:: بكل دول الدنيا، ما عدا السودان طبعاً، فالأصل في تقديم الخدمة العلاجية للمواطن هما عنصرا (الزمن والتدرج)..أي عند إصابة المواطن بأي طارئ ، فأن أولى محطات رحلة العلاج هي أقرب (مركز صحي)، وليس المستشفى..ولأن عنصر الزمن أهم عوامل العلاج، يتم توزيع المراكز الصحية في الأحياء بحيث يكون طبيب الأسرة قريباً للمواطن.. وبالمركز الصحي، قد يتم علاج المريض أو يُجرى له الإسعافات الأولية ثم يتم تحويله إلى ( مستشفى ثانوي)..وبالمستشفى الثانوي، عبر الإستشاري، قد يتم العلاج أو يتم تقييم الحالة ثم التحويل إلى المستشفى المرجعي..!!: تلك هي مراحل العلاج في الكرة الأرضية ما عدا السودان، فالرهان دوما على ( الزمن والتدًرج)..مركز صحي ثم مستشفى ثانوي، ثم عند الضرورة ( مستشفى مرجعي).. ولكن في السودان - حيث كل شئ بالقلبة - رحلة العلاج أيضاً بالعكس..أي بمجرد التعرض لحادث ما أو بمجرد الشعور بعرض من الأعراض، نفكر في ( يا ولد جيب التاكسي يلا نمشي المستشفى )..ولذلك ترى في المشافي أسواقاً، وما هي بأسواق ولكنها كتائب المرضى وفيالق المرافقين.. ولو كانت خارطة البلد العلاجية كما الخارطة العلاجية ببلدان العالم، لما كان حال مشافي الخرطوم بكل هذا الزحام والتكدس.. فالعجز عن وضع الخارطة العلاجية الصحية المتواثق عليها علميا ومهنيا هو الذي يأتي بالمواطن من أطراف البلد إلى مشافي الخرطوم ..!!:: وناهيك عن ولايات السودان وأريافها، بل حتى في عاصمة البلد، فالمركز الصحية بالأحياء - إن وُجدت - فهي مجرد جُدران و كوادر إن لم تزدك مرضاً فهي لاتعالجك ولا تُسعفك.. بالمركز الصحي، يجب أن يكون - مع كادر التمريض - طبيب الأُسرة، وهذا تخصص (قائم بذاتو)، وغير موجود في السودان..ويجب توفير - بالمركز الصحي - كل عدة وأجهزة الرعاية والإسعافات الأولية.. وقبل كل هذا يجب أن يجمع المركز الملفات الصحية لمرضى الحي أو القرية .. وكل هذا غير موجود في المراكز الصحية، هذا إن وُجدت المراكز الصحية ذاتها..ولهذا يهرول المرضى إلى المشافي المرجعية من كل من الولايات و أطراف العاصمة..فالهرم العلاجي في بلادنا مقلوب، وتعديل هذا الهرم بحاجة إلي إرادة سياسية تضع صحة الانسان في قائمة الأولويات ثم إرادة إدارية غير متوفرة في (وزارات الصحة)..!!:: وعليه، إن كان لوالي الخرطوم أو لوزير الصحة بالخرطوم رغبة في إغلاق حوادث مستشفى الخرطوم لتحويل المستشفى إلى مستشفى مرجعي، كما قالت أخبار صحف الأمس، فكان عليهما توفير المراكز الصحية المؤهلة - بالعدة والكادر- بكل أحياء الخرطوم، ثم توفير المشافي الثانوية المؤهلة - بالعدة والكادر- في كل محليات الخرطوم..ولو تم توفير هذه الرعاية الصحية الأولية بالأحياء ومحلياتها كما يجب ( عدة وعتاداً)، فليس هناك ما يمنع حق التصرف في مستشفى الخرطوم، بحيث يكون (مرجعياً أو رجعياً)..ولكن أمام واقع صحي معاش بأحياء الخرطوم، وخاصة الطرفية منها، فما يحدث حالياً نوع من تحويل حال مستشفى الخرطوم بحيث يكون كحال المراكز و المشافي الثانوية ( جُدراناً فقط لاغير)..و( مين عارف؟)، ربما هذه نظرية صحية جديدة ومسماة ( العلاج بالجُدران)..! أحدث المقالات
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة