|
دموع الفرح: العلاقة الإنسانية التي تؤدي للتنمية البشرية بقلم د. يوسف بن مئير رئيس مؤسسة الأطلس ال
|
06:11 PM Apr, 09 2015 سودانيز اون لاين يوسف بن مئيــر-El Harti, Gueliz, Marrakech, Maroc مكتبتى فى سودانيزاونلاين
ربما كان لدينا معرفة-وربما حتى من تجربة شخصية مباشرة – بالفجوة الموجودة داخل المجتمع والتي يسبب وجودها آلام ومعاناة بلا حدود لعدد لا يحصى من الأفراد. هنا في المغرب، يوجد مثل ذلك العدم – الناجم عن الفقر القاسي الذي لا يلين، خصوصاً في الأماكن الريفية (حيث الفقر عادة ما يكون أشد تركزاً على مستوى العالم أجمع)، وفي معظم المناطق الجبلية في المملكة.
في نفس الوقت يعرف الناس فرص بالازدهار والرخاء الكامنة بشكل يقترب منك ثم يبتعد على مرمى اليد لكنه يبقى بعيد المنال عاماً تلو آخر. أشار عالم الاجتماع الراحل تشارلز تيلي Charles Tilly إلى أن الفرق بين الظروف الحياتية المؤسفة التي يعيشها البعض حالياً والتحسينات التي يمكن لنا تخيلها لكننا نشعر أننا محرومون منها، تمثل حالة أولية أو أساسية تدفع باتجاه حركات اجتماعية سياسية يمكن أن تؤدي إلى النزاع.
لقد شاهدنا عبر العصور والأزمان المختلفة، قد احتفلت الأمم المتحدة هذا الشهر بهذه الحقيقة البديهية، أن السعادة تزيد وتتعزز من خلال علاقاتنا مع الآخرين. وهذا المفهوم يتناسب تماماً مع منطلق التنمية البشرية لأن الظروف الاجتماعية والاقتصادية الصعبة والبائسة يمكن أن تنقلب إلى العكس تماماً وبشكل فاعل جداً على يد الأفراد والجماعات الذين يقيمون علاقات ويتواصلون مع بعضهم البعض باستخدام منهج ديمقراطي وتشاركي. عندما يتم تطبيق مثل تلك الإجراءات لخلق تنمية يتم إدارتها محلياً، فإن معتقدات وأفكار التمكين تتولد لدى المستفيدين منها، إلى جانب الفرح والمتعة التي تصاحب المزيد من التصميم الذاتي. بالأساس فإن العناصر التي تعتبر مهمة لديمومة المشروع تؤدي أيضاً إلى السعادة.
"شرارة" بشرية: تخيل الشعور بالانتماء لدى المجتمع المحلي المهمش الذي ليس لديه أي زخم أو دافع قوي للتغيير. وفي يوم ما، يبدأ أحد الأشخاص القائمين على تسهيل الحوار المجتمعي في تنظيم – وتحفيز – عقد الاجتماعات بحيث يعمل أفراد كل بيت في المجتمع على حل الخلافات وتقديم وصف للتصورات والرؤى التي لدى كل منهم حول المستقبل، كل هذا بهدف تحديد ووضع خطة عمل مشتركة لأحداث التغيير المنشود.
التحرك والتعبئة من أجل التنمية يتطلب تلك الشرارة، سواء أكانت عن طريق طرف خارجي أو قائدة نسائية محلية، أو عضو إحدى النقابات، أو موظف حكومي أو مواطن عادي مدرب. بالنهاية، من النادر جداً أن يتقارب المجتمع المحلي بشكل تلقائي لحل الخلافات القائمة من أجل الدفع باتجاه العمل المشترك. علاوة على ذلك، وحتى في بلدان مثل المغرب، حيث يتطلب القانون تزييف الخطط التنموية بناء على إرادة الشعب الجماعية، فإن التنفيذ الفعلي للخبرة التشاركية الحقيقية قد يبقى أمراً محيراً. لذلك، فإن الأشخاص القادرين على القيام بدور المحفز الحقيقي للتغيير هم أولئك الذين خضعوا لبرامج تدريبية خبراتية تعلموا فيها كيفيةتسهيل قيام حوار مجتمعي في أجواء وظروف واقعية.
الشراكة الناجحة: دعونا نفترض أن هناك خطة تنموية تعكس أولويات الشعب. على الرغم من أن هذا يمثل الخطوة الأولى الضرورية والإيجابية، إلا أن المعركة لم يتم الانتصار بها بعد؛ فالانتقال الناجح نحو التنفيذ والتطبيق العملي يتطلب مجموعته الخاصة من الفرص الوافرة النصيب.
يحتاج إيجاد التمويل اللازم لإقامة المشاريع إلى بناء الشراكة عند بداية العملية، حينما تقوم المجتمعات المحلية بتحديد المبادرات الأكثر أهمية بالنسبة لها، بحيث يمكن إدخال وإشراك المساهمين المتوقعين في عملية التخطيط المشترك في أبكر مرحلة ممكنة من مراحل تلك العملية.
في المناطق الريفية المغربية، فإن الاحتمال الضعيف بتلقي تمويل للمشاريع يكون أقل حتى لأن نسبة الأمية تمثل عاملاً مهماً في الحيلولة دون حدوث النوع المطلوب من التواصل.
وسيكون المتبرعون المحتملون على نطاق العالم أجمع من الحكمة والشهامة على حد سواء إذا وافقوا على مقترحات جرى تقديمها بطرق من السهل إيصالها إلى المستفيدين – سواء شفاهة أو كتابة في لغات تقليدية ومحلية (وغالباً ما تكون بتحددها خطر (الزوال). تذوق النجاح: أخيراً، لنتخيل أن التحفيز والتسهيل للحوار المجتمعي قد أثمر فعلاً خططاً متشاركة لمشاريع، يوجد لها متبرعون مستعدون للمساهمة بها مالياً ومستفيدون مستعدون للمشاركة، من خلال العمل وما شابه وغيره من الطرق الحيوية الأخرى.
يمثل هذا التجسيد للفكرة أو الهدف المنبثق عن الإرادة الحرة في حقيقة ماثلة للعيان مصدراً من مصادر التمكين، بالمفهوم الداخلي والخارجي للكلمة، فالخبرة تبنى الثقة، وتخلق إحساساً بالاعتماد على النفس والإيمان بفعالية العمل الجماعي المشترك وكذلك في نفس الوقت تصقل المهارات الفنية والإدارية.
وحينما تكون المجتمعات المحلية محظوظة بدرجة كافية للدخول في مرحلة التنفيذ، فإنه يحدث حينها، ودون استثناء تقريباً، بحسب خبرتي، على الأقل، لحظة ذهبية "واحدة" من التأمل والتعجب والإعجاب والتقدير العميق. ويفكر الجميع بالمسافة الكبيرة التي قطعوها للوصول إلى هذه اللحظة من التحقيق العملي الملموس – من البناء أو الزراعة أو التعليم أو التعلم أو تقديم العروض أمام الجموع – وكيف كان المسار المليء بالمفاجآت غير المتوقعة وكيف استطاعوا اجتيازه، بهدي من مبادئ الديمقراطية التشاركية. هذه اللحظات تعتبر لحظات سعيدة بحق لأنها، ومهما كانت قصيرة وسريعة الزوال، إلا أنها تغلف تماماً شعوراً بإكمال الهدف والإنجاز، والذي إن جرى الإحساس به مرة، يصبح من الأسهل تحقيقه مرة أخرى في المستقبل.
الاستدامة، إذن، تحتاج بالضرورة إلى المشاركة الشعبية، والتي تحمل معها في مسيرتها وحركتهاالتمكين المنشود والسعادة التي نسعى إليها جميعاً.
د. يوسف بن مئير رئيس مؤسسة الأطلس الكبير. 4 Rue Qadi Ayaad, Al Manar 4A El Harti, Gueliz, Marrakech, Maroc Tél: +212 (0)5 24 42 08 21 Fax: +212 (0)5 24 42 20 21 E-mail: mailto:[email protected]@highatlasfoundation.org
مواضيع لها علاقة بالموضوع او الكاتب
- كيف تزرع مليار شجرة في المغرب بقلم يوسف بن مئيــر 03-15-15, 01:03 AM, يوسف بن مئيــر
- التنمية البشريّة في بلدان الرّبيع العربي تداعيات اللآمركزيّة للحكومات الوطنيّة في سياق التنمية البش 03-03-15, 03:09 AM, يوسف بن مئيــر
- التحفيز على المشاركة بقلم د. يوسف بن مئير 02-13-15, 00:00 AM, يوسف بن مئيــر
- نظام اللآمركزيّة المغربيّ: خطوة خطوة بقلم يوسف بن مئير 01-19-15, 01:42 AM, يوسف بن مئيــر
- المغرب ووحدة الجنوب - جنوب بقلم د. يوسف بن مئير رئيس مؤسسة الأطلس الكبير 01-09-15, 05:38 PM, يوسف بن مئيــر
- الحياة الجبليّة بمناسبة عيد الجبل 2014 بقلم يوسف بن مئير 12-15-14, 00:12 AM, يوسف بن مئيــر
- إعادة التفكير جذريّا ً: التوفيق بين أولويّات الناس والمانحين بقلم يوسف بن مئير 11-28-14, 11:26 PM, يوسف بن مئيــر
- المغرب: تحفيز التنمية البشريّة من خلال الحفاظ على التراث الثقافي بقلم يوسف بن مئير 11-17-14, 03:19 AM, يوسف بن مئيــر
- إشراك الشباب في الديمقراطيّــة بقلم يوسف بن مئير 11-03-14, 04:37 AM, يوسف بن مئيــر
- رؤى لتنمية الفقــراء....يوسف بن مئيــر 10-27-14, 03:03 AM, يوسف بن مئيــر
|
|
|
|
|
|