10:43 PM March, 21 2016 سودانيز اون لاين
عبدالله علي إبراهيم-Missouri-USA
مكتبتى
رابط مختصر
بت ليلة الخميس الماضي (من عام 2010) في "قطية" العزيز جعفر خضر بالقضارف. وجعفر من أميز من عرفت منذ عودتي للسودان. "يرمح" من فوق كرسيه المتحرك نحو تغيير مدينته بفدائية عجيبة وخيال طليق. فهذا المدرس "الكيري" مشغول الآن بكتابة ورقة عن أهداف التعليم لمؤتمر استراتيجية التعليم القادم. من سمع بهذا المؤتمر سمعاً يا أهل الرأي؟
على فنجان قهوة الصباح حكى لي جعفر عن قصة قرأها في مجلة "أكتوبر" منذ سنوات وعلقت بذهنه. والقصة عن جماعة بمصحة أقعدتهم صنوف الشلل فلزموا السرير. وكان بعنبرهم نافذة واحدة تطل على ميدان. وكان القعيد عند الشباك هو عينهم على عالم الميدان. فمن موقعه ذاك ظل ينقل لهم حركة الناس والأشياء. فتابع جمهوره السجين قصة نمو الحب بين ولد الجيران والبنت وحيلهما للتواصل في ظرف عصيب. وحدثهم عن الموظف بالمعاش الذي لم يتعود بعد على تسرب السلطة من بين يديه. وعن الحداد الذي يبقي مما صنع في يومه منضدة يحملها إلى الإنداية وينفق ثمنها تفريجاً للهم مع الرفاق. بل تابعوا من حكيه خلية لود أبرق الطائر الشهير بفسقه. بل صاروا يفرزون كل ذكر منها وكل أنثى وتدافعهما وعينوا اسماً لكل منهم شغفاً بالحكاية.
ولم يسلم الراوي من الحسد من زميل له. فقد أراد جاره أن يكون حيث الشباك "معاين" منه للميدان مسرح الحكاوي. فدبر للتخلص منه حيلة. انتهز فرصة ما وأخفى عنه مسحوقاً منقذاً للحياة كان يتعاطاه ذلك الناظر من الشباك. وهاج الداء يومها على الناظر وبحث بيديه المحدودتين عن الدواء فلم يجده فأغمي عليه ومات. ولما أخلت إدارة المصحة سرير الراوي القديم احتل حاسده مكانه وغَنِم الشباك. ونظر للميدان من خلال الشباك فلم يجد لا ميداناً ولا الصبي أو الصبية العاشقين ولا الموظف المدروك ولا قطيع ود أبرق الفاحش. لم يكن هناك أياً من مفردات الراوي القتيل. وانقطعت الرواية عن جمهورها الشغوف. فقاتل الراوي لم ير شيئاً.
قلت لجعفر هذه قصة عظيمة كأني كنت أبحث عنها. فقد كان رأيي دائماً أن المثقف في تعريف له هام هو كاذب كبير. قلت بذلك في وجه من قالوا إن نسبتنا للعباس أو جهينة موضوعة كاذبة. فقلت لهم هي بالفعل كذلك ولكن الهوية انتحال. فالنسابة الذين جعلوا الدينكا بعضاً من العباسيين أرادوا أن يجمعوا شعث الناس على صعيد واحد. وما غاب كذبهم على فطنتهم. فالتعارف هو شغل المثقف بين الشعوب والقبائل لتأمن وتستأمن. وفي كل تربية وترقية "إن ما غشوك ما ربوك". ومجدت الأحاجي الكذب الإيجابي بقولها "حليل أمي الكضيضية". وقد ابتلانا الله في الصفوة ب "مفتشين" لا مثقفين خرجوا لنزع الغطاء عن "الكذب". إنت عربي، روح بالله، وبتودي سجم دواك وشك دا وين؟ إنت مسلم! طيب بترسم الصليب فوق وش مولودك ليه؟ إنت نص ديانة. إنت عربي؟ إنت مستعرب؟ إنت مسلم؟ إنت مستسلم! وقس على ذلك. ولا حيلة في أمر الله.
وانتهزت أول منعطف من محاضرتي في ضحى يوم الجمعة بالقضارف عن كساد خيال الصفوة عندنا لأستل القصة التي رواها لي جعفر بصورة مقتضبة. وربما استغرب جعفر نفسه كيف توسعت في حكاية المعاين من الشباك على مثل ما رأيت أعلاه وأنا الذي سمعتها عنه منذ ساعة فقط. وكان هذا التفصيل وذاك مما اتفق لي. فأنا لم اقرأ القصة بعد. ولكن لمثل هذه القصة البديعة أسراً يضطرك للكذب طمعاً في إمتاع الجلساء وتأليفهم بالمعاني الحسان.
هل من قرأ القصة المروية عن جعفر؟ أطلعنا عليها تكسب ثواباً.
أحدث المقالات
مشروع ايجال الون ونظرية الامن والاستبطان الاسرائيلية بقلم سميح خلفمخاطـر تطبيق بـدعـة إغـلاق المتاجر للصلوات بقلم مصعب المشرّفأقلام فاخرة ..!! بقلم الطاهر ساتيوالسودان / بعد شهر/ هو بقلم أسحاق احمد فضل اللهخلافة الترابي .. من يكسب الرهان ؟ بقلم عبد الباقى الظافرالمصلحة الشخصية في دعاوي الشأن العام بقلم نبيل أديب عبداللهكانت أيـام بقلم عبدالله علقمإن لم يجدوها عندنا ،فأين يجد الجنوبيون الحماية؟! بقلم حيدر احمد خيراللهظلم الطبيب ومأساوية المسلسل بقلم عميد معاش طبيب. سيد عبد القادر قناتقنبلة دارفور الموقوتة وانكار البشير العلاقة مع الاخوان المسلمين بقلم محمد فضل عليفي ذكراها معركة الكرامة والتحولات التي طرأت على الثورة بقلم سميح خلفاللهم إني بلغت اللهم فاشهد بقلم نور الدين مدنينحن أمة لا نتفكر،ولا نتعظ ،ولا نتدبر بقلم رحاب أسعد بيوض التميمي