إنتهى أمد الحوار، الذي أشيع، أن أهم نتائجه تتمثل في تشكيل حكومة قومية، ما يعني أن الانقاذ، ستدخل هذا العام في حضانة أحزاب التوالي، وتتلبّس ثوب دهاء نسجه الترابي، الذي لن يترك ليل الدراما ومسارحها، إلا بعد أن يستطعم الممثلين والمشاهدين، طبخة النظام الخالف..! بعد استلام الانقاذ للتفويض بموجب الشرعية الحوارية، ستنشأ حياة نيابية بالتعيين، وستجري تغطية كاملة لعملية التحول الداخلي، بتنحية الاخوان من الواجهة..هذه المرّة ستتم ازاحة البيارق العالية ،حتى توحي النظرة العجول، بأنهم ذهبوا إلى غير رجعة..! النظام يحتاج الى التضحية ببعض رموزه حتى ينشط من عقال العُزلة..لا يوجد تنظيم سياسي يمكنه المغامرة بالاشتراك في ما يسمى بالحكومة القومية، عدا الصادق المهدي الذي أكد انتفاء شروط بقاءه في الخارج،رغم أن سبب خروجه، قد استفحل وازداد رسوخاً..! من حق الرئيس التخلص من بقايا الاسلاميين وحمولتهم الثقيلة ، حتى يبدو أكثر رشاقة..فهو بعد هذه التجربة الطويلة، يدرك ان التنظيم لن يزيده إلا رهقا..ربما لن يتنازلوا أو يستسلموا، لكنّهم أذكياء إلى درجة ادراكهم وتقبّلهم للشرح، بأن هذا هو الخيار الامثل.. الخيار الأمثل هو انسحابهم ، واختفاءهم داخل مفاصل الدولة، فالحكومة القومية ليست سوى عنوان جاذب، يعني شيئاً لا بأس به، لدى المتضجرين من هذا المسلسل المكسيكي،الذي كان بطله لثلاث عقود،أمين حسن عمر..! هي حكومة يختفي وراءها الحزب القابض،بينما يُمنح الرئيس شرعية دستورية و فترة انتقالية، قد تفوق سنواته الانتخابية المتبقية..ستكون حكومة بشخصيات ديكورية يسيطر الحزب، من خلال نقاط التأثير المعروفة، والغرض من ذلك، بعث رسالة للغرب ولدول الإقليم، بأن ثمة تغييرا حقيقيا يجري، وأن الاخوان خلاص "باي باي"..! هذه الخطوة تقابلها وعود أجنبية بارخاء قبضة الحصار، وتيسير القروض التي يمكن ان تنعكس إيجاباً على السوق المحلي فتنزع فتيل الاشتعال المتوقع، فتبقي الانقاذ، بموجب ذلك الرفد، لسنوات قادمات..من أجل هذا يضحي أصحاب المصالح في الحركة الاسلامية، لكن خشيتهم لا تُخفى من تطوُّر مثل هذه المشاعر، التي قد تحيلهم إلى حيث لا يأملون، إذا هبّت رياح الشّارع.. !من زاوية أخرى، يُعد ترجُّل الحزب ، نصراً للمعارضة، لكنه نصر هزيل يضعها أمام "جكّة" مُهلكة، لأن أهل الشراكة ، يشاركون بإسمها، في ترسيخ الجمهورية الرئاسية، على اعتبار أن حكومة البشير القومية، نابعة من إرادة المتحاورين..! إن شئت تأصيلاً لهذا، فإن هذه الفكرة، هي نفسها، فكرة التوالي، و دور الأحزاب و الحركات المسلحة فيها، هو "الحفاظ على الشرعية"، وملء المقاعد الشاغرة بعد انسحاب الصف الاول من قيادات التنظيم لهدف أسمى..! هذا التوالي بنسخته الجديدة، لم يحلم بها الترابي نفسه، وقد ترجمه الرئيس البشير بذكاء، في منظومة "حوارية" تناغم بعضها بعضاً، لقطع الطريق أمام القوى الشعبية الراغبة في التغيير عن طريق العمل الجماهيري السلمي أو المحمي بالسلاح..الحكومة القومية تعني إدخال كواكب أخرى تحت الخيمة، مع توسعة الضامر، عدم التخلي عن الثوابت، و استخدام الإشاعة لجس النبض، مع الترغيب لمزيد من الفرز، والتطمين لبعض المنتظرين..! هناك تسوية واضحة القسمات، تجرى تحت رعاية القوى الدولية والاقليمية المؤثرة..هذه القوى لن تجد متجاوباً وصليحاً أفضل من هذه الانقاذ.. إقرأ الاشياء داخل سياقها حتى تكتمل الصورة..حاول الربط بين معركة قوز دنقو، وعودة البشير من جوهانسبرج ،وانقسام الجبهة الثورية، و ما يسمى بالمحادثات "غير الرسمية" وما هي كذلك، والله خير الشاهدين..! أنظر في قرار فتح الحدود بين دولتي السودان، وفي الصمت الدولي عن دارفور، وفي تراجع الحركات عن مواقفها المتصلبة، وتركهم عبد الواحد وحيداً فى جبل مرة..! كل ذلك يحدد ملامح التسوية وكيفية اخراجها..! أنظر وانتظر، فالترابي لم يزل، هو الملك في لعبة الشطرنج..!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة