|
إلى رجالات الإنقاذ: اعترفوا بأخطائكم وصححوها فالرجوع للحق فضيلة! بقلم د.م. مأمون محمد أحمد سليمان
|
11:31 PM Jun, 30 2015 سودانيز اون لاين مأمون محمد أحمد سليمان-الخرطوم-السودان مكتبتى فى سودانيزاونلاين
أنصفوا المشردين والمفصولين، وأرجعوا ساعة التوقيت الجغرافي، وأعيدوا لنا حديقة الحيوان!
د.م. مأمون محمد أحمد سليمان مهندس وأستاذ جامعي mailto:[email protected]@gmail.com
هذا المقال تم نشره على "سودانيز أونلاين" قبل ثماني سنين (تحديدا يونيو 2007)، وبما أن الحال في حاله بعد كل هذه السنوات الطوال، بل زادت الأمور سوءاً بعد انفصال الجنوب وذهاب المعين الأكبر من النفط معه، وصدور أحكام الجنائية على رأس الدولة ومساعديه، وبما أن المواضيع المطروقة في المقال لا تزال قائمة دون حلول، رأيت إعادة نشر المقال مع التعليق بين الأقواس لعل وعسى! واليكم المقال:
نظام “الانقاذ” في السودان بجناحيه المنقسمين يحتاج لمراجعة صادقة مع النفس يعترف فيها بأخطائه الكبيرة والكثيرة بعد انقلاب تنظيم "الجبهة الإسلامية" التاريخي بزعامة الترابي في يونيو 1989م، بل ويعتذر للشعب السوداني عن هذه الأخطاء قبل القيام بتصحيحها. ونحن هنا ندلف مباشرة إلى ممارسات "الإنقاذيين" بعد استلامهم السلطة، آخذين في الاعتبار عدم شرعية استلامهم لها، ولكن عملاً بسياسة الأمر الواقع وليس بمفهوم "ما بني على باطل فهو باطل" بعد أكثر من عقدين ونصف (الآن) من حكم "الإنقاذ" القياسي للسودان، نعترف هنا أنها اكتسبت شرعيتها خلال هذه السنوات الطوال بقهرها للمعارضة في الشمال و(تراضيها) في نهاية الأمر معها، وتصالحها مع حركة تحرير السودان في الجنوب وأخيرا مع الفصيلين الأساسيين المعارضين في دارفور والشرق (شهدت الفترة الأخيرة النكوص عن اتفاقات مع فصائل من الحركات المسلحة وتوقيع اتفاقات مع فصائل أخرى)، وعبر ما اختطته “الانقاذ” من سياسات داخلية وخارجية وما وقعته من اتفاقات بشهادات دولية لا مناص من قبولها والعمل بها من قبل كل من يجئ بعدها لسدة الحكم طال الزمن أم قصر (الاعتراف بدولة جنوب السودان على رأسها).
نبدأ هنا بالتجاوزات التي ارتكبها "الانقاذيون" في أول عهدهم من تصفية للمعارضين من عسكريين ومدنيين وتنكيل بهم في السجون، وما أطلق عليه في وقته ببيوت الأشباح. ألا تحتاج "الإنقاذ" هنا بجناحيها لوقفة تعترف فيها بالحقائق وتطلب فيها الصفح من كل مظلوم؟ ونخص بالذكر هنا الضحايا من المدنيين والنقابيين والعسكريين، من أعدم منهم بمحاكمات سرية، ومن مات في ظروف غامضة وهو رهن الحبس، ومن تعرض لأي من ألوان التعذيب في سجون أمن النظام.
ألا يجدر بالإنقاذ أن تعترف أن الحرب (الجهادية) التي شنتها في جنوب السودان قد أورثت البلاد الفقر والتمزق وأخيرا الخضوع لحركات المعارضة المسلحة والخنوع للقوى الدولية (التي أول ما زعموا أنه قد دنا عذابها) وبالتالي القبول بمطالب "حركة تحرير جنوب السودان" بما فيها حق تقرير المصير الذي لم تجرؤ حكومة وطنية واحدة قبل "الإنقاذ" بوضعه على طاولة المفاوضات ناهيك عن القبول به (ومن ثم الانفصال)؟ ألا يحق لآباء وأمهات وأسر الطلاب والمدنيين بل والجنود الذين قتلوا أو جرحوا في أتون هذه الحرب (الجهادية) أن يسمعوا كلمة اعتذار واحدة من "الإنقاذ" بأن تلك الحرب كانت خاسرة وكان بالإمكان تحقيق شروط أفضل للسلام (الانفصال) دون إزهاق لتلك الأرواح الغالية في الشمال والجنوب؟ والشروط الأفضل هي تلك المضمنة في مسودة اتفاقية السلام بين الميرغني وقرنق التي أُجهضت بواسطة انقلاب "الإنقاذ"، والتي تدنى سقف بنودها السياسية والاقتصادية عن تلك التي جاءت بها "نيفاشا" بضمانها الأكيد لوحدة السودان وسلامة مواطنيه وأراضيه، وبتجاوزها لمرارة وأحقاد وبشاعة القتال (الجهادي) الذي أشعلته "الإنقاذ" فور استلامها للسلطة.
أيضا، ألا يحق للمواطن السوداني أن يسمع كلمة اعتذار واحدة من "الإنقاذيين" عن التخبط الذي حدث في سياسة السودان الخارجية شرقا وغربا ومع الأشقاء العرب والأفارقة، وفتح أبواب البلاد مشرعة دون تأشيرة دخول لحركات التطرف الإسلامي والعالمي بزعاماتها المطاردة من بن لادن إلى كارلوس، مما أدى إلى دمغ جواز السفر السوداني بالإرهاب وملاحقة حامليه في المطارات الدولية ومتابعتهم خارجها إلى أن يثبت العكس؟ لقد أصبح جواز السفر السوداني في عهد “الانقاذ” عقبة لحامليه ومدعاة للشبهة والتحري والتعطيل لا للتسهيل خارج البلاد خاصة في أوروبا وأمريكا الشمالية، فمن المسئول عن هذا التردي؟
ألا يحق لنا أن نسمع كلمة اعتذار واحدة عن سياسات الفصل والتشريد و"التعيين السياسي" التي طبقتها “الانقاذ” بقسوة في كل القطاعات المدنية والعسكرية عملا بسياسة (من ليس معي فهو ضدي) مما جرد الخدمة المدنية من الكفاءات وأفقر وأضعف المؤسسة العسكرية وتسبب في هجرة العقول والخبرات خارج السودان بأرخص الأثمان (التمكين لا زال مستمرا وسياسة تدوير الوظائف على المحظيين على أشدها)؟ وآخر المطاف أن أصبح الأطباء والمهندسون السودانيون يبيعون البيزا في بلاد المهجر (الولايات المتحدة خاصة) انتظارا للوظيفة أو اللجوء. وبعد أن دمر معول الغلاء (والفساد)، والدعم المرفوع عن كل الخدمات، وضآلة المرتبات نسيج الطبقة الوسطى، أصبح حلم الخريج الآن تأشيرة "راعي" يدخل بها الطبيب والمهندس بلاد الخليج طلبا للرزق وهربا من الجحيم إذا لم تتوفر له هناك فرصة عمل محترمة (تضاءل راتب الأستاذ الجامعي مما يزيد عن ألف دولار الى ما يقارب 500 دولار الآن! وهذا لا ينطبق على كوادر الأخوان أنصار "الإنقاذ" الذين تمكنوا من كل مرافق الدولة ويتحركون كقطع الشطرنج من وظيفة لأخرى ويجمعون بين الوظائف بأعلى الرواتب والامتيازات، ولا يعرفون سن المعاش بل يتولون تهميش معارضيهم والتخلص منهم بشتى السبل!).
ألا يحق لجيل كامل من أطفال السودان الذين ولدوا وشبوا في عهد "الإنقاذ" دون أن تتاح لهم فرصة رؤية الأسد والفيل وفرس البحر والطاؤوس وغيرها من الحيوانات والطيور في أكبر بلد أفريقي يجمع كل المناخات (صحراوي-سافني-استوائي قبل الانفصال) أن يسمعوا كلمة اعتذار واحدة من "الإنقاذ" التي باعت حديقة الحيوان الوحيدة في الخرطوم وشردت حيواناتها؟ ألا يحق لنا أن نسمع كلمة واحدة من والي الخرطوم (المتعافي حينذاك وينطبق على خلفه) عن موقع حديقة الحيوان في خارطة مشاريعه الضخام التي ما انفك في كل مناسبة يتحدث عنها غافلا "حديقة الحيوان؟" هل يمكن أن يصدق العالم أن "الإنقاذ" تحتضن كما تزعم مشروعا حضاريا في السودان بينما هي تتصرف بالتصفية لحديقة الحيوان الوحيدة فيه؟ أليست هذه سبة في جبين "الإنقاذ" توجب الاعتذار ثم التصحيح الفوري؟
ألا يحق لنا أيضا أن نسمع كلمة اعتذار واحدة عن الخطأ في تطبيق التوقيت الجديد (البكور) الذي يضيف ساعة كاملة للتوقيت الجغرافي طيلة مدار العام، دون اعتبار للمضايقات التي يحدثها هذا التوقيت خاصة في الشتاء حين تضطر الأمهات وأطفالهن للاستيقاظ في الظلام للتحضير للمدارس في بلد تندر وتغلو فيه الكهرباء وتصعب فيه المواصلات في النهار، ناهيك عن في الظلام؟ هل يعقل أن تقوم "الإنقاذ" بدلا عن إلغاء ساعة البكور في الشتاء وإرجاع الساعة الجغرافية لموضعها، تقوم بدلا عن ذلك بوضع مواعيد جديدة للعمل كل شتاء وبهذا تهدم الهدف الأساسي من تطبيق التوقيت وهو أن تحدد ساعته مواعيد العمل طيلة العام دون تدخل من أحد؟ وكأني بالسودان يعدم الخبراء وحتى المطلعين على تجارب الدول الأخرى الراسخة في هذا المجال مع أن الطائرات تغدو وتروح من الخرطوم لكل بقاع العالم وعليها وفود ووفود جيئة وذهابا! شأن غريب أن تعالج "الإنقاذ" خطأ البكور بخطأ آخر دون إلغائه. عليكم يا أهل "الإنقاذ" بالرجوع للتوقيت الصيفي المعمول به والمجرب بفاعلية في معظم أنحاء العالم، والرجوع للحق فضيلة!
وفي عجالة نوجز المزيد من تجاوزات "الإنقاذ"، فهناك نظام الضرائب المتعسف الذي أتى على الأخضر واليابس ولم يستثن أحدا حتى ماسحي الأحذية وبائعات الكسرة (وأصحاب الدرداقات) من مقصلته، وتسبب في إغلاق الكثير من المحلات التجارية ووأد الكثير من المشاريع الهندسية والخدمية الطموحة في مهدها. وهناك مشاريع الخصخصة الجزئية للمستشفيات الحكومية (بل التجفيف الآن) التي فرضت على الفقراء شراء الشاش والحقن الطبية ورسوم الكشف والعمليات. وهناك فرض الرسوم الإضافية على طلبة المؤسسات التعليمية واختراع بدعة القبول الخاص لتمويل التعليم العالي الحكومي على حساب التميز الأكاديمي، والترجمة غير المدروسة للمناهج الجامعية خاصة الهندسية، وفتح الكثير من الجامعات دون التأكد من توفر أبسط المقومات لها من مباني وأساتذة ومعامل وكتاب مما أدى إلى تخرج الآلاف من الخريجين (وأيضا من حاملي شهادات الماجستير والدكتوراه المحلية) بمستويات أبعد ما تكون عن سمعة الجامعات السودانية قبل ما يطلق عليه "الإنقاذيون" بالثورة التعليمية (وارجعوا لترتيب الجامعات السودانية المتقهقر دوماً في قائمة الجامعات العربية والأفريقية). وأخيراً وليس آخراً تغيير مظهر الشارع السوداني باستيراد العباءات الإيرانية والخليجية السوداء وتشجيع الفتيات على لبسها دون اعتبار لحرارة الطقس، والالتفاف على التقاليد الراسخة في لبس الثوب السوداني الأبيض المحتشم رخيص التكلفة والمدعوم من الدولة إن دعا الحال. وحدث هنا بلا حرج عن الممارسات الخاطئة لشرطة النظام العام (الإنقاذية) التي طالت الكثير من الفتيات دون وجه حق، كأن الشارع لم يكن به نظام عام قبل "الإنقاذ!" وجدير بالذكر هنا أن هناك قناعة لدى الكثيرين بان نسبة الفساد في الشارع السوداني قد زادت في عهد "الإنقاذ" عن الفترات التي سبقتها للظروف الاقتصادية الطاحنة وليدة السياسات المذكورة آنفا، مع الإقرار بأنه لا توجد لدينا إحصائيات تؤكد أو تدحض هذا الأمر.
وفي الختام آن الأوان أن تكون هناك مراجعة دقيقة لكل فترة نظام "الإنقاذ" من أهله ومخططيه في كل الأصعدة، وأخذ العبر والدروس منها بتكريس النجاحات والاعتراف الواضح بكل الممارسات الخاطئة والظالمة التي تمت فيها، ومن ثم الاعتذار عنها وتصحيحها، حتى يتسنى للسودانيين بمختلف طوائفهم طي مرارات الماضي وفتح صفحة جديدة تؤرخ لمستقبل واعد لكل السودان بشماله وجنوبه وشرقه وغربه، دون مرارات أو أحقاد، ولتكن قدوتنا في تجربة جنوب أفريقيا القريبة ممثلة في لجنة (الحقيقة والمصالحة) بزعامة القس (آرش بشوب) دسموند توتو التي قامت بنبش جرائم النظام العنصري وتسليط الضوء على مرتكبيها ومن ثم إنصاف الضحايا والعفو والمصالحة برضا الجميع، (مع حل سياسي سلمي توافقي يجمع كل كيان الأمة وجميع التنظيمات السياسية ذات الوزن الجماهيري في حكومة قومية تعمل وفق أجندة متفق عليها للخروج بالبلاد من أزمة الحكم الراهنة). ، والله من وراء القصد.
الخرطوم: 29 يونيو 2015م
أحدث المقالات
- دبجو جدول محاصصة جديده ام تمديد لشرعية الانتهاكات فى دارفور؟ بقلم امانى ابوريش 06-29-15, 05:10 PM, مقالات سودانيزاونلاين
- الى أين ومتى يا وطنى ؟؟ بقلم عمر الشريف 06-29-15, 05:08 PM, عمر الشريف
- المعارضة المسلحة شارفت نهاية الطريق !!! ام على وشك منه بقلم الاستاذ. سليم عبد الرحمن دكين 06-29-15, 05:04 PM, سليم عبد الرحمن دكين
- القاعدة - داعش الاختلاف والتطابق ، البنية ، السلوك، الاهداف بقلم سميح خلف 06-29-15, 04:25 PM, سميح خلف
- العالم يضيق ولا يتسع.. بقلم نور الدين محمد عثمان نور الدين 06-29-15, 04:24 PM, نور الدين محمد عثمان نور الدين
- لماذا لم تعدم الحكومة المنسق العام لتيارالامة الواحدة الداعشي مثل ما تعدم طلاب دارفور بوسائل شتي؟ 06-29-15, 04:22 PM, محمد احمد كوستاوي
- الى والي نهر النيل الجديد 06-29-15, 10:27 AM, جعفر حسين
- دلالات إعتداء التمرد (الخرطوم) على ملكال فى هذا التوقيت بقلم شول كات ميول 06-29-15, 10:11 AM, شول كات ميول
- محن الانقاذ ( الإمام المحترف) بقلم حيدر احمد خيرالله 06-29-15, 10:09 AM, حيدر احمد خيرالله
- التاريخ الجهادي للشباب يعيد نفسه .. ولكن بثقافة مختلفة كتب صلاح الباشا 06-29-15, 10:07 AM, صلاح الباشا
- نكتة جديدة لنج (دواعش سودانيين)!!! بقلم فيصل الدابي/المحامي 06-29-15, 10:06 AM, فيصل الدابي المحامي
- تشديد اجراءات الحرمان وسيلة فاشلة لتركيع سكان ليبرتي بقلم صافي الياسري 06-29-15, 10:04 AM, صافي الياسري
- إنكــار المنكـر بقلم ماهر إبراهيم جعوان 06-29-15, 10:03 AM, ماهر إبراهيم جعوان
- الكوشيون واللغة الكوشية: السودانيون ولغتهم القديمة 3 بقلم احمد الياس حسين 06-29-15, 09:40 AM, احمد الياس حسين
- المحن الشيوعية ... ذبح الرسل 1 بقلم شوقي بدرى 06-29-15, 09:36 AM, شوقي بدرى
- قريباً : الكلاكلة الخرطوم في خمسة دقائق!! بقلم فيصل الدابي/المحامي 06-29-15, 09:33 AM, فيصل الدابي المحامي
- سلموا أنفسكم بقلم عائشة حسين شريف 06-29-15, 09:32 AM, عائشة حسين شريف
- تلك الترعة ..!! بقلم الطاهر ساتي 06-29-15, 09:29 AM, الطاهر ساتي
- لا يُشغلنا عنه (برادو)!! بقلم صلاح الدين عووضة 06-29-15, 01:48 AM, صلاح الدين عووضة
- انبطاحة من أجل الوطن! بقلم الطيب مصطفى 06-29-15, 01:45 AM, الطيب مصطفى
- مامون حميضة لإنتاج الإرهابيين المحدودة ! بقلم طارق اللمين 06-29-15, 00:17 AM, مقالات سودانيزاونلاين
- هِجرَةُ الشيطآن بقلم محمد حسن مصطفى 06-29-15, 00:15 AM, محمد حسن مصطفى
- حزب الزعيم الأزهرى،مولانا الميرغنى والشريف حسين الهندى:بالرُغم من أنَ غالبية قواعده من العلماء والمث 06-29-15, 00:11 AM, يوسف الطيب محمد توم
- معاً من اجل تعزيز قيم وممارسات التعايش والسلام بقلم نورالدين مدني 06-29-15, 00:08 AM, نور الدين مدني
- تحليل مواد ونصوص دستور 2005 المؤقت ( المسلوك ) العقيم الذي يزهد من خلاله البشير السلطة 06-29-15, 00:06 AM, محمد القاضى
|
|
|
|
|
|