعاً و قصفاً و حرقاً و اغتصاباً
في موارد المياه و التحطيب من أجل إعداد ( موائد) لإطعام صغار يعانون ما
يعانيه الجميع من مسغبة ضارية..
و النظام يستقوي بعاصفة الحزم و يستثمر في محاربة الاتجار بالبشر في شرق
السودان و بالحيلولة دون مهاجري شرق أفريقيا و بلوغ شواطئ البحر الأبيض
المتوسط.. و انشغال العالم بلعبة الكبار في سوريا أتاح للنظام أن يحكم
قبضته على منع الغذاء و الدواء و الأمل عن من يفترض أن يكونوا ضمن
رعاياه.. و المساعدات الإنسانية لا تجد طريقها إلى منطقتي جبال النوبة
والنيل الأزرق لأن على الأرض خطوط حمراء رسمتها إرادة القوي لسحق الضعيف!
لكن الله أقوى من كل جبار عنيد يا بشير، الله أقوى.. و قد "دخلت امرأة
النار في هرة"!
أحدث المقالات
مشروع ايجال الون ونظرية الامن والاستبطان الاسرائيلية بقلم سميح خلفمخاطـر تطبيق بـدعـة إغـلاق المتاجر للصلوات بقلم مصعب المشرّفأقلام فاخرة ..!! بقلم الطاهر ساتيوالسودان / بعد شهر/ هو بقلم أسحاق احمد فضل اللهخلافة الترابي .. من يكسب الرهان ؟ بقلم عبد الباقى الظافرالمصلحة الشخصية في دعاوي الشأن العام بقلم نبيل أديب عبداللهكانت أيـام بقلم عبدالله علقمإن لم يجدوها عندنا ،فأين يجد الجنوبيون الحماية؟! بقلم حيدر احمد خيراللهظلم الطبيب ومأساوية المسلسل بقلم عميد معاش طبيب. سيد عبد القادر قناتقنبلة دارفور الموقوتة وانكار البشير العلاقة مع الاخوان المسلمين بقلم محمد فضل عليفي ذكراها معركة الكرامة والتحولات التي طرأت على الثورة بقلم سميح خلفاللهم إني بلغت اللهم فاشهد بقلم نور الدين مدنينحن أمة لا نتفكر،ولا نتعظ ،ولا نتدبر بقلم رحاب أسعد بيوض التميمي