|
على جمر الانتماء (قصة قصيرة)
|
08:27 PM Dec, 08 2015 سودانيز اون لاين عليش الريدة- مكتبتى رابط مختصر اليوم قررت أن أبدأ في كتابة مذكراتي , راودتني الفكرة منذ عام خلا , لكني لم أنفذها إلا اليوم , حدث في ذلك العام شئ يستحق أن يدون , لكني صددت رغبة تدوينه الملحة بدروع الأنفة والكبرياء الجريحة, واكتشفت متأخرا جدا للأسف الشديد أن تلك الدروع, ما نسجت إلا بخيوط الوهم التي بناها عنكبوت الغضب المستمر في أركان عقلي القصية . عدنا اليوم من القرية إلى المدينة حيث نسكن, أنا وأمي وأخواني من مأتم جدي الذي توفي قبل أربعة أيام , ولأن المدارس مازالت تعمل ولم تحن العطلة الدراسية بعد, فقد أمضينا ثلاثة أيام فقط, ثم عدنا تاركين أبي هناك لفترة أخرى, حتى يسمح للمعزين القادمين من شتى البقاع, بفرصة مقابلته مع أعمامي في القرية . كان جدي يعد فلتة من فلتات المكان والزمان.. كان مثل شجرة البرتقال التي ترعرعت وطرحت ثمارها الحلوة والغنية, في البلاد ذات المناخ الصحراوي المفلس , لذلك كانت قريتنا مصدرا لحسد كل القرى المجاورة على تلك الشجرة العزيزة . ولأننا نذهب إلى القرية عادة في العطلات الدراسية السنوية فقط, لذا كان نصيبي من الاحتكاك بجدي هو الربع من كل عام, وعندما كنت صغيرا كنت لا أفارقه إلا نادرا, وكثيرا ما كان يترك الذهاب إلى المزرعة ويمضي اليوم كله معي , كان جدي بارعا في سرد القصص ويحفظ منها الكثير , وله في ذلك أسلوب عجيب وآسر , وكنت أحب في ذلك الوقت أن أجلس أمامه ليحكي لي قصص التمساح الجشع, والثعلب الماكر, والثور الطيب, وعندما كبرت قليلا صرت أذهب معه إلى المزرعة , وفي كل عام كان يعلمني شيئا جديدا عن الغرس والري والحصاد , والاهتمام بالماشية.. وفي الوقت الذي كانت تنهال علينا أنا وإخوتي, تحذيرات الوالدين من محاولة السباحة في النيل الغدار , كان جدي قد علمني السباحة قبلها بوقت طويل . عندما أكملت أربعة عشر عاما , أي قبل عامين , بدأ ولعي بجدي يفتر , وفي الواقع كان ولعي بالقرية جميعها هو الذي يفتر , لقد فقدت ذلك الشغف المحرك, وظهرت لي اهتمامات جديدة في المدينة ,أدمنت قراءة الروايات والقصص البوليسية , وأدمنت أيضا الذهاب إلى السينما سرا, ولم تكن الأمور مهيأة تماما لمباشرة تلك الاهتمامات في أيام الدراسة, لذلك كنت انتظر العطلة بفارغ الصبر حتى أجد المساحة الكافية لمزاولتها, ولهذا السبب فترت لدي رغبة الذهاب إلى القرية , ولكن لأن الأسرة كلها كانت تقضي أيام العطلة في القرية, لذا كنت مضطرا لأن أذهب معهم, وقد أضر شعوري بالاضطرار هذا بعلاقتي بجدي في العام السابق .. وكان هو قد لا حظ هذا التغيّر الذي طرأ فيّ, لكنه لم يضغط عليّ , وكنت أتهرب من الذهاب معه إلى المزرعة , ومضت أيام العطلة ثقيلة ومملة , حتى بقى منها أسبوع , وكنت سعيد بالفرج الذي اقترب , رغم أني كنت سأعود للمدرسة .. ولكن قبل أن ينصرم ذلك الأسبوع بيومين , طلب مني جدي أن أذهب معه إلى المزرعة , فقمت بتجهيز الحمار الذي خصص لي لهذه الرحلة , ثم انطلقنا نحو المزرعة التي تبعد حوالي ساعة بسرعة مشي الحمار , وفي السابق كنا نقطع تلك المسافة بالأحاديث الممتعة والضحكات , لكن في ذلك اليوم بدت تلك المسافة بعيدة جدا ومملة.. وحدثني جدي دون مقدمات عن بعض شباب القرية الذين يتعاطون ( البنقو ),كان حديثا غامضا لذلك لذت بالصمت حتى وصلنا إلى المزرعة . عندما انتهينا من الواجبات في فترة الضحى, جلسنا لنرتاح ونشرب الشاي , فقال جدى فجأة: ألا تريد أن تسمع حكاية جديدة ؟ أربكني سؤاله لكني استجرت بالصمت , وأطرقت أنظر إلى الأرض ,فقال في إصرار : لماذا لا ترد على ؟ واستفزتني نبرة التحرش في لهجته, لكني قلت بقدر ما استطيع من اللطف : لقد كبرت يا جدي على حكايات التماسيح والثعالب . وعلي غير المتوقع, ضحك طويلا, حتى إنه اضطر إلى أن يضع كوب الشاي على الأرض , وهو أمر خارج عادته, فقد كان لا يفلته إلا بعد أن يفرغه من محتواه تماما مهما كان الشاي حارا .: طيب.. سأحكي لك اليوم واحدة من حكايات الرجال , وسنرى إن كنت كبرت أم لا ؟ هل أنت جاهز ؟وتملكتني الحيرة في ذلك اليوم الغريب , لكني أدرك الآن أنه لم يكن يوما عفويا, كان جدي يخطط لأن يوصل درسا , لكن الغرور قضى بأن أفهم الدرس متأخرا عاما كاملا .رددت عليه بتوجس : نعم .وبدأ يسرد قصته العجيبة : عاش في قريتنا قبل زمن طويل , رجل يدعى فضل السيد , كان شيخا متدينا وحكيما, وكان مقبولا من جميع أهل القرية, لذلك جعله العمدة مستشارا له في كل الأمور , كما كان يستعين به كذلك في فض النزاعات التي تحدث بين حين وآخر بين أهل القرية , وبفضل مجهوداته المخلصة مع العمدة ظلت قريتنا تنعم بسلام وهدوء دائمين , رغم أنها كانت لا تخلو من بعض الأفراد القلائل أصحاب الهوى والانحلال , وفي أحد الأيام حضر إلى القرية رجل يدعى محمود, وهو أصلا من أهلها, لكن كان جده قد هاجر باكرا إلى المدينة , وأنجب والد محمود هناك , وكذلك ولد محمود ونشأ في المدينة , ولأن عائلته كانت غنية جدا , فقد أتيحت لمحمود فرصة التعليم الجيد , وبعد أن أكمل تعليمه, هاجر للعمل في بلاد الخواجات لفترة طويلة, ثم عاد ليستقر في القرية.. كانت لدى عائلته أراضي زراعية مهجورة, أراد هو أن يفلحها, وأن يخدم أهله في القرية كذلك , كان غنيا جدا , متعلما جدا, ووا سع المعرفة , علم الناس طرقا جديدة للزراعة, وأدخل التراكتور في القرية لأول مرة , وكان يشتري أجهزة الراديو من المدينة, ويوزعها على أهل القرية دون مقابل, ثم شرع في تأسيس أول مدرسة للبنات بالقرية, وأنشأ مركزا صحيا صغيرا, وأحضر معه (حكيم) من المدينة, فصارت قريتنا و كثير من القرى المجاورة تتعالج في ذلك المركز , لذلك أصبح محمود في فترة وجيزة, أهم شخصية في المنطقة كلها, كما أصبحت قريتنا أهم قرية في المنطقة. وأعجب محمود بفضل السيد جدا , لذلك جمعت بينهما صداقة قوية , وهكذا هبت رياح السعادة والنماء في اتجاه أشرعة القرية, كانت حكمة فضل السيد وخلقه الطيب ,مع علم محمود وماله ,هي الأعمدة التي سيبنى عليها تقدم القرية, لولا الإمور التي حدثت بعد ذلك :كان من ضمن أهل الهوى الذين ذكرتهم لك , رجل اسمه جمال , كان موهوبا جدا في الكلام المنمق, وسرد القصص المسلية, وهو أيضا قضى فترة من عمره في المدينة , لكنه كان صعلوكا ولم ينجح في شئ..وبعد عودته الفاشلة للقرية اتضح للناس أنه مدمنٌ على البنقو , لذلك تجنبه الناس وعاش منبوذا إلى أن ظهر محمود , فقد نجح جمال في أن يصبح صديقا ملازما له,ولمهابة محمود المفرطة لم يتجرأ أحد من القرية لتحذيره وتوضيح مساوئ جمال له ,فتوطدت علاقتهما مع مرور الأيام, حتى صارا لايُشاهدا إلا معا.. مما جعل فضل السيد ينكمش شيئا فشيئا عن محمود, حتى فترت العلاقة بينهما تماما . وفي أحد الأيام دخل محمود لمجلس العمدة الذي كان فيه جمع من الرجال من بينهم فضل السيد, أخبر محمود العمدة بإنه ذاهب غدا للمدينة, لإحضار سينما متجولة للقرية , وفي ذلك الزمن كان الناس لا يفرقون بين السينما وبين المسيح الدجال , لذلك كانت الصدمة على رجال المجلس كبيرة جدا , لكن لم يجرؤ أحد على مناقشة محمود في الأمر, حتى العمدة لاذ بالصمت.. لكن رجل واحد فقط انبرى للدفاع عن شرف القرية , وكان ذلك الرجل هو فضل السيد بالطبع, وبعد نقاش طويل بينهما, فقد محمود السيطرة على نفسه فشتم فضل السيد بألفاظ سيئة وخرج من المجلس . وبعد خروجه انفكت الألسن الحبيسة, و ظهرت على الرجال علامات الغضب الشديد, وأظهروا تصميمهم على وأد مشروع السينما , حتى لو اضطروا إلى قتل محمود ,لكن كان جميع من في المجلس يعتقد جازما أن جمال هو الذي أوحى بفكرة السينما لمحمود.. وشعر العمدة ببوادر الفتنة, فسأل فضل السيد عن رأيه, ولأول مرة يبخل فضل السيد بتقديم رأيه للعمدة, فقد ظل صامتا وهادئا, لكن في داخله كانت تغلي مراجل خطته التي عزم على تنفيذها عندما يحين الليل, وهي خطة تعتمد على سر قديم آن له أن يكشف .. كان فضل السيد يعلم أن والدة محمود قد حضرت من المدينة لزيارة ابنها, لذلك عندما غطى الظلام القرية, ذهب إلى محمود في المنزل وطلب منه رؤية والدته , واستغرب محمود هذا الطلب , وحاول أن يصرف فضل السيد ,فعلت أصواتهما , وحضرت والدة محمود لتعرف سبب هذه الضجة التي يحدثها ذلك الزائر الغريب, وسألت : من معك يا محمود ؟ واندفع فضل السيد قائلا : أنا فضل السيد الأمين كرم الله, ياعمتي آمنة .. وكان هذا الرد, مثل الثقل المفاجئ الذي نزل على مؤخرة عربة الكارو فقلبهاتماما.. أخذت الحاجة آمنة تبكي بكاء شديدا, وشعر محمود رغم علمه الجم, أنه مازال يجهل أشياء كثيرة, وهي أشياء للأسف الشديد عن أهله وأصله ومنبته, وشرحت له أمه السر القديم : إن جد فضل السيد هو ابن عمومة لجدك ولأبي , هاجر جد فضل السيد أولا إلى المدينة واستطاع أن يؤسس عملا تجاريا در عليه دخلا جيدا , وعندما علم جدك ووالدي بنجاح ابن عمهما, هاجرا إليه, فقام باستضافتهما وعلمهما العمل, ثم دفع إليهما بمبالغ كبيرة ,لينفصل كل واحد منهما بعمله , وتوسعت تجارة الجميع بعد ذلك , وبعد زمن طويل توفي جد فضل السيد وابنه الوحيد الذي هو والد فضل السيد, في رحلة تجارية إلى خارج البلاد , وتركا فضل السيد صغيرا مع أمه, ولم يتركا شيئا من المال تقريبا خلفهما , وتزوجت والدة فضل السيد بعد فترة وذهبت مع زوجها وابنها إلى مدينة أخرى ولم نسمع عنهما شيئا بعد ذلك.وانتهت زيارة فضل السيد إلى منزل ابن عمه, مع قدوم الفجر, وظل محمود صامتا عندما ودعه فضل السيد قائلا : كما اتفقنا سأرحل عن القرية بعد ثلاثة أيام فقط, وأرجو أن توفق أنت في خدمتها وخدمة أهلها , ولكن كما أخبرتك احذر من جمال وأصحابه.ولكن قبل أن تنته فترة الأيام الثلاثة, حضر محمود إلى منزل العمدة ووجد رجال المجلس جميعهم مع العمدة عدا فضل السيد , وأخبر محمود العمدة بأنه مغادر الآن إلى المدينة ولن يعود إلى القرية مرة أخرى , وطلب منه إن ظهرت لهم حاجة لأى شئ أن يتصلوا به في المدينة , وطلب منه كذلك أن يبلغ سلامه لفضل السيد .وهكذا خسرت القرية محمود وحافظت على فضل السيد, بعد أن عجزت عن الجمع بينهما , وعادت الأمور كما كانت من قبل , وعمت السعادة والسلام القرية من جديد ,عدا بعض المشاكل من جمال وأصحابه. وبعد أن حكى جدي قصته قال لي: ما رأيك ؟ وكانت هي لتكون قصة جميلة, لولا نهايتها التي تشبه نهاية الأفلام الهندية, التي لا أحبها, إلا إنها إجمالا كانت جيدة , لذلك لم أكذب عندما قلت له : إنها قصة جيدة . لكنه رد علي بحدة : أنا لم اسألك عن رأيك في القصة.وحدث بعد ذلك سجال طويل وعنيف , ولأني كنت أعلم أن جدي كان دائما على استعداد لأن يقذف بجوال البصل بكامله إلى المزبلة, إن لاح فيه نتن بصلة واحدة فقط ,ولأني كنت أعلم أن جدي كان من نوع الرجال الذين يقبلون جملة أو يرفضون جملة.. كان رجلا لايعرف التجزوء .. لذلك حاولت في ذلك اليوم بقدر ما وسعني ,أن أتقافز فوق أشراك الصدام التي كان يصر على الاستمرار في نصبها لي .والآن فقط تذكرت قصة فلم كنت قد شاهدته سابقا , كان يحكى عن مخلوقات فضائية غزت الأرض , كانت تملك القدرة على التشكل بأشكال البشر , لذلك كادت أن تحتل الأرض , لكن بطل الفلم اكتشف أن بشرة تلك المخلوقات عندما تتعرض لأشعة الليزر, فإنها تكتسي باللون الأزرق الداكن , لذلك سهل كشفها .. كان جدي في ذلك اليوم يمرر مصباح الليزر خاصته على بشرتي , فكان لابد لها أن تكتسي باللون الأزرق الداكن.وانتهى النقاش الطويل العنيف بجملة قاسية وحاسمة:إن الفساد الذي يحدث من السينما, أفضل من حياة الأمية والتخلف التي تعيشونها, ما أنتم إلا كالبهائم . واستعرضت الكف الضخمة ,غضبها الكاسر على مسرح خدي, ولأن النقاش كان نقاش رجل لرجل , فإن الصفعة لم تكن صفعة جد لحفيد, ولا حتى صفعة شيخ لصبي, وإنما صفعة رجل لرجل..وهكذا كان ذلك اليوم حكرا على لسعات الرجولة المؤلمة..و هرولت نحو القرية , تاركا حماري في المزرعة, وفي الطريق خطر لي أن أقذف بالساعة التي كنت أرتديها ,كانت هي هدية قديمة من جدي, وكانت في السابق مصدر إعزاز كبير وشعور بالتميز, لكنها كوتني في تلك اللحظات مثل الجمرة, لكنى طردت ذلك الخاطر, لأنى فكرت في شئ أكثر إيذاء .. فأسرعت في السير, وقطعت المسافة في أقل من زمن الحمار , وكان وقودي الذي يدفعني , هو الرغبة العارمة في التنكيل..وبمجرد وصولي إلى البيت ذهبت إلى غرفة جدي, ووجدتها خالية, فوضعت الساعة في مكان يستحيل عليه ألا يراها فيه :على سطح وسادته التي عليها ينام, ثم خرجت في هدوء.. وكان ذلك اليوم بكل أحداثه آخر عهدي بجدي ,لأنه لم يتعرض لي إلى أن سافرنا, ولم أتعرض له . وعندما جاءنا خبر وفاته قبل أربعة أيام, سافرنا إلى القرية وعند وصولنا كان السرادق منصوبا, فتوجهنا إليه لتقبل وتقديم العزاء ,ثم دلفت بعد ذلك إلى جدتي , وعلى غير عادات قريتنا, كانت النساء يبكين في صمت ,لأن جدتي منعت النياحة والبكاء الفاحش, ورأيت عليها جلالة مهيبة بحزنها المرتسم على وجهها , وبثوب حدادها الأبيض, وبعد أن عزيتها عدت إلى سرادق الرجال مرة أخرى .. وعندما كنت في طريقي مع أسرتي للعزاء , كنت أظن أني أوفيت بقسم الغضب الذي أقسمته في العام السابق, وهو ألا أدخل إلى القرية أبدا طالما جدي موجود فيها ,لكني اكتشفت بعد وصولي أني كنت محنثا, فرغم أنه مات إلا أنه ما زال حاضرا في القرية.. لقد رأيته في عفو ماء الوضوء عندما يبل شفاه التراب العطشى, وفي لمعة هلال المئذنة عند ما ينزل عليه القمر.. وسمعت صوته في شهقة المجداف وهو يلاطم النيل ليدفع بالمركب للأمام , وفي خرير الشاي عندما يصب في الأكواب ... وشممت رائحته في خلاصة عجين الكسرة الخمّار, وفي روث البقرة الطازج..إن القرية لا تستطيع أن تقوم من دون جدي, إلا إذا قام البالون من دون هواء. وبعد أن أمضينا ثلاثة أيام, قرر أبي أن يرسلنا إلى المدينة, فودعنا جدتي وذهبنا نحو العربة, لكنها استبقتني وقالت هامسة: تعال معي.وأدخلتني إلى غرفتها , كان قلبى يدوى بعنف,ورجلاي ترتجفان..قالت :ترك لك جدك شيئا . وأخرجت ساعة جدي, التي كانت أكثر أملاكه عنده احتراما ومدتها لي قائلة : هي أوسع من ذراعك, لذلك ضعها في جيبك حتى تصل إلى المدينة.وضمتني مودعة, فتشبثت بها بقوة, وحاولت أن تفلتني , لكني كنت كالغريق الذي يوشك أن يغوص بمنقذه.. وبكيت مثلما تهبط الطائرة التي تعطلت كوابحها في الجو.. وحاولت أن تفلتني بقوة أشد, كانت تتمتم بأشياء عن الرب الكريم عز وجل, وعن النبي الحليم عليه الصلاة والسلام , وعن الجنة التي حُرّم عليها الحيرة والأحزان, لكني لم أفلتها..فاستسلمت أخيرا, وروينا الصحارى الظمأى بوابل الدمع الفجيع. وأنا أختم مذكراتي لهذا اليوم بسؤال بديهي: هل أحفظ ساعة جدي إلى أن تصبح في مقاس ذراعي ثم ارتديها, أم أعدلها لتنا سبني الآن؟ أعتقد أني سألجأ للخيار الثانى, وذلك لأمر بديهى أيضا,و هو أن ذراعي لن تملأ فراغ سوار ساعة جدي ولو عشت أضعاف عمره. تمــــــــــــــــــــــــــــــت
(عدل بواسطة عليش الريدة on 12-08-2015, 08:30 PM)
|
|
|
|
|
|