المهندس إبراهيم محمود ارتكب (جليطة) لا تشبهه، فقد ظل منذ تسنمه منصب نائب رئيس المؤتمر الوطني يحظى باحترام الجميع جراء سلوكه السياسي المنضبط البعيد عن المخاشنات واستفزاز الخصوم، لكنه أثار موجة من الغضب والاستنكار بعد أن أعلن مؤخراً رفض حزبه مقترح الحكومة الانتقالية. المقترح مطروح منذ ما قبل الانتخابات الماضية، وجدد من قبل المؤتمر الشعبي، الأقرب هذه الأيام إلى الوطني من شراك نعله، بالرغم من أن المقترح قدم عدة خيارات من بينها أن يرأس الحكومة الرئيس البشير كشخصية قومية. كانت تصريحات إبراهيم محمود صادمة لأنها تتعارض مع تعهدات متواترة قدمها الوطني بقبوله بمخرجات الحوار أياً كانت، ومن شأن تلك التصريحات أن تزيد المشهد السياسي تعقيداً، وتفاقم من أزمة الثقة، خاصةً وأن هناك أحزاباً كثيرة وحركات حاملة للسلاح تنتظر ما يقنعها بجدوى الحوار، وأن الوطني جدير بثقتها ومستعد لتقديم التنازلات ولتهيئة المناخ المفضي إلى حوار يحقق التراضي والتعافي الوطني، ويخرج البلاد من وهدتها إلى بر الأمان. يبدو لي أن إبراهيم يحتاج إلى أن يصحح موقفه بشجاعة، لأنني أعلم بعد أن حاورته بنفسي أن ما صدر عنه لا يعبر عن رأيه الذي عبر عنه أمامي، وأبدى فيه حرصاً كبيراً على إنجاح الحوار مهما كانت نتائجه. كذلك فإن المعارضة تتوقع من الأخ إبراهيم محمود مواقف أكثر مرونةً فيما يتعلق بالحوار التحضيري، باعتباره العقبة الكؤود التي - إن حلت - ستحل مشكلة الحوار الجزئي الحالي بما يجعله شاملاً يضم جميع المقاطعين بمن فيهم نحن في تحالف القوى الوطنية وبقية التحالفات والحركات الحاملة للسلاح، لينخرطوا جميعاً في حوار الداخل. إني لأتوقع من الأخ إبراهيم أن يكون أكثر صبراً على الحوار ومناكفاته، وأن يقود إخوانه من صقور الوطني لإنجاحه، فهلا أطلق لطبعه السمح العنان للتحرك باتجاه التوافق والتراضي بدلاً من الشقاق والتشاكس؟. فارس فارس يا هارون ذلك كان هتاف طلاب خورطقت الذين استطاع والي شمال كردفان أحمد هارون أن يحيل التظاهرت التي نظموها للاحتجاج على سوء طريق الأبيض خورطقت وانعدام المواصلات ونقص بعض الاحتياجات الأكاديمية والخدمية.. أن يحيلها إلى كرنفال احتفالي واحتفائي به. بدلاً من أن ينزوي ويبعد (من الشر) والإحراج الذي يمكن أن يتعرض له في مواجهة الطلاب الثائرين، اقتحم تظاهرتهم بشجاعة وإقدام وتحدث إليهم حديث الأب لأبنائه، ووعد بمعالجة أوجه القصور الذي اشتكوا منه خلال أيام قليلة، وكان واثقاً بنفسه بعد أن قدمها لمواطنيه من خلال انجازات مكنته من أن يتبوأ مكاناً علياً. كنت شاهداً على بعض مناشط النفير الذي قاد به ولايته التي جاء منقولاً إليها من جنوب كردفان التي كانت موبوءة بالحرب وانعدام الأمن، وكنت وقتها أناصبه الخصام جراء خلاف في وجهات النظر إزاء مواقف اتخذها من التمرد في تلك الولاية الملتهبة.. في تلك الأيام النحسات كان التمرد في أوج قوته ودولة الجنوب تظاهره وتناصره والموقف التفاوضي للحكومة السودانية في أضعف حالاته للدرجة التي أوشكت أن توقع السودان في حبائل نيفاشا أخرى سميت يومها باتفاقية "نافع عقار" التي رجمناها بما كانت تستحقها من حملات إعلامية ضارية.. في تلك الأيام بلغ الخصام بيننا وبين أحمد هارون درجة أن يرفع دعوى ضدي وأن نتبادل القذائف عبر مقالات ملتهبة كتبها كلانا في الصحف. دارت الأيام دورتها وأنعم الله على السودان بفتوحات كبرى في الجانب الأمني غيرت من موازين القوى وشاء الله أن ينتقل أحمد هارون إلى شمال كردفان التي أتاحت له من خلال الأمن الذي تنعم به ما لم يكن متاحاً في ولايته القديمة، فتفجر إبداعه وتفتقت عبقريته عن نفير باذخ أقامه في ولايته الجديدة، مما وددت أن يتكرر في ولايات السودان الأخرى. قلت له في أحد لقاءآت النفير الذي كان وقتها قد آتى أكله وأطل في شكل مشروعات معتبرة، رأى الناس ينعها وتذوقوا ثمارها.. قلت له وهو يقدح في أهل الأبيض وشمال كردفان شرارة النفير ولهيب الثورة والنهضة، معبراً عما جال بخاطري من مشاعر الإعجاب بتجربته الجديدة بعد أن تحدثت عن مخاشناتنا السابقة إني أتمنى لو استنسخ أو استنسخت تجربته في كل ولايات السودان الأخرى، وقد نصحت بعض الولاة الذين التقيتهم بأن يفيدوا مما قام به ولو كان بمقدوري لعرضت التجربة بكاملها على جميع الولاة وأمرتهم بتكرارها. كوفئ أحمد هارون بأن كان هو الوحيد من بين الولاة الذي ثبت في موقعه ولم يعف أو ينقل إلى ولاية أخرى. أشعر بأن النفير حقق أهدافه لكنني لا أفهم، لماذا توقف ولم نعد نسمع عنه بالرغم من أننا أعلنا جاهزيتنا لدعمه إعلامياً حتى يتواصل ويحقق كل مطلوباته؟.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة