.. في الأسبوع الماضي تم اعادة فتح غرفة الدفن لهرم ملكي في مروي بهدف التوثيق والبحث الآثاري للمرة الاولى خلال قرن من الزمان، والهرم خاص بالملكة الزوجة (خينوة).. التي حكمت في القرن الرابع قبل الميلاد، وتم تشيد البناء التحتي للمقبرة في بدايات القرن الرابع قبل الميلاد، ويعتبر هذا الامر جزء من برنامج الدراسة والصيانة والترميم للبعثة القطرية لأهرامات السودان، ويستهدف البرنامج حسب تصريحات ادارة الاثار حوالي 100 هرم ملكي في مروي..!!
.. سبق وان طالبنا الحكومة عن مليارات دفعتها دولة قطر، لغرض صيانة وترميم الآثار النوبية (الفراعنة السود).. وعلى ما يبدو، هذا البرنامج مجرد تمويه لصرف مبلغ 135 مليون دولار تمويل قطري لإعادة تأهيل وتطوير الآثار، والمسألة واضحة..!!
.. هناك آلاف القطع الأثرية تخرج يومياً عبر الحدود، في صفقات تبادل بين المعدنيين التقليدين للذهب في المنطقة النوبية ومافيا بيع الآثار، والكل يعرف هذه الحقيقة، وهناك إهرامات ممتدة على طول الشريط الممتد من دنقلا وحتى وادي حلفا شرقاً وغرباً، يتم فتح مقابرها الملكية ونهب محتواياتها، والسلطات تغض الطرف عن هذه الجرائم، والأهالي يتابعون التحركات ولكن لا حيلة لهم ولا قدرة للمنع أو التبليغ..!!
.. غير ذلك هناك آثار ضخمة طمست داخل المياه بعد كارثة السد العالي التي دمرت المنطقة وهجرت الأهالي دون أي فائدة أو مقابل قومي، وحينها بكى الجنرال (عبود) ولكن ظلت دموعه مجرد دموع تماسيح، فالمأساة كانت أكبر من أن تحتمل، ومازالت الأجيال في حلفا الجديدة ووادي حلفا ودول المهجر تدفع الثمن..!!
.. والآن تريد حكومة الإنقاذ، اعادة ذات الكارثة الإنسانية بذات الاسلوب الذي تم في وادي حلفا، والآن المنطقة الممتدة من دنقلا حتى وادي حلفا شمالاً مهددة بالتهجير والاغراق وطمس تاريخها وآثاراها وهويتها، لذلك نرى نشاط محموم بين شركات التعدين حتى تأخذ أكبر عدد من الآثار والثروات التاريخية، وليس لأهالي المنطقة مخرج سوى الإستعانة بمنظمة اليونسكو و الأمم المتحدة لتمنع وقوع هذه الكارثة الانسانية، والوطن الذي لا ندافع عنه لا نستحق الإنتماء اليه.. ودمتم بود
لسنوات وسنوات والحادبون من أبناء النوبة يقرعون أجراس الخطر ، ويشتكون للقاصي والداني من تلك القضايا النوبية الهامة المهشمة والضائعة في متاهات الغفلة النوبية .. وأبناء النوبة لا يبرزون إلا عند مواضع الخلافات والاختلافات والنزعات السياسية .. وتلك الآثار النوبية تنهب وتسرق منذ مئات السنين .. تلك الظاهرة التي شهدنها مناطق الآثار النوبية قبل الاستقلال وطوال سنوات ما بعد الاستقلال .. ثم تفاقمت تلك الظاهرة بطريقة مكثفة في السنوات العشرة الأخيرة .. حيث تلك السنوات التي شهدت حمى التنقيب عن الذهب النوبي دون رقيب أو حسيب .. وأبناء النوبة ما زالوا في ضلالهم القديم .. فكالعادة لا يبالون بالقضايا النوبية الهامة ولكن يهتمون فقط بسفاسف وتوافـه الأمور .. مثل مناهضة السدود وخلافها .. تلك الأمور التي تدور حول أروقة الخلافات والاختلافات والمناكفات السياسية العقيمة .. وتلك أصبحت سمة معهودة في أبناء النوبة .. فإذا أردت أن تجمع أبناء النوبة حول مشروع من المشاريع أو حول قضية من قضايا النوبة فأزرع بينهم تلك المجادلات السياسية .. والأفكار الخلافية والاتجاهات المتناقضة وأخلق فيهم نوعاَ من العداوات مع السلطات الحاكمة .. وعندها فقط سوف تطل في الساحات تلك الهاشمية النوبية الضحلة التي لا تقدم ولا تؤخر .. حيث ذلك النوع من التعصب الفارغ وذلك النوع من الأهازيج الفارغة التي تتغني بالحضارة والتراث النوبي !! .. والأحوال برمتها تمثل أوقات النوبة المهدورة في تلك الخلافات والمناكفات التي لا تخدم قضايا ومشاريع النوبة ومناطقها .. ويا حسرة على آثار وتاريخ النوبة المنهوبة في غفلة الجهلاء من الناس . والبكاء على تلك الآثار النوبية الثمينة المنهوبة أفضل مليون مرة من البكاء على تلك السدود التي تمثل الحجة الفارغة في قضايا النوبة
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة