ميشال أونفراي هو فيلسوف فرنسي معاصر من مواليد 1959 في فرنسا ،كان يحلم بأن يكون سائق قطار فإذا به من أبرز مفكري الجيل الجديد في فرنسا ومن وجوه اليسار المعادي للبرالية. بنى خطابه على فلسفة المتعة. يرى أونفراي أنّ الفلسفة فنّ للوجود و أنّ غايتها الوصول إلى السّعادة القصوى عبر المتع الحسيّة و الفكريّة .ما يهمنا في الحديث عنه انه ادلي لاجهزة الاعلام بتصريحات مفادها ان الارهاب القادم من شعوب الدول الاسلامية و الذي يتعرض له الغرب سببه الحروب و التقتيل و سفك الدماء و كل سوء قام به الغرب في يوم من الايام و ما زال يقوم به تجاه تلك الدول . و ان ما يحدث للغرب اليوم و لفرنسا بالامس القريب هو من نوع (على نفسها جنت براقش).= و انا في هذا المقال ارد على مقولاته محاولا ان اجعل الافكار التي قدمها اكثر اعتدالا .. و لاجل هذا الغرض تخيلت الحوار التالي بيني و بينه .. فهو ميشال اونفراي .. و انا الكاتب .= ميشال أونفراي= لماذا في رايك عندنا اليوم مشاكل مع الارهاب؟=الكاتب= (( لان الارهاب بطبيعته يستهدف القضاء على حقوق الانسان و هى مجموعة القيم التي اجمعت عليها جميع شعوب الارض بشكل لم يحدث في اي وقت من الاوقات . ان حقوق الانسان هي الحد الادني للقيم التي اتفقت عليها البشرية و التي تشكل المرجعية القانونية و السياسة و الاخلاقية في تحديد ما هو صحيح و ما هو خطأ . و يستهدف الارهاب ايضا القضاء على كافة اشكال الحياة القائمة على حقوق الانسان . فالارهاب بهذا الشكل هو دعوة لفرض قيم منافية لحقوق الانسان سواء كان اصلها ديني او علماني .. و دائما باستخدام العنف و الاكراه .))= ميشال أونفراي= المسلمون ليسو حمقى , اقصد يخوض الغرب حروبا في بلدانهم في افغانستان مثلا , في مالي يجعل حياتهم مستحيلة يقوم بمجازر هناك .. يقتلهم يالعشرات او بالمئات و في نفس الوقت يريد منهم ان يكونوا طيبين !=الكاتب=(( نعتقد ليست هناك حرب مبررة . الحروب جميعها خاطئة لانها ضد الاعمار و ضد الحياة . و مع ذلك .. فالحرب الوحيدة الجديرة بالدعم و المساعدة هى الحرب من اجل احقاق حقوق الانسان التي صارت المرجع الرئيس للبشرية و أشبه بالكتاب المقدس لها . و بالنسبة لمالي فالمعروف ان تسلسل الاحداث كان كالتالي : في 2011 عاد الالاف من المقاتلين الطوارق الذين كانوا يقاتلون في ليبيا بعد سقوط نظام القذافي و بدؤوا عملا مسلحا لاقامة دولة للطوارق في اقليم ازواد . و امام عجز الحكومة المالية آنذاك عن التصدي لهذه الثورة قام الجيش بانقلاب عسكري في مارس 2012 . غير ان الانقلاب لم يفلح في صد تقدم الثوار الطوارق . و ظهر حينئذ ان الثورة تشترك فيها ايضا جماعات لها علاقة بالقاعدة مثل أنصار الدين و حركة التوحيد و الجهاد في غرب افريقيا .. و نجحوا في اعلان استقلال اقليم ازواد كدولة في ابريل 2012 . و خوفا من تقدم الثوار الى العاصمة باماكو طلب الانقلابيون تدخل فرنسا . لقد كانت مالي على وشك ان تصبح افغانستان اخرى في افريقيا هذه المرة . لم يكن ممكنا لفرنسا و العالم ان يقف متفرجا ليري القوى المعادية لحقوق الانسان تزرع شرورها في العالم عبر البوابة المالية . هذه القوى التي تثبت توجهها المعادي لحقوق الانسان في كافة ادبياتها و بياناتها و نجد ذلك مكتوبا في الصدارة من مراجعها الرئيسة . لقد كان الوضع في مالي شديد التطرف و يجب مجابهته . ))(( و من ناحية اخري نقول انه صحيح قولك ان المسلمين ليسوا حمقى .. و هم غالبية سكان تلك الدول . ان الذي يشعل الحرب في بلدانهم هم المسلمون المتطرفون من ابناء جلدتهم الذين فزع للتعاون معهم على هذا الهدف البئيس من هم من غير ابناء جلدتهم . التطرف الاسلامي هو الذي جعل حياة المسلمين مستحيلة و قام ضدهم بمجازر قتلوا فيها بالعشرات و بالمئات . هؤلاء المسلمين الضحايا ليسوا حمقى .. جريمتهم انهم لا يحملون فكرا متطرفا يعتبر الآخر المختلف هدفا للقتل حتى و لو كان يرفع راية الاسلام . الجماعات الارهابية الاسلامية لا تمثل المسلمين الذين هم الغالبية المسالمة التي لا تعرف القتال و لا تملك السلاح كما حدث لطالبان وريثة سلاح النظام الروسي .. و حدث للطوارق وريثة سلاح النظام الليبي .. و حدث لداعش وريثة سلاح الثورة المضادة للنظام السوري . ان الاغلبية المسلمة الصامتة لا نريد منها ان تكون طيبة و تقبل بمبادئ حقوق الانسان . انهم بالفعل طيبون و اسلامهم دعى لحقوق الانسان قبل ان تعرفها الانسانية بمئات السنين . انهم ضحايا اقليات التطرف الاسلامي . ))= ميشال أونفراي= المسلمون ليسو طيبين و حق لهم ذلك ما دم الغرب في حرب نصرة للعلمانية بحجة ان الاسلام لا يناسب الغرب او ان الاسلام يشكل خطرا على الغرب .=الكاتب= (( المسلمون طيبون .. بل هم اطيب مما تتصور .. من ليسو طيبين هم المتطرفين الاسلاميين . و بالطبع ليس لهم الحق في ان يغضبوا اذا حاربناهم او حاربهم الغرب . فهم قبل ان يكونوا ضد الغرب هم ضد المسلمين و ضد الآخرين من ابناء جلدتهم من الاغلبية غير المنتمية اليهم كمااوضحت لك سابقا . ))(( لا احد يقول ان العالم في حرب لنصرة العلمانية . و لا احد يقول ان الاسلام لا يناسبه او ان الاسلام يشكل خطرا عليه . و الصحيح ان العالم بالفعل في حالة حرب لنصرة حقوق الانسان تلك الحقوق التي تدعو لها الافكار الوضعية و تدعو لها الاديان السماوية على السواء . و الصحيح ان الاسلام يناسب العصر لانه لا يتعارض مع حقوق الانسان بل و يدعو للتعارف بين الشعوب و القبائل المختلفة . و الصحيح ان الاسلام لا يشكل خطرا على احد لانه لا يدعو لافكاره بالعنف و بالاكراه حتى يجعل الناس مسلمين . ان ما تسميه الاسلام غير المناسب و الاسلام الخطر انما هو الذي نسميه نحن الاسلام المتطرف . و المسلمون الواقعون اسرى لهذا التطرف في بلدانهم هم اول الشاكين من عدم مناسبة التطرف لهم و من خطورته على حياتهم التي تحولت بسبب هذا التطرف الى جحيم لا يطاق . و دونك الجرائم الانسانية و الانتهاكات الغير مسبوقة لحقوق الانسان التي تشهدها الاراضي التي يسيطر عليها المتطرفون امثال القاعدة و داعش . ان الدواعش و امثالهم لا حق لهم ان نكون معهم طيبين و مسالمين او لا مبالين و ان ندعهم و شانهم .))= ميشال أونفراي= سياسيا ليس لدي الغرب اي حق في فرض القانون على الآخرين .. لماذا يفرض الغرب القانون على القذافي مثلا .. لماذا يفرض الغرب القانون في مالي .. لماذا لا يفرضه في باكستان .. لماذا لا يفرضه في قطر .. و لماذا لا يفرضه في الصين؟=الكاتب= (( علينا ان نقر بضرورة ان يكون هناك قانون يمكن ان يفرض على الآخرين . فالحياة الفاضلة و الصالحة لا يمكن ان تقوم بدون قانون . و عالم اليوم لم يعد جزرا معزولة او دولا متنافرة .. عالم اليوم تاسس على عقيدة حقوق الانسان التي مكنت البشرية من تكوين اول حكومة دولية تمثلت في الامم المتحدة . اذن ليس هناك قانون يفرض على الاخرين .. هناك قانون اتفقت البشرية على ان يفرض عليها لتحقيق السلام و الرفاه . و كان من الطبيعي ان تتركز بدايات هذا الفرض على الحالات الاكثر الحاحا . و لهذا كانت حالة ليبيا اكثر الحاحا من قطر و حالة مالي اكثر الحاحا من الصين . ))= ميشال أونفراي= اذا كانت حقوق الانسان تهمنا حقا فلماذا تحديدا في مالي و ليس في بلدان اخرى لا تحترم فيها حقوق الانسان؟=الكاتب= (( تقارير المنظمة الدولية عن حقوق الانسان تصدر كل عام و هي لا تستثني بلدا او حكومة . و سياتي اليوم الذي ترتفع فيه القدرة على التصدي لاي نوع من خروقات حقوق الانسان . ان الامر شبيه بالدور الذي تقوم به المنظمة الدولية في التصدي للآثار الماساوية للكوارث كالجفاف و الفيضان و الزلزال .. فنظريا ليس هناك فرق بين مالي و قطر او بين افغانستان و الصين .. فكل دولة يجب التدخل فيها عند الكوارث و عند خرق حقوق الانسان .))= ميشال أونفراي= انا اعتقد انه من الطبيعي في مالي ان تكون هناك سياسة داخلية يقوم بها الماليون انفسهم؟=الكاتب= (( الدولة دائما حرة في وضع السياسة المناسبة لها و التي تراعي خصوصياتها و لكن في نفس الوقت عليها ان تراعي حقوق الانسان . يجب ان يكون واضحا ان السياسة التي تتعارض مع حقوق الانسان تعد خرقا للعهد الدولي الذي لا توجد دولة لم توقع عليه بمحض ارادتها و رغبتها من اجل تحقيق السلام و الرفاه الدوليين . المشكلة ان القوى الارهابية عندما تسيطر على احدى الدول فان اول ما تفعله هو التنصل من العهود الدولية التى تتمحور حول التقيد الكامل بمبادئ حقوق الانسان . وكذلك القوى الارهابية عندما تسيطر على احدي الدول تبدأ في العمل على تفكيك المنظمة الدولية للامم المتحدة . فكيف يسمح لهكذا سياسة بان توضع و تنفذ على ارض الواقع ؟))= ميشال أونفراي =ان الغرب يدافع عن قيم اخرى غير القيم التي يدافع عنها الجهاديون في الصحراء .. نعم .. لديهم قيم مختلفة .. و لكنهم في بلدهم .. و لا يمكننا فرض القانون في بلدان المسلمين .. لندع المسلمين يقيمون قوانينهم .. لماذا لا نتدخل في اسرائيل؟=الكاتب= (( عفوا .. سنعيد التذكير بان المرجعية الدولية صارت اليوم هي حقوق الانسان . و كل دولة من دول اليوم سجلت اعترافا بهذه المرجعية في دساتيرها . فمن الطبيعي ان تاتي القوانين متناغمة مع الدستور و الا فما معنى الدستور خصوصا ذلك الذي يعترف بحقوق الانسان اذا كانت القوانين تعارض ذلك الدستور و تناقض حقوق الانسان المذكورة فيه . و ليست كل القيم هي حقوق الانسان . و عليه فلا احد يفرض قيمه على الاخر .. و اذا كنت تتحدث عم قيم حقوق الانسان فهذه كما اوضحت لك ليست مفروضة بل تم قبولها و اختيارها و تسجيل الالتزام بها في دساتير الدول كافة ))(( لا يمكننا ان ننكر ان اسرائيل دولة ديموقراطية و انها دولة قانون . و لا يمكننا ان ننكر في نفس الوقت انها تسجل انتهاكات خطيرة لحقوق الانسان في الشان الفلسطيني . ان النظام الدولي القائم اليوم بالتاكيد ليس هو النظام الامثل .. و لكنه افضل ما انتجته البشرية حتى هذه اللحظة . و الكثيرون يعملون من اجل تطويره ليمكن المجتمع الدولي من ملاحقة الارهابيين في كل الاماكن بما فيها اسرائيل . من غير المستساغ القبول بفكرة ان افعال اسرائيل السالبة وحدها هي المحرك الايديولوجي للارهاب في عالم اليوم . الواقع ان الارهابيين لا يخططون للقضاء على اسرائيل وحدها و لكن ايضا على كل ما هو مختلف عنهم ايدلوجيا . و هذا بالضبط ما يفعله و يعلنه التطرف الاسلامي . و هذا ما يجعلنا نقول ان المسلمين في مجتمعهم الاسلامي اليوم هم اول ضحايا التطرف الاسلامي المارق من بين ابناء جلدتهم و عقيدتهم للاسف . يجب التفريق بين المسلمين الداعين للسلام و المتطرفين الاسلاميين الناشرين للارهاب .)) = ميشال أونفراي= علي الغرب ان يتخلى عن فرض سياسته الاستعمارية على بلدان اخرى بحجة ان حقوق الانسان هي التي تحركه .. ليست حقوق الانسان هي التي تحرك هولاند في مالي!=الكاتب= (( ان السياسات الاستعمارية في طول التاريخ و عرضه كانت تتحرك تحت ستار مبادئ نظيفة و سامية . و تقريبا لا يوجد شعب من الشعوب لم يمارس الاستعمار على شعب او شعوب اخرى . و لذلك نجد ان التاريخ يتحدث عن الاستعمار الصيني و الروسي و الاوروبي و العربي . ان الاستعمار آفة بغيضة اصابت الانسانية و يجب اجتثاثها . انها مثل الاسترقاق الذي لم تسلم من ممارسته امة من الامم . كما ان الحروب و القتل و سفك الدماء لها حكايات تفيض بها كتب التاريخ لكل شعب من شعوب الكرة الارضية . فاذا سجل التاريخ قصة الجنود الفرنسيين و هم يلتقطون صورة تذكارية حاملين الرؤوس المقطوعة لضحاياهم في الجزائر .. فان نفس التاريخ قد سجل لاحد خلفاء التطرف الاسلامي قصة جلوسه في حديقة قصره الذي نبتت ازهاره و وروده من سماد المئات من رؤوس الضحايا من معارضيه . فاذا كان لزاما علينا ان نحاسب بعضنا البعض بم فعله الاجداد و دونه التاريخ فان البشرية موعودة بكميات من الدماء ما لن يقدر على احتوائه حتي الفضاء . و عليه يجب ان يكون ديدننا ان نشجب الارهاب الخاطئ و المزموم اينما وجد مثلما شجبنا ارهاب الاستعمار الاوروبي لافريقيا و غيرها او ارهاب اسرائيل في صبرا و شاتيلا او ارهاب الفراعين و الفرس و الروم في التاريخ البعيد . و ها نحن اليوم و بنفس القوة نشجب الارهاب الذي وقع في باريس موقعا الموت بعشرات الضحايا .))(( لا احد يعرف ما الذي كان يحرك هولاند عند تدخله في مالي .. لكننا نعرف ان التدخل الفرنسي في مالي قد قضى على ارهاب التطرف الاسلامي القادم مع ثورة الطوارق حاملا لافتة القاعدة و انصار الدين و حركة الجهاد . ان ارهاب التطرف الاسلامي لا يفرق بين المسلمين الطيبين و الفرنسيين المجرمين . كما انه الارهاب الذي غالبا ما يتخفى خلف شعارات براقة . )) أحدث المقالات
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة