مرة أخرى وصلت الأمور فى السودان الى عنق الزجاجة و ضاقت الأحوال وبدء القادة فى مقارعة الحيل للخروج من الأركان الضيقة . بعد عقدين ونصف من الزمان وصلنا الى نقطة بداية النظام الحالى والسودان لم يعد المليون ميل مربع و أصبح إسم السودان مرادف للإرهاب و التطرف الدينى و الفقر و الحروب العرقيه و الدينية حتى وإن كانت هنالك مبالغات ومكايد ولكن البادى أظلم وذلك لان السودان ترك مسئولياته وتفرغ يناطح بكبرياء أقوى الدول قوة ونفوذ بالرغم من إن الله سبحانه وتعالى العلى القدير،" قال لسيدنا موسى عندما أرسله لفرعون مصر أن يتحدث معه بلين." أصبحنا أكثر أعداءا و أفرغت الأرياف بقصد وغير قصد مباشر و فتحت حدود السودان - بدون دراسة فمعمت الفوضى فى كل مناحى الحياة و الحكومة أصبحت غير قادرة لمواجهة التحديات الناجمه عن هذا الإنفتاح - و زداد الناس فقرا وأصبح الناس أقل تمسكا بالقيم السحمة فى سعيها للرزق - مع أن الرزاق هو الله جل جلاله . أما التنمية - بالرغم من الإنجازات المتفرقة هنا وهنالك – لم تأتى أوكلها و أن القادة السياسيين لم يعوا بأن لا تنمية فى غياب إجماع و إستقرار سياسى - وهذه الحقيقة المجربة من الواضح كانت مسجل غياب فى أذهان هولالء القادة السياسيين .لو رجعنا الى تاريخ إستقلال السودان نجد إن الجيش حكم ومازال يحكم السودان 47 عاما اي 81% من عمر السودان السياسى . هذا ظاهرة غير طبيعية و يحتاج منا الدراسة قبل البدأ مرة أخرى تكرارتلك الحلقة المفرغة بإنقلاب عسكرى أو ثورة شعب . المواطن السودانى يتوقع من يحكم تنمية البلد والتنمية فى محصلتها النهائية للمواطن البسيط يعنى توفير سبل العيش الكريم و البئية الصالحة للعيش بأمن و سلام و عدل و حرية و مستقبل واعد ، ولكن من الواضح بأننا ندور فى حلقة سياسية مفرغة وأذكر فى هذا المقام ما قاله أحد الفلاسفة "بأن الذين لا يتعلمون من أخطاء الماضى فمحكوم عليهم بتكراره" . ما هى الدروس التى يجب أن نعيها فى هذا المقام حتى لانكرر الماضى مرة أخرى. أول درس يجب أن نعيه جميعا من السرد أعلاه هو كيفية إبعاد الجيش من العمل السياسى و منعه من الإطاحة بإلأنظمة السياسية مهما كانت المبررات. الجيش يجب أن يلعب دور الحارس للدستور و هذا إضافة الي دورها الطبيعي فى المحافظة على أمن و إستقلالية البلاد - وفى حالة تجاوز الجيش لحدود مسئولياته و خرقه لواجباته الدستورية وألإنقلاب على الأنظمة الشرعية يجب أن تكون هنالك آليات رادعة لإفشال الشرعية والإستمرارية بواسطة الشعب و المجتمع المدنى والدولى و المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة و منظمة الوحدة الأفريقية ..الخ. يجب إشاعة ثقافة التمسك بالخيار الديقراطى حتى ساءت الأمور. والدرس الثانى هو العمل جميعا - وبدون تفاضل و تمييز - لتحقيق الوحدة الوطنية وذلك بإنجاح مشروع الحوار الوطنى للإتفاق على دستوريرضى الجميع و هذا إضافة الى الإتفاق على القضايا القومية و الوطنية الهامة الأخرى. والدرس الثالث هو بناء دولة على أساس فصل السلطات التنفيذية و القضائية والتشريعة وعلى أن تكون السلطة السياسية قائمه على التداول والعدالة و الحرية و سيادة القانون و الرقابة و المحاسبة . والدرس الرابع هو بناء نظام خدمة مدنية ثابت لا يتغير- إلا حسب ما ينص عليه الدستور- وينشد الكفاءة والفعالية و تقليل حجم الدوائر الحكومية حتى لاتكون الحكومة مستنقع للبطالة . والدرس الخامس هو أن تكون " حق المواطنة " هو الذى يحدد الحقوق و الواجبات للمواطن السودانى. و الدرس السادس يجب علينا كمجتمع الخروج خارج نطاق أنفسنا و المجتمع للنظر و الدراسة إلى حقيقة تقاليدنا و عاداتنا وصلاحية البيئة و الثقافة التى نعييشها و أطفالنا و أثرة فى خلق إنسان الغد السودانى . و الدرس السابع هو الإتفاق على ثقافة المعارضة السياسية الإيجابية بدلا من ثقافة علي وعلى أعدائى . والدرس الثامن هو تكوين لجنة قومية لدراسة الماضى بطرق علمية و بواسطة مختصصين سياسيين و مهنين و حكماء لمعرفة أسباب الإخفاقات المتكررة و تحديد كل التجاوزات السياسية و الإقتصادية و المالية و الثقافية الخ... - ووضع الأنظمة الواقية للمستقبل - ليس بغرض التشفى والإنتقام ولكن لمعرفة الدوافع و إستقاء العبر و المواعظ و لتربية الأجيال القادمة على ضوءه . واذكر فى هذا المقام تجربة جنوب أفريقيا و التى إشترطت الأعتراف و التأسف . وهذا تطبيق فعلى لثقافة العفو عند المقدرة. السودان بلد مازال ينعم أهله بقيم و خصال فريدة و ارضه ينعم بثروات كثيره والمستقبل واعد بالطاقات البشرية (حواء والده) إن تم تحسين النية ورفع مصلحة الوطن فوق الكل والإلتزام – والصبر على الإخفاقات المرحلية - بخيار النظام الديموقراطى و العمل جميعا من الآن لتهيأة البيئه للمستقبل الواعد و الإستفادة من المعرفة البشرية المتراكمة عبر الأجيال فى إدارة كل اوجه التنمية و الحياه . والله ولى التوفيق. ماهر هارون – محاسب قانونى – ديسمبر 2015 أحدث المقالات
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة