|
النيابة والشرطة والقضاء علاقة تناحر ام تفاعل؟ وهل المحامي كبش فداء لكل منهم ؟ ( 1-2 )
|
03:13 AM Oct, 14 2015 سودانيز اون لاين عبد العزيز التوم ابراهيم- مكتبتى فى سودانيزاونلاين
عبد العزيز التوم ابراهيم ولعل العلة التي أصابت البناء الاجتماعي السوداني بكافة فئاته ومنظماته ومؤسساته هي سيادة روح الهيمنة والانانية والنرجسية علي أُسس التفوق الذاتي الموهوم ! اذن هي دايليما عقلية موغلة في ثقافة الانسان السوداني ، نعم ثقافة الانسان السوداني ؟ حقا انها متاهة ! والاجهزة العدلية ليست بمعزل عن هذا السياق المجتمعي السوداني لان الوهن والضمور لحقتا بكل ضروب الحياة في السودان وهنا من باب الامانة العلمية ضرورة استصحاب هذه الفرضية في سياق التعاطي مع اي مسالة متعلقة بالاجهزة العدلية او غيرها من المؤسسات ! حيث ان جهاز الشرطة وبحكم الميراث الديكتاتوري الممتد في البلاد والشمولية القاتلة وبما ان الشرطة طوال هذه الحقب ظلت هي الجهة التي تقع علي عاتقها كثير من الاعباء التنفيذية وتناط اليها أمر تنفيذ القوانين المعدة سلفا لحماية هذه الانظمة الشمولية مما شكلت لديها عقلية وثقافة مهنية لا تعترف بحق الاخر (الملكي) حتي ولو كان قاضيا او كيل نيابة او محامي دعك عن المواطن العادي! وما الحوارات والمداولات التي يجري في شتي مجموعات ضباط وافراد الشرطة علي مواقع التواصل الاجتماعي يكشف ماهو مستبطن في طبيعة هذه الذهنية وفي هذه السياق وحيال قضية ضابطي الشرطة بقسم امدرمان جنوب مع وكيل النيابة الذي تم زجه في الحراسة مع المتهمين الذين يرجون منه النجاة ! حيث نُوقشت في احدي المجموعات الخاصة بهم بان لديهم اعتراض علي الصيغ التي تصدر من وكالة النيابة لمخاطبتهم في أمر متعلق باي أجراء ...مثل : الشرطة :- تحضر الاوراق للنيابة ......ذكر احدهم معلقا يجب الا نتلقي أوامر من النيابة لانها ليست الجهة التي تمحنا التوجيهات (ملكي) ...الخ هذه هي سوء فهم وتقدير للقانون الذي يخول لهم السلطات والصلاحيات والا اذا كان لهؤلاء الضباط مصادرأخري يتلقون منهم سلطاتهم وصلاحياتهم ان لم تكن ناتجة من نفسية الفهلوة والعجرفة والغطرسة!!! ولعلنا هنا نلتمس العذر للشرطة حول الندية والتضاد والمشاحنات مع النيابة لاحساسهم القوي وذلك لفقدهم بعض الصلاحيات والامتيازات التي كانت لهم حصريا والآن تم أغتصابها بواسطة النيابة !، ومن المعلوم تاريخيا كانت الشرطة تقوم بدور وكيل النيابة وحيث كانت تتولي الاختصاص في تقدير المعلومات الاولي في أرتكاب جريمة ما وتقوم بالتحقيق وتنفيذ عملية القبض بتوقيع مذكرة ذات صلة بواسطة المحكمة المختصة وتحديد التهمة وتلخيص القضية وتقديمها للمحكمة وكما تتولي الادعاء ، ومع تأسيس فكرة النيابة في السودان فان العمل التي كانت تقوم به الشرطة قد آلت الي وكلاء النيابة الذين يغطون معظم ارجاء السودان وخاصة في عهد وزير العدل السابق" دوسة" تكاد تكون لكل محلية وكيل نيابة ، الآن وكلاء النيابة يتولون اصدار اوامر القبض والتفتيش وحالات الافراج ومراجعة الحراسات واصدار اوامر التكليف بالحضور وكل الاجراءات اللازمة حيال الدعوي الجنائية وأكثرمن ذلك انهم يتولون الادعاء أمام المحاكم . وهنا تكمن طبيعة الصراع بين الشرطة والنيابة لان الحقوق التاريخية قد سلبت منها وأنيطت أمرها للنيابة وعلاوة علي ذلك للعوامل النفسية الناتجة من سبب التركيبة البنائية للشرطة بفعل الفلسفة الثنائية التي ترسخت عبر ازمان وهي (شرطي مقابل ملكي) هذه العوامل مجتمعة شكلت عقلية متعالية تري سمو ومفارقة ذاتها علي ذوات الاخرين (الملكية) ومسرح الحياة اليومية تعرض لنا الكثير من الشواهد التي تأكد قناعتنا بذلك وكما عززتها عامل ضعف الدراية بكثير من القوانين ذات صلة والثقافة القانونية المحصنة والمانعة!. وعلي الرغم من ان قضية ضابط الشرطة الذي زج بوكيل النيابة في الحراسة أثناء مباشرة عمله الرسمي بسبب خلاف بسيط بينه وبين وكيل النيابة قد تم التعاطي معها بشكل حاسم وسريع من الجهات المختصة ، الا ان هذه المعضلة تظل قائمة ليس فحسب في العلاقة الجدلية التناحرية بين الشرطة والنيابة بل تمتد أثارها لجميع زملاء المهنة من السادة القضاء والمحامون فعليه نتأهب قريبا لكي تصل في مسامعنا ان قاضيا ما تم زجه في الحراسة بواسطة ضابط الشرطة! أما ما يتعرض له الزملاء المحامون تكاد تكون مشروعا اجراميا منظما فحدث ولا حرج ! كون ان يضرب محامي ويلقي به في غياهب السجون بواسطة الشرطة مخالفة وتحديا لكل قوانين وأعراف المهنة ولا تثير اي استغراب لا للقضاء ولا النيابة ولا وزارة الداخلية فهذا أمر طبيعي!!! وببساطة لانه محامي أو بمفهوم اخر عدو للنظام ! وهكذا " تمضي الأمور من جهالة إلى جهالة، حتى يغدو الفكاك من ربقتها مستحيلاً، إلا بقفزات هائلة في الخيال، أو بثورات هائلة في الروح كما قال الروائي" الطيب صالح " كما ان هناك ليست اي جهة تحمي المحامي بعد ان تنصلت نقابة المحامين السودانين من مسئولياتها تماما في حماية منسوبها ! ثم اننا نتساءل لماذا كل هذا التهافت والاهتمام واللهفة في قضية وكيل النيابة مع أقرارنا بعدالة القضية في الوقت ذاته ان هنالك العشرات بل المئات مثل هذه الحالات تعرضوا لها الزملاء المحامون ؟! اليست خرق اي قانون معمول به في السودان سواء كان قانون السلطة القضائية او قانون المحاماة اوقانون وزارة العدل اوأي قانون آخر يستوون جميعهم في البشاعة والفضاحة كما في الوزن والقيمة ؟! وهل أنتهاك حرمة قانون المحاماة لسنة 1983 ليس مدعاة لاتخاذ الاجراءات والتدابير اللازمة من الجهات ذات الاختصاص لفرض سيادة حكم القانون ؟! ام ان أنتهاك حق المحامي لا يعني المساس بهيبة الاجهزة العدلية ؟! كل هذه التساؤلات تثير في أذهاننا حزمة من الشكوك وتعيد لذاكرتنا السؤال الملتبس الشكاك : لمن تكون العدالة ؟ العدلة لهم ولمنسوبيهم ، اليست كذلك ؟ وقد احتفلت بعض الصحف اليومية المنسوبة للنظام قائلين " انه لاول مرة في التاريخ يرفع الحصانة من أفراد الشرطة بسرعة علي ذمة التحقيق وذلك من اجل العدالة " ! ألم تكن هناك تفسير واحد لا يحتمل أي معني آخر سواء كان للقاصي أو الداني ؟ ولماذا لم نسمع بمثل هذا الاجراء للعشرات من الحالات المماثلة المتعلقة بمحامي او اي مواطن آخر ؟! اذن وفي خضم تحليلنا للعلاقة الجدلية التناحرية بين الاجهزة العدلية وخاصة بين الشرطة والنيابة والتي تستند مشروعيتها لعوامل تاريخية تارة وطورا اخري لعوامل نفسية ، وربطا ووصلا بين هذه الحلقة لابد من تعاطي ومعالجة ايضا العلاقة بين المحامي والشرطة والقضاء بعد ان عالجنا في هذه الحلقة العلاقة بين النيابة والشرطة .
أحدث المقالات
- أغلى الحبايب! بقلم هاشم كرار 10-13-15, 07:19 PM, هاشم كرار
- أداء و كفاءة محطات توليد الكهرباء (4) بقلم د. عمر محمد صالح بادي 10-13-15, 05:34 PM, د. عمر بادي
- المجتمع المدنى التونسى ينال جائزة نوبل للسلام! بقلم على حمد إبراهيم 10-13-15, 05:32 PM, على حمد إبراهيم
- ما.. بنحاور بقلم نور الدين محمد عثمان نور الدين 10-13-15, 05:30 PM, نور الدين محمد عثمان نور الدين
- تحرك أمريكا .. فى سوريا بقلم طه أحمد أبوالقاسم 10-13-15, 05:28 PM, طه أحمد ابوالقاسم
- هل تخلت السعودية عن جزيرتي صنافير وتيران للعدو الإسرائيلي؟ بقلم د.غازي حسين 10-13-15, 05:26 PM, مقالات سودانيزاونلاين
- أم المليونيات الجنوبية باليمن تستهوي دول التحالف وتقضي على آخر أمل للتطبيع أو التفاهم مع الشمال 10-13-15, 05:24 PM, أمين محمد الشعيبي
- اسلام البحيرى- السيسى - برهامى وشيخ الازهر كوميديا مصرية بقلم جاك عطالله 10-13-15, 05:23 PM, جاك عطالله
- الانتفاضة الثالثة انتفاضة الكرامة (4) نفوسٌ خبيثة وأحقادٌ موروثة بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي 10-13-15, 05:22 PM, مصطفى يوسف اللداوي
- العواطف والسبهللية ..... المحن السودانية بقلم شوقي بدرى 10-13-15, 03:44 PM, شوقي بدرى
- منظمة سودو .. انتهاكات ضد الدولة السودانية !بقلم عمر قسم السيد 10-13-15, 03:40 PM, عمـــر قسم الســيد
- الحوار الوطني: هل من ضرورة للتوكؤ على عصا المجتمع الدولي؟ بقلم غانم سليمان غانم 10-13-15, 03:37 PM, غانم سليمان غانم
- ما زلت في إنتظار (رد رئيس المخابرات السعودية) !!! بقلم جمال السراج 10-13-15, 03:35 PM, جمال السراج
- التطور التاريخي للصراع نحو الدولة الواحدة نظرة موضوعية بقلم سميح خلف 10-13-15, 03:33 PM, سميح خلف
- المؤتمر الوطني محض قناع لآلية القمع في جهاز الدولة. بقلم أمين محمَد إبراهيم 10-13-15, 02:14 PM, أمين محمَد إبراهيم
- من عندي.. توصيات (دليفري)!! بقلم عثمان ميرغني 10-13-15, 02:11 PM, عثمان ميرغني
- الغرفة (13)!! بقلم صلاح الدين عووضة 10-13-15, 02:08 PM, صلاح الدين عووضة
- متلازمة جمال الوالي..!! بقلم عبد الباقى الظافر 10-13-15, 02:07 PM, عبدالباقي الظافر
- مدارس لا عرائس ..!! بقلم الطاهر ساتي 10-13-15, 02:05 PM, الطاهر ساتي
- حقيقية الجنجويد "قوات الدعم السريع " (2) بقلم فيصل عبد الرحمن السُحـــــــينى 10-13-15, 05:56 AM, فيصل عبد الرحمن السُحـيني
- إيران الغد کما تريده مريم رجوي بقلم هناء العطار 10-13-15, 05:49 AM, مقالات سودانيزاونلاين
- ألف.. باء.. تاء.. ثاء.. حوار!!!! بقلم الحاج خليفة جودة 10-13-15, 05:46 AM, الحاج خليفة جودة
- التمثيـل الثقافي فـي الاعـلام السـوداني!! محاوله للقـراءة بقلم أحمد حسن كرار 10-13-15, 05:42 AM, أحمد حسن كرار
- رحم الله حمدناالله عبدالقادر: الفارس الذى ترجل!! بقلم حيدر احمد خيرالله 10-13-15, 05:31 AM, حيدر احمد خيرالله
- الحوار والمعالجة الإسعافية للسودان بقلم نورالدين مدني 10-13-15, 05:27 AM, نور الدين مدني
- المجتمع الدولي والأزمة السورية: دروس وعبر بقلم أحمد حسين آدم 10-13-15, 01:04 AM, أحمد حسين آدم
- تغيير السودان المتاريس والفرص القادمة(2) الحركة الاسلامية الجذور، غياب الرؤية والمألات بقلم فيصل سع 10-13-15, 00:16 AM, فيصل سعد
- إيلا ومحلية المحيريبا بقلم عميد معاش طبيب سيد عبد القادر قنات 10-13-15, 00:14 AM, سيد عبد القادر قنات
- هذا الجيل الفلسطيني الغاضب بقلم سري القدوة 10-13-15, 00:12 AM, سري القدوة
|
|
|
|
|
|