فتحت معركة مقاومة السدود، باباً واسعاً للمناصرة والتضامن والمؤازرة الجماعية، وشكّلت مجالاً خصباً للتنسيق المُشترك، بين سُكّان المناطق المُتأثّرة فى ولايتى نهر النيل والشمالية، بصورة خاصّة، لتتّسع الدائرة - يوماً بعد يوم- لتشمل المناطق المُجاورة، فبقيّة المواطنين فى الولايات الأخرى، بإعتبارها قضيّة قومية، وهذا فى حد ذاته، تعبير عن مستوى الوعى الذى وصلت إليه الجماهير الشعبية، بالقضايا ذات التأثيرات المناخية والبيئيّة والإيكولوجية، مُضافاً إلى ذلك، التأثيرات المترتبة على التهجير القسرى وفصل السُكّان عن تراثهم الحضارى والثقافى، ومن ترحيلهم إلى مناطق بعيدة عن موطنهم الأصلى، إذ لم يعد الأمر مُنحصراً فى المطالب التقليدية، المتعلّقة بالتعويضات المالية عن الأضرار التى لحقت بممكتلكاتهم الخاصّة، كما كان فى السابق، إنّما أصبحت القضيّة قضيّة حقوق إنسان، يتوجّب مشاركة المواطنين فيها، و مشورة وأخذ وإعتبار رأى المجموعات السكانية المتأثّرة، بهذه المشاريع، قبل تنفيذها، وهو مالم يحدث فى تجرية سد مروى التى جاءت حصيلة تنفيذه وبالاً فى مناطق الحامداب وأمرى والمناصير، وهو الدرس الذى تعلّم منه سكّان مناطق سدود ( دال وكجبار والشريك)، لتزداد وتيرة المقاومة الشعبية السلمية، بصورة تستحق الإشادة والتقدير والإحترام، إذ تكوّنت الهيئات الأهلية الشعبية، بمبادرات شبابية، اتّسعت رقعتها لتضم كل السًكّان، نساءاً ورجالاً وأطفال، لمواصلة النضال عبر التنظيم، والذى هو" أرقى أشكال الوعى". لم تكتف الجماهير فى معركة السدود، بسلاح المقاومة السلمية فقط، من عريضة ومسيرة و وقفة إحتجاجية، وجميعها وسائل مشروعة، يسندها الدستور، وتعزّزها قوانين ومُعاهدات حقوق الإنسان، الملزمة للحكومة، ولكنّها لجأت لإستخدام طاقات ومعارف طلائع المتعلّمين والمثقّفين، بدعم وجهة نظر المعارضين لقيام السدود، بالدراسات العلمية، والشواهد التاريخية، والتجارب الإنسانيّة المُشابهة، وهذا يُكسب المناصرة المبنية على المعرفة والعلم، بُعداً آخر، وهو ما قد حدث بالفعل فى تجربة مقاومة بناء السدود. عجزت الحكومة عن إثبات الجدوى الحقيقية لبناء السدود، ورُدّ كيدها على نحرها، فى الحديث الممجوج " التنمية " و "الكلام الساكت" عن الطاقة الكهربائيّة، أو الخير الوفير المُنتظر من بناء السدود، إذ طرحت الدراسات العلمية الرصينة وعالية الجودة البدائل المتاحة والموجودة، فلم تجد الدولة البوليسية – الأمنية، سوى الرد بالبطش بالنشطاء والناشطات، وقمع الجماهير، وهو سلاح العاجز، دوماً وأبداً، وهذا يتطلّب المزيد من الضغط الجماهيرى، و إستصحاب إستخدام سلاح التقاضى، و فتح نفّاجات إضافية للمعركة فى الجبهات القانونية، وهذا باب، يعرفه المحامون والمدافعون عن حقوق الإنسان، و بقدرما تتّسع دائرة حلقات النضال والمقاومة اليومية والمتواصلة، تضيق فرص الحكومة فى المناورة، ومواصلة الكذب والخداع، وتتحوّل القضيّة، إلى هم يومى للجماهير، ولن ننسى أن نُذكّر بدور المناصرة الخارجيّة، فهى عنصر مكمّل، لحلقات المناصرة الداخلية، حتّى تنتصر إرادة الشعب، وليكن شعارنا القول المأثور لشهيد الفكر الأستاذ محمود محمد طه : " هذا أو الطوفان "..وما ضاع حق وراءه مُطالب. فيصل الباقر [email protected] www.sudansreporters.net
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة