|
قوموا إلى صلاة الإعتذار! بقلم هاشم كرار
|
01:48 PM Oct, 15 2015 سودانيز اون لاين هاشم كرار- مكتبتى فى سودانيزاونلاين
الإعتذارٌ قيمة عالية، لا يقدرُ عليها إلا أولي الضمائر التي تستيقظ.
هو قد يكون كلمة.. وقد يكون جملة.. وقد يكون فعلا شريفا.
بالإعتذار يغتسلُ الضمير، وتهللُ- بعض انقباض- أساريرُ النفس، وتترقى هذه النفسُ درجات في مقام الطمأنينة والراحة، والكمال.
من منا، من لم يرتكب خطأ في حق إنسان آخر، والأخطاء- مثل الخطايا- منها مايحوك في الضمير، وتخاف أن يطلع الناسُ عليها!
الضمير؟
أى نعم، له عذاب أمر، ولا من نجاة من هذا العذاب، إلا بغسله بمطهرات طلب الصفح!
يعترفُ أفظع الرجال في نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، ومن هو أفظع الرجال في ذلك النظام غير وزير الداخلية؟
ادريان فلوك.. اسم- ما أن يرد- إلا ويقف شعرُ الرأس. كان جهما، أجش التقاطيع.. وكانت مهمته في الأساس ترويع السود، وارتكاب الفظائع.
الذاكرة السوداء، في جنوب إفريقيا، لا تزال تختزنُ عذابات، من وسائل تعذيب هذا الرجل.. لكن هذا الرجل، ظل منذ سنوات يمشي بين الناس، بفعل الإعتذار.. خاصة بين الفقراء في مدن الصفيح، حيث كان اسمه -اسمه فقط - يوقف شعر الجلد!
يومذاك- كان ضميره- وهو في خضم سلطة القمع العنصري- في بيات شتوي.
كان المسكين يدركُ أن اليوم هو اليوم، وليس غدا هو يوم آخر، على الإطلاق.
أشرقت شمسُ اليوم التالي، وكان مانديلا يودعُ سجانه، ويبتسم، وكانت ويني زوجته ورفيقة كفاحه تفرد ذراعيها، وكان السود في كل مكان يرقصون بالعنق والساق والردفين والقدم!
انتهى فصل، وجاء فصلُ الحقيقة والمصالحة: أجملُ تعاليم مانديلا.
أتخيل أدريان فلوك، يقف مشدوها، يفرك في عينيه. أتخيله ينتبه فجاة: ياااا ه.. هذا هو يوم آخر!
لو أضعت في خضم سطوة السلطة، يومك هذا، فلا تضيّع- ياصاحبي- يوم غد... ولو غيّبت ضميرك في يوم، فهش عليه بعصا الندم، في الأيام التالية!
الندم، حالة شريفة.
هو حالة، تقول إن الضمير فتح عينيه.
هو أول منازل التقرب إلى الناس زلفى.. أول المداخل إلى فضيلة الإعتذار.
ندمتُ.. أى ورب الناس.
تخيلتُه- رجل الفظاعات- وهو في ندمه. أشفقتُ عليه: ياااااه ما أعظم الفظاعات، وأعظم الندم.
أدريان فلوك، لم يكتف بإعلان الندم، هرع إلى فعل الإعتذار, هو الآن كهل، أشيب الرأس، يجوب من وقت لآخر مدن الصفيح بشاحنة صغيرة، يوزع الطعام والحلوى لفقراء السود، ويفتح بيته لمن عذبهم ذات تاريخ، يتخذون منه زوايا لأشغال تدر عليهم مايسكت صراخ المصارين.
أدريان، لم يعد أجش الملامح..
الإعتذار، يعيد تطييب الملامح، من اول جديد.
الآن، كثيرون، في مدن الفقراء، لا يرون أدريان غير رجل أبيض، حيي الملامح، يمشي بالإحسان.. وقليلون منهم يقفُ شعر رأسهم- بأثر رجعي- كلما ورد اسمه: رجل الفظائع أدريان فلوك.. أدريان فلوك، وتقفز لهم- من مكان ما في الذاكرة- ملامحه الجهمة!
أيها الناس: طوبى لرجل يستيقظ فيه ضميره.
طوبى لمن .. يعتذر!
أيها الفظائعيين في السودان، قوموا قانتين إلى صلاة الإعتذار، يرحمكم من تبقى من الشعب السوداني الفضل!
أحدث المقالات
- الحوار الوطني.. الإجراءات سبيل للمخرجات (1) بقلم البراق النذير الوراق 10-15-15, 01:24 AM, البراق النذير الوراق
- المؤتمر التحضيرى شبح تخافه الحكومة السودانية! بقلم د . على حمد ابراهيم 10-14-15, 11:43 PM, على حمد إبراهيم
- أشهر ست شاي سودانية في فرنسا!! بقلم فيصل الدابي/المحامي 10-14-15, 10:16 PM, فيصل الدابي المحامي
- دولة المؤتمر الوطني !……العميقة !!! بقلم ودكرارأحمدحسن 10-14-15, 10:14 PM, أحمد حسن كرار
- صراع الأفيال والصحة بقلم عميد معاش طبيب سيد عبد القادر قنات 10-14-15, 10:13 PM, سيد عبد القادر قنات
- اللجنة: خبايا الإنفتاح الإقتصادي بقلم نورالدين مدني 10-14-15, 10:11 PM, نور الدين مدني
- المستوطنات بين الغباء الاسرائيلي والضعف الرسمي الفلسطيني بقلم سميح خلف 10-14-15, 10:10 PM, سميح خلف
النظام مشغول بقضايا أنصرافية ويتجاهل أزمة إنسانية طال أمدها بالسودان بقلم الفاضل سعيد سنهوري 10-14-15, 02:59 PM, الفاضل سعيد سنهوريحكاوي امدرمان بقلم شوقي بدرى 10-14-15, 02:57 PM, شوقي بدرىالجامعة الأهلية.. تصحيح المسار بقلم نور الدين محمد عثمان نور الدين 10-14-15, 02:55 PM, نور الدين محمد عثمان نور الدينغياب الإلتزام الحقيقي بالسّلام بقلم ألون بن مئير 10-14-15, 02:53 PM, ألون بن مئيرمن كان بيته من زجاج.. بقلم كمال الهِدي 10-14-15, 02:51 PM, كمال الهديدعم الغرب لإسرائيل لن يحول دون زوالها بقلم د. غازي حسين 10-14-15, 02:50 PM, مقالات سودانيزاونلاينالانتفاضة الثالثة انتفاضة الكرامة (5) القرار المستقل والمشاركة الفردية بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي 10-14-15, 02:48 PM, مصطفى يوسف اللداويالحكومة الساهية والمعارضة اللاهية!! بقلم حيدر احمد خيرالله 10-14-15, 01:56 PM, حيدر احمد خيرالله شبح الماضي!! بقلم صلاح الدين عووضة 10-14-15, 01:48 PM, صلاح الدين عووضةولكن نافع لا ينتظر الموت..!!! بقلم عبد الباقى الظافر 10-14-15, 01:46 PM, عبدالباقي الظافرلماذا يا إسحق ؟ ! بقلم الطيب مصطفى 10-14-15, 01:42 PM, الطيب مصطفى ( زورق الميري) بقلم الطاهر ساتي 10-14-15, 01:40 PM, الطاهر ساتي النيابة والشرطة والقضاء علاقة تناحر ام تفاعل؟ وهل المحامي كبش فداء لكل منهم ؟ ( 1-2 ) 10-14-15, 03:13 AM, عبد العزيز التوم ابراهيمورحل المسرحي السودني إبسن عبدالقادر في زمن الفجيعة و الأحزان بقلم بدرالدين حسن علي 10-14-15, 03:09 AM, بدرالدين حسن عليالهجرة إقامة دولة 1 بقلم ماهر إبراهيم جعوان 10-14-15, 03:08 AM, ماهر إبراهيم جعوان
|
|
|
|
|
|