|
مراجعات في موضوعي السودانوية وعروبة أهل السودان في الميزان بقلم احمد الياس حسين
|
03:14 PM May, 25 2015 سودانيز اون لاين احمد الياس حسين-الخرطوم-السودان مكتبتى فى سودانيزاونلاين
1 تناول الأخ الدكتور عبد الله علي ابراهيم بأسلوبه المتميز في موقع سودانايل بتاريخ 4 مايو 2015 موضوع تجدد الدعوة إلى " السودانوية" وطرق الموضوع طرقاً خفيفاً. وأريد أن أدلي بدلوي معه بمرور سريع وخفيف على نقطتين.الأولى مصطلح السودانوية، والثانية أن "السودانوية تسقط كل زعم بالانتساب إلى العرب أوافريقيا" . أرى إننا عندما نطلق لفظ السودانوية نقصد به "الهُوية" فكما نقول مثلاً:مصر والمصري والهوية المصرية واثيوبيا والاثيوبين والهوية الاثيوبية، فإذا صدق ذلك نقول أيضاً السودان والسوداني والهوية السودانية. فالسودانية هي هوية سكان دولة السودان التي تعني انتماءهم لهذه الدولة ذات الحدود المعلومة. وأرى استخدام كلمة "السودانية" بدلاً من "السودانوية" لأن كلمة "السودانية" أقرب إلى لهجتنا السودانية ويعبر مباشرة عن هويتنا "أنا سوداني وهويتي سودانية" كما أرى - ثانياً - أن الدكتور عبد الله على ابراهيم يوافق أن الانتساب للهوية الوطنية "السودان والسودانية" يعني الانتماء للأمة السودانية في حدودها المعلومة، وتصف - كما عبر هو - "حالة كوننا سودانيين". ولا أرى في هذا الانتماء إسقاط للثقافة سواء كانت عربية أو افريقية. فالفرد ذو اللغة والثقافة الافريقية (غير العربية ) والفرد الآخر ذو اللغة والثقافة العربية كلاهما سوداني، ذو هوية سودانية ينتميان إلى هذه الأمة. 2 وأود التوقف قليلاً مع موضوع الأخ بهاء جميل الذي نشر في موقع سودانيز أون لاين بتاريخ 26 / 4 / 2015 وإعيد نشره مرة أخرى في نفس الموقع. وأود التوقف مع بعض الملاحظات العامة والملاحظات المنهجية على موضوع الأخ بهاء. ونبدأ بالملاحظات المنهجية. من السهل جدّاً الكتابة في التاريخ، ولكن من الصعب جدّاً الالتزام بالمنهج العلمي في كتابة التاريخ. فكتابة التاريخ تعتمد اعتماداً أساسيّاًعلى المصادر الأصلية لما نود الكتابة عنه، ومذى صحتها وفهمنا لها. وهنالك علم هام ومتعدد الجوانب يعرف "بمنهج البحث في علم التاريخ". ويهدف هذا العلم إلى التعريف بمصادر التاريخ الأساسية أو الأصلية المتنوعة. ويُخضِع تلك المصادر إلى ما يعرف بالنقد التاريخي الظاهري والباطني للتحقق من صحها، أي يتحقق من أنها ليست مزيفة وأنها أصلية، وفهم ما بها من مادة تاريخية، ثم إخضاع تلك المادة للكثير من العمليات للتحقق من مصداقيتها. وبعد هذا فقط تستخدم المادة في كتابة التاريخ. ولذلك فكتابة التاريخ ليست بالأمر السهل، ويتدرب طالب الدراسات العليا فيأ قسام التاريخ في دراسة الماجستير على الالمام بقواعد منهج البحت في علم التاريخ، ويقوم بتطبيق ذلك على بحثه لنيل درجة الماجستير، ثم يكون بعد ذلك مؤهلاً لكتابة بحث علمي في دراسته لنيل درجة الدكتوراة. فالدكتوراة في التاريخ هي بمثابة الرخصة التي تخول لحاملها كتابة التاريخ. فكتابة التاريخ ليست بالأمر السهل، بل تتطلب إعداداً علميّاً ضروريّاً. ولا يعني ذلك أن من لايحمل درجة دكتوراه لا ينبغي عليه كتابة التاريخ، أو لا يعرف الأسس المطلوبة لكتابة التاريخ. فإنني ضربت المثل فقط بكيفية إعداد الباحثين في علم التاريخ في المؤسسات الأكاديمية. لكن هنالك الكثير من الكتاب ذوي الباع الطويل والكتابات العلمية في علم التاريخ من غير حملة هذه الشهادات، وبلغوا هذه المرحلة لمعرفتهم التامة والتزامهم بقواعد مناهج البحث في علم التاريخ. 3 كان لا بد من هذه المقدمة الطويلة قبل الشروع في مراجعاتي لموضوع الأخ بهاء الذي يتكون من قسمين. قسم تعلق بعروبة أهل السودان، والقسم الآخر تعلق بالحديث عن ألوان العرب في شبه الجزيرة المتفاوتة بين الأبيض والأسمر والأسود. وهذا القسم يمثل أكثر من نصف المقال. وما نود التوقف معه هو ما يتعلق بعروبة السودان الذي يمثل أقل من نصف موضوع الكاتب. ولنا عليه مراجعتان الأولى منهجية والثانية عامة . يقول الكاتب في الفقرة الرابعة من الموضوع - حسب النسخة التي طبعتها من سودانايل - عن بعض من ينكرون عروبة السودان انهم يفعلون ذلك بسبب "الخواء الفكري من أي معلومة" ويفسر الخواء الفكري بالجهل المطبق وتصديق كل ما يقال أو يشاع" والخواء الفكري الذي يؤدي إلى الجهل المطلق هو تقديم الآراء وإلقاء الأحكام دون الاستناد إلى دليل ودون اتباع منهج البحث السليم.. ثم يواصل الكاتب بعد فقرتين من ذلك قائلاً عن أصحاب رسول الله ودخول العرب في السودان : "وأصحابه الذين تكبد بعضهم عناء نقل العقيدة الطاهرة إلى أرض السودان وأستقرّ قرارهم فيه فلحق بهم من لحق بعد ذلك ... وحتى نؤكِد ذلك سنلفت النظر إلى أنّ كل أسرة سودانية ذات جذور عربية تمتلك شجرة نسب خاصة بها." فالكاتب الكريم قدم لنا معلومات تاريخية في غاية من الأهمية وهي دخول بعض أصحاب الرسول السودان واستقرارهم فيه ونشرهم الاسلام، ثم لحق بهم من لحق. فهلا وضح لبا الكاتب إلى أي منطقة في السودان وصلوا ؟ وما هو الطريق الذي اتبعوه؟ وأين استقروا، والأهم من ذلك كله هو ما هو مصدر هذه المعلومات. كما قدم لنا الكاتب دليله على عروبة السودان المتمثلة في أشجار النسب. ونحن نعلم أن أشجار النسب هذه عبارة عن وثائق في أيدي الأسر السودانية جمعت بعد قيام دولة سنار أي بعد القرن الخامس عشر الميلادي. أي بعد ألف سنة من عصر أصحاب رسول الله . أشجار النسب هذه عبارة عن تراث شعبي دونته الأسر في القرنين السادس عشر والسابع عشر، . وهذا التراث الشعبي ليس تاريخاً، وإن تضمن بعض الحقائق التاريخية. ويوجد في منهج البحث في علم التاريخ قواعد وأسس وضوابط ينبغي مراعاتها في مثل هذه الروايات.أي أن أشجار النسب هذه لكي يتم استخدامها واعتمادها كمادة تاريخية موثوق بها يجب إخضاعها لقواعد البحث العلمي. أما في وضعها الحالي فهي فقط روايات تحمل تطلعات العقل الجمعي والتقافة الشعبية للسودانيين في القرنين السادس عشر والسابع عشر وليست تاريخاً يحتج به. وتصنيف الشعوب الآن يعتمد على الجينات الوراثية، فجينات العرب معروفة وجينات الشعوب الافريقية معروفة والاحتكام الآن للمعمل لا لأشجار النسب. أما ملاحظاتنا العامة فتتعلق ببعض ما ورد في مقالة الكاتب مثل قوله في بداية موضوعه: "للكارهين للعرب والعروبة في السودان" لا أعتقد أن كل من يقول بعدم عروبة السودان يكون كارهاً للعرب، وبالتالي فإن من يقول بعروبة السودان يكون كارهاً لغير العرب. أرى أنه ينبغي علينا أن نراعي الاعتدال والموضوعية في خطابنا وينبغي أن نحفظ للآخرين اعتبارهم وحقوقهم ولا نفتح الباب لاستخدام مثل هذه العبارات التي لا تخدم القضية المطروحة. والملاحظة الثانية هي أن من يتحدثون عن العروبة في السودان يرددون - كما فعل الأخ بهاء - بأن انتساب السودانيين "للعربية ليس هو فخر باللّون ، ولا هو انتماء للعرق كعصبية، ولكنه ارتباط بثقافة جاذبة، وبقيم أصيلة" لكنه يكرر في أكثر من مكان في مقاله نقيض ذلك، ويقرر أن انتساب السودانين للعروبة انتساب عرق ودم. فهو يتحدث في بداية الفقرة الثانية من مقاله عن "العنصر العربي في السودان" ويقول في بداية مقاله "الذين يحملون الدماء العربية في عروقهم من أبناءالسودان" ثم يقول في فقرة لاحقة "إن فخر السودانيين الذين يحملون الدماء العربية في عروقهم وإصرارهم على الانتساب للعربية" ثم إن الكاتب يقول إن انتساب السودانيين للعروبة إنما هو انتماء "للثقافة الجاذبة والقيم الأصيلة". العرب عاشوا خمسة عشرة قرناً تحت ظل الاسلام والثقافة الاسلامية، فهل لا زالت هنالك ثقافة وقيم أصيلة عربية متميزة عن الثقافة والقيم الاسلامية؟ ويقول الكاتب أن الذين لايرون عروبة السودان يرون " أنّ العرب بيض البشرة ناعمي الشعور ، وانّ السوداني لا يمكن أن يكون عربياً لأنه ليس أبيض البشرة ، ولأن شعره ليس اسوداً أو ناعماً" وأورد الكاتب الأدلة على أن بعض العرب ليسوا بيضاً وأن شعرهم ليس ناعماً، وهذا أمر مقبول. ولكن في الجانب الآخر هنالك سودانيون بيض وشعرهم أسود وناعم. فسكان افريقيا الأصبيون فيهم البيض مثل أمازيغ الصحراء ذوي الشعر الأسود الناعم. فلبس كل هو أبيض وذو شعر ناعم في السدان عربيّاً. وسكان السودان خليط من سكان وادي النيل القدماء الذين فيهم اللون الضارب للبياض مثل كثير من نوبة الشمال، وفيهم من اختلط داخل حدود السودان ببعض قبائل الأمازيغ كما قرر دلك ود دوليب في مخطوطته التي ترجع إلى القرن الثامن عشر حيث قال: أصل السودان أهل الوطن النوبة والأحباش والزنج، وأول الشعوب التي دخلت عليهم البربر"(ماكمايكل، تاريخ العرب في السودان. تعري بسيد محمد علي ديدان،ج 2 ص 178)
أحدث المقالات
- فساد سكر ام حماية مفسدين؟(1) بقلم حيدر احمد خيرالله 05-25-15, 07:10 AM, حيدر احمد خيرالله
- ابراهيم عوض ..... الثلاثية المبدعة مع ابراهيم الرشيد وودالحاوي ( 3 ) بقلم صلاح الباشا 05-25-15, 07:08 AM, صلاح الباشا
- إصلاح النظام الصحي التشخيص والعلاج (1) بقلم عميد معاش طبيب سيد عبد القادر قنات 05-25-15, 07:06 AM, سيد عبد القادر قنات
- كنت معهم ولست منهم ......! بقلم يحيى العوض 05-25-15, 04:30 AM, يحيى العوض
- داعش ISIS؟! بقلم حامد ديدان محمد 05-25-15, 04:20 AM, حامـد ديدان محمـد
- امرأة فاتها الـقطار ! بقلم عمر دفع الله 05-25-15, 04:15 AM, عمر دفع الله
- السينما السودانية وفيلم سمسم كعكة بقلم بدرالدين حسن علي 05-25-15, 04:09 AM, بدرالدين حسن علي
- الترويع ليس حلا بقلم ماهر إبراهيم جعوان 05-25-15, 04:07 AM, ماهر إبراهيم جعوان
- هل أنتم ملائكة أيها الفلسطينيون؟ بقلم د. فايز أبو شمالة 05-25-15, 04:04 AM, فايز أبو شمالة
- السودان مايزال بخير بقلم شاكر عبد الرسول 05-25-15, 03:55 AM, شاكر عبد الرسول
- السودانوية الجامعة والإتفاق المنشود بقلم نورالدين مدني 05-25-15, 03:51 AM, نور الدين مدني
- الإستثمار الخارجي أحلام مشروعة.. بقلم نور الدين محمد عثمان نور الدين 05-25-15, 03:49 AM, نور الدين محمد عثمان نور الدين
- بشرى سارة للسودانيين! بقلم فيصل الدابي/المحامي 05-25-15, 03:45 AM, فيصل الدابي المحامي
- نتائج انتخابات 2015 (4/6) نسبة المشاركة والاصوات التي حصلت عليها الاحزاب موقف الجماهير غير مفاجيء عر 05-25-15, 03:43 AM, محمد علي خوجلي
- هندوسة تفتح النار على النظام الكوسة بقلم عثمان محمد حسن 05-25-15, 03:20 AM, عثمان محمد حسن
- و ثائق نضالية من دفتر الأستاذ فاروق أبوعيسى10 بقلم وتحرير بدوى تاجو 05-25-15, 03:18 AM, بدوي تاجو
- عندما يتدثر الجلاد بثوب التبرير بقلم بدور عبدالمنعم عبداللطيف 05-25-15, 03:16 AM, بدور عبدالمنعم عبداللطيف
- السودان علي أعتاب مرحلية مفصلية "3" بقلم جمال عنقرة 05-25-15, 03:13 AM, جمال عنقرة
- في فنتازيات السودان بقلم عماد البليك 05-25-15, 03:10 AM, عماد البليك
- الاستتابة..!!بقلم عبدالباقي الظافر 05-25-15, 02:28 AM, عبدالباقي الظافر
- لماذا تسرق البنوك؟؟ بقلم عثمان ميرغني 05-25-15, 02:27 AM, عثمان ميرغني
- تعيس وسعيد !! بقلم صلاح الدين عووضة 05-25-15, 02:24 AM, صلاح الدين عووضة
- عندما يتدهور قطاع الاتصالات! بقلم الطيب مصطفى 05-25-15, 02:22 AM, الطيب مصطفى
- أمانهن مفقود ...!! بقلم الطاهر ساتي 05-25-15, 02:20 AM, الطاهر ساتي
|
|
|
|
|
|