|
الانتقام الرباني ! بقلم عماد البليك
|
01:44 PM Mar, 11 2015 سودانيز اون لاين عماد البليك -مسقط-عمان مكتبتى فى سودانيزاونلاين
لا يحكى
تنويه: هذه القصة تشبه الخيال، لكنها واقعية.. والعهدة على الراوي. *** روى لي أحدهم – سأسميه س – أنه كان قد تعرض لظلم من شخص معين، وكان متأكدا أن الله سوف ينتقم له ذات يوم ولم يطل انتظاره، فقد جاء ذلك اليوم بأسرع من التوقع. الحكاية وما فيها إن (س) كان من المفترض أن يحصل على سكن يليق به وقبل ذلك طبعا رخصة الأرض، وهو معلم أفنى سنوات عمره في بناء الأجيال، من ذلك الرعيل المخلص فعلا. ولكن البلد لا يكرم أهله. المهم المفيد أن ذلك الرجل، بعد أن أخذ المعاش وعاد للبلد ظل لخمس سنوات ينتظر أن يحصل على قطعة الأرض دون فائدة، وكان قد اشترى ثلاثة لواري من الطوب الأحمر على فترات متقطعة وخزنّها في البيت المستأجر، كما اشترى بعض الزنك والخشب وأغراض أخرى. موظف الأراضي كان شخصا شرسا لا يمنح الأرض إلا بأمور لا تمت بصلة للقانون ولا الشرائع السماوية ولا الإنسانية، يكتفي بأن يقبض المال مثلا ويدسه في جيبه، صار يمتلك عشرات البيوت في المدينة وفي القرى والأرياف المجاورة، وصار أولاده يجوبون المدن يعذبون الناس عذاب الله أكبر، وهو لا يرعوي ولا يقف، بل يمضي في جبروته، وفي مواسم زيارات المسؤولين الكبار من العاصمة كان يقف في أول الصف، وهو يهتف في مكبر الصوت بصوته القوي نافخا أوداجه وقافزا بقصره في المنصة الكبيرة. .. صاحبنا (س) المسكين، غلب حيلة في أن يحصل على هذه الأرض، فليس له من وجيع ولا واسطة ولا يقدر على دفع المال. وقطع الأراضي توزع منذ البداية قبل أن توضع في الخرائط وتباع في المزادات.. الكل يعرف ذلك وما من سبيل. وذات ليلة دعا (س) ربه أن ينتقم له من هذا الرجل الجبار، وكان قد توضأ وصلى واستغفر الله أكثر من سبعين مرة، كما أنه كان قد نسي موضوع الأرض، فلم يعد مهتما به خاصة أنه تذكر أنه ليس عنده أولاد، وأن زوجته هي الأخرى كبيرة السن فقد تزوجها من قصة حب قديم. وغالبا فإن موعد موتهما سيكون متقاربا. قال: يا ربي انتقم لي بالطريقة المناسبة. ما حدث. ان الله استجاب لدعاء هذا المسكين، ففي الصباح استيقظ موظف الأراضي الذي سوف نطلق عليه السيد (ض)، فوجد شيئا عجيبا، لا يوصف كان أنفه قد استطال كخرطوم الفيل، طويلا جدا يجرجر بالأرض ويفرز مادة عفنة، جدا.. وهذا يحرجه بالطبع ويجعل الناس يفرون منه. وها هو السيد (ض) يعاني الحرج والويلات مع مصيبته هذه فماذا سوف يفعل، قرر أن يذهب إلى المكتب ليمارس سرقاته، لكن ماذا سوف يفعل بالأراضي والمال إن كان هذا حاله، هذا الخرطوم الكبير المتدلي والذي يختلط بخشاش الأرض وعفنها وروثها. وهنا عرف الله.. بعد أن اندس عن البشر لأيام وبعد أن عرف الجميع تقريبا بقصة الرجل الذي نبت له خرطوم عجيب. دعا الله بعد صلوات طويلة.. كعادة الفجار الذين يعرفون الله في أوقات الحاجة.. دعاه أن يفكه من هذه المصيبة متعهدا بأن يكون رجلا متمسكا بالأخلاق وأن لا يسرق ولا يحتال ولا يقبل واسطة ولا يمارس أي ما يغضب الله بأكل حقوق الناس. وتذكر فيما تذكر قصة ذلك المعلم العجوز الذي كثيرا ما كانت أوراقه تذهب إلى سلة المهملات أسفل الطاولة قبل أن يقرأها. كانت صورة العجوز لا تفارقه وصورة زوجته هي الأخرى. وتقطرت الدموع من محجريه وهو لا يعرف ماذا بإمكانه أن يفعل لكي يعود لحاله الأول. وهو يصرخ باكيا: يا رب يا رب. حررني من هذا الخرطوم يا رب. لكن الله لا يسمع لكل الناس. إلا في الوقت المناسب. وساعة يتأكد أنهم فعلا قد تابوا.. فهل كان صاحبنا (ض) قد تاب فعلا. لا يمكننا أن نعرف لأن دخول القلوب لمعرفة الأحوال شيء صعب ومستحيل. المهم الآن سوف نرى ماذا جرى بعدها. كان أحد الشيوخ الكبار ممن عرفوا بعلاج الحالات المستعصية في مقدمة المعالجين الذي وصلوا تبرعا لعلاج الرجل.. لكن أولاد السيد (ض) قالوا له، أبدا لن يفلح الحال.. فالقضية تقنية بحتة وتحتاج لطبيب ليس إلا.. كان أولاد السيد (ض) أغلبهم غير متمسكين بالدين ولا يؤمنون بما يسمونه "خرافات الشيوخ" يقينهم الكبير متعلق بالطب الحديث، خاصة أوسطهم الذي تعلم في أمريكا وعاد إلى البلد يعمل في تربية المواشي ويصدرها للسعودية لكن عقله لا يرى في الدنيا غير الشيطان، كان سيء الذكر جدا أمام الناس، ويقارن بأبيه وأن من شابه أباه فما ظلم. وما أبشع ظلم ذلك الابن الوسط! وفي ليلة سرية لا قمر فيها.. تم تهريب السيد (ض) إلى مستشفى كبير في العاصمة لتجرى له الفحوصات ويتم تحليل هذا الشيء بأخذ عينة منه، وكان الأطباء في أشد الحيرة فلم يسبق لهم أن رأوا مثل هذه الأعجوبة. وكان بعضهم يتندرون إنها معجزة لماذا لا يتميز بها الرجل ويتكسب بها أليس هو محبي المال، يمكن أن يذهب إلى السيرك ويعرض نفسه كأعجوبة وسوف يدفعون له الكثير، كما يمكن أن يستضيفونه في الفضائيات ليتحدث وهو يحرك هذا الخرطوم ويملأه بالماء ويرش الجميع به ليبل شاشات التلفزة. ورما دخل موسوعة جينيس للأرقام القياسية وكذا سوف يستقبله رئيس الجمهورية وحكام البلاد والرؤساء شرقا وغربا، وسوف يصبح شخصية مرموقة بدون شك. لا يشق له غبار. حاول أحد الأطباء أن يقنع الابن الوسط بهذا المنطق.. - أليس الموضوع هو الفلوس؟ - هذا الرجل التعيس سوف تكسبون منه الكثير جدا سوف يصبح عملة نادرة تدر لكم المليارات؟ وضحك الطبيب الساخر كثيرا يترك لضحكاته أن تهز الفراغات وتعبئها برزاز البصاق المتطاير، في حين كان الوالد السيد (ض) يسمع من بعيد، دون أن يتدخل.. فهو ليس صبورا ولا يسكت على الأذى لكنه كان يعاني جدا وضعه النفسي لا يسمح له بغير أن يواصل دعاء الله الذي لم يعد يهتم به، يبدو أن غضبه كبير جدا عليه.. قال لولده وهو يناديه: - دع هذا الطبيب ربنا يغفر له على سخريته مني تعال لتمسد لي خرطومي وتقرأ لي بعض من الأدعية عسى أن أشفى. كان يقول ذلك رغم معرفته الحقة أن ولده ذليل وحقير ولا يمكن أن يكون بمنزلة الشيوخ.. لكن الحكاية وما فيها أنه رأى في المنام قبل الفجر ذلك المعلم العجوز يخاطبه بأن يفعل ما يؤمر، بأن يأتي بابنه ويطلب منه هذا الشيء وسوف يكون الشفاء. mailto:[email protected]@gmail.com
مواضيع لها علاقة بالموضوع او الكاتب
- أزمة النشر في السودان بقلم عماد البليك 03-10-15, 05:15 PM, عماد البليك
- الفاسد والمفُسِد بقلم عماد البليك 03-09-15, 01:44 PM, عماد البليك
- الاختلاف والهوية ! بقلم عماد البليك 03-08-15, 03:30 PM, عماد البليك
- الـديستوبيا ! بقلم عماد البليك 03-07-15, 02:15 PM, عماد البليك
- حقيقتي.. إرهابي ؟! بقلم عماد البليك 03-05-15, 12:37 PM, عماد البليك
- الساحر ينتظر المطر ! بقلم عماد البليك 03-04-15, 02:01 PM, عماد البليك
- سعة الأحلام وعبادة الصبر ! بقلم عماد البليك 03-03-15, 03:47 PM, عماد البليك
- عن سليم بركات والكرمل وعوالم أخرى! بقلم عماد البليك 03-02-15, 10:39 PM, عماد البليك
- وزارة الفلسفة! بقلم عماد البليك 03-02-15, 05:32 PM, عماد البليك
- صناعة الوهم ! بقلم عماد البليك 02-26-15, 03:02 PM, عماد البليك
- سينما.. سينما !! بقلم عماد البليك 02-25-15, 01:40 PM, عماد البليك
- واسيني والمريود بقلم عماد البليك 02-24-15, 02:57 PM, عماد البليك
- المدن الملعونة ! بقلم عماد البليك 02-22-15, 01:26 PM, عماد البليك
- نهاية عصر البطل ! بقلم عماد البليك 02-19-15, 01:24 PM, عماد البليك
- ما وراء الـتويوتا ! بقلم عماد البليك 02-18-15, 01:24 PM, عماد البليك
- حوار مع صديقي مُوسى ! بقلم عماد البليك 02-17-15, 04:44 AM, عماد البليك
- شياطين الحب وأشياء أخرى ! بقلم عماد البليك 02-15-15, 02:12 PM, عماد البليك
- الحداثة المزيفة وما بعدها المتوحش بقلم عماد البليك 02-14-15, 03:32 PM, عماد البليك
- ما بين السردية السياسية والمدونة الأدبية بقلم عماد البليك 02-13-15, 01:31 PM, عماد البليك
- قوالب الثقافة وهاجس التحرير بقلم عماد البليك 02-11-15, 01:50 PM, عماد البليك
- لا يُحكى..أزمة السودان الثقافية بقلم عماد البليك 02-10-15, 05:15 AM, عماد البليك
- لا يُحكى فقر "سيتوبلازمات" الفكر السياسي السوداني بقلم عماد البليك 02-09-15, 05:13 AM, عماد البليك
- عندما يُبعث عبد الرحيم أبوذكرى في "مسمار تشيخوف" بقلم – عماد البليك 07-26-14, 08:31 AM, عماد البليك
- إلى أي حد يمكن لفكرة الوطن أن تنتمي للماضي؟ بقلم – عماد البليك 07-06-14, 00:32 AM, عماد البليك
- المثقف السوداني.. الإنهزامية .. التنميط والدوغماتية 07-02-14, 09:33 AM, عماد البليك
- بهنس.. إرادة المسيح ضد تغييب المعنى ! عماد البليك 12-20-13, 03:08 PM, عماد البليك
- ما بين نُظم الشيخ ومؤسسية طه .. يكون التباكي ونسج الأشواق !! عماد البليك 12-16-13, 05:11 AM, عماد البليك
- مستقبل العقل السوداني بين إشكال التخييل ومجاز التأويل (2- 20) عماد البليك 12-05-13, 06:01 AM, عماد البليك
- مستقبل العقل السوداني بين إشكال التخييل ومجاز التأويل (1- 20) عماد البليك 12-02-13, 04:48 AM, عماد البليك
|
|
|
|
|
|