|
التقديس الكثيف – بقلم/ نوري حمدون – السودان - الابيض
|
09:12 م Feb 7,2015 سودانيز أون لاين نوري حمدون - الابيض-السودان مكتبتي في سودانيزاونلاين
= بحسب اعتقادنا فان افكار الدواعش لا تمثل الاسلام في شئ . و ان قتل الدواعش للطيار الاردني لا نجد له اثرا في حدود الله التي علينا ان لا نتعداها . لكنه التراث و ليس الاسلام هو الذي يضم بين دفتيه افكار الدواعش و ما هو اخطر من افكار الدواعش . كما ان النصوص التأسيسية تحفها بعض الصعوبات التي تجعل البعض الغير مدقق يخرج منها بما يعجز الدواعش انفسهم عن الاتيان بمثله . و جهدنا الذي نقدمه في طيات هذا المقال هدفه رسم الحدود للفصل بين ما هو من الاسلام و ما هو من غيره . = يحتوي الدين الاسلامي علي الكثير من التعليمات و التوجيهات و الاوامر و النواهي التي تشكل مجموعة التشريعات الاسلامية . التشريعات الاسلامية ليست جميعها على نفس الدرجة من حيث قوتها القانونية و الالزامية . يمكننا ان نقسمها الى قسمي كبيرين : 1- قسم التشريع العام .. و يضم القوانين الواجبة النفاذ على كل المكلفين . 2- قسم التشريع الخاص .. و يضم القوانين اختيارية النفاذ على بعض المكلفين كل بحسب ايمانه و استطاعته . = تحدث المشاكل عندما نجعل التشريع الخاص تشريعا عاما نصبح معه مجبرين على حمل الناس اليه بكل السبل التي من بينها العنف . = و لكن كيف صار التشريع تشريعين من ناحية تأسيسية ؟ للاجابة على هذا السؤال لدينا ثلاثة مناظير ننظر من خلالها الى الاسلام لنتعرف على التشريعات فيه . = (1) المنظار الاول محوره الرسول (ص). و نستطيع ان نرى ان الرسول (ص) قد أتانا منه الاتي : 1- القرآن الكريم المقصود به التشريع . 2- القرآن الكريم غير المقصود به التشريع . 3- السنة النبوية الشريفة المقصود بها التشريع . 4- السنة النبوية الشريفة غير المقصود بها التشريع . = و لا شك ان أكثر القرآن مقصود به العظة و الاعتبار . و اما السنة فان ما صدر عن رسول الله (ص) بصفته البشرية و بحسب طبيعته الانسانية من مشي و قعود و اكل و نوم أو بحسب خبرته الانسانية من اتجار و زراعة و تنظيم جيش و تدبير حرب فليس من السنة المقصود بها التشريع العام أي لعامة المكلفين . = (2) المنظار الثاني محوره النصوص . و بحسب علم اصول الفقه فان النصوص هي أحد شيئين : 1- نصوص قطعية . أي قطعية الثبوت و الدلالة معا . أي نجزم انها جاءت من الرسول (ص) . 2- و نصوص ظنية . و هي ظنية الثبوت أو الدلالة او الاثنين معا . و هي غير جازمة . = و مما لا شك فيه ان القطعي الجازم يكون حجة قوية واجبة الاتباع و صالحة للتشريع العام . أما الظني غير الجازم فلا يكون حجة قوية و بالتالي لا يصلح الا للتشريع الخاص حيث يعمل به الذي آمن به لسبب خفي لا يمكن المحاججة به . = (3) المنظار الثالث محوره الاحكام التي توضح درجة قوة التشريع المستنبط من النصوص بمختلف انواعها . و الاحكام بحسب علم أصول الفقه أربعة بعد استبعاد (المباح) , و هي : 1- الواجب و هو ما يعاقب تاركه . 2- الحرام و هو ما يعاقب فاعله . 3- المندوب و هو ما لا يعاقب تاركه . 4- المكروه و هو ما لا يعاقب فاعله . = و واضح ان الواجب و الحرام يستنبطان من النصوص القطعية و مقرونان بالعقوبة لأنهما مرتبطان بالمصلحة العامة على وجه اليقين لكافة المكلفين في مجتمع المسلمين .. و هذا ما يجعلهما من التشريع العام . أما المندوب و المكروه فيستنبطان من النصوص الظنية و لذلك لا يقترنان بالعقوبة و بالتالي لا يرتبطان بالمصلحة العامة على وجه اليقين الا لبعض المكلفين الذين رؤوا فيهما يقينا ما فصارا بالنسبة لهذا البعض من الواجبات أو المحرمات . و لهذا السبب هما من التشريع الخاص . = و كما ذكرنا آنفا ان جعل الخاص عاما هو الآفة التي جعلت الاسلام و المسلمين يرتبطون بالعنف و الارهاب منذ مئات السنين . معظم الاحباب في المدرسة السلفية اليوم يقومون بجعل المندوب واجبا و يجعلون المكروه حراما ثم لا يجدون امامهم مفرا من ان يمارسوا الامر بالمعروف و النهي عن المنكر من أصعب أبوابه و هو التغيير باليد تماما كما تفعل الجماعات المسلحة منهم مثل داعش و القاعدة و طالبان و بوكو حرام و غيرها الذين سهل عليهم بسبب ذلك ان يمارسوا التكفير و الذبح و التدمير و التهجير و الاحراق دون ان تطرف لهم عين . = و لكن ما هي الاسباب التي تدفع بالاحباب في المدرسة السلفية ليجعلوا التشريع الخاص تشريعا عاما ؟ و الاجابة توضح ان هناك عدة أسباب نذكر منها : 1- العمل بإجتهاد الصحابي (رض) و تقديس هذا الاجتهاد لدرجة اعتباره حجة مساوية للسنة . 2- العمل بإجتهاد الائمة و المجتهدين على مر العصور و تقديس اجتهاداتهم و اعتبارها هي الاخرى مساوية للسنة تفرض بها الفروض و يحرم بها الحرام . 3- الايمان بوجود ما يسمى (الاجماع) و تقديس المجمع عليه و اعتباره حجة مساوية للسنة يثاب فاعلها و يعاقب تاركها . = و لا شك ان الصحابة (رض) هم مصدر السنة النبوية و هم في نقلها لنا عدول و ثقة . و انما الخلاف كما يقول الشيخ (عبدالوهاب خلاف) في كتابه (أصول الفقه) .. (( و انما الخلاف في قول الصحابي (رض) الصادر عن رأيه و اجتهاده و لم تتفق عليه كلمة الصحابة (رض) . ففي ذلك قال ابوحنيفة و من وافقوه: اذا لم اجد في كتاب الله و لا سنة رسوله , أخذت بقول أصحابه (رض) من شئت و أدع قول من شئت)) انتهى الاقتباس. = و الاجتهاد بحسب أصول الفقه لا يلزم الا صاحبه و من استراح قلبه له . يستوي في ذلك اجتهاد الصحابة مع اجتهاد ائمة المسلمين على مر السنين . = أما الاجماع و هو اتفاق ائمة المسلمين علي رأي واحد فيقول فيه الشيخ عبدالوهاب خلاف أيضا ما يلي : ((هل انعقد الإجماع فعلا بهذا المعنى في عصر من العصور بعد وفاة الرسول؟ الجواب: لا، ومن رجع إلى الوقائع التي حكم فيها الصحابة (رض)، واعتبر حكمهم فيها بالإجماع يتبين أنه ما وقع إجماع بهذا المعنى، وأن ما وقع إنما كان اتفاقا من الحاضرين، ومن أولي العلم والرأي على حكم في الحادثة المعروضة، فهو في الحقيقة: حكم صادر عن شورى الجماعة لا عن راي الفرد )) انتهي الاقتباس . = اذا كانت اوراق الاسلام واضحة و جليه بهذا الشكل لماذا يخلط بعض الناس تلك الاوراق ؟ و الاجابة عندي تكمن في امر واحد ما له ثان : انه التقديس الكثيف للافكار و الرموز الدينية . = أهل السنة يقدسون افكارهم و رموزهم و أهل الشيعة يفعلون نفس الشئ . و كذلك يفعل أهل كل مذهب و ملة و طريقة . يتضخم التقديس في وجدانهم بحيث لا يجرؤ أحدهم على ممارسة حب الاستطلاع دعك من الدراسة بغرض الرد على المزاعم او لكشف الاباطيل . أما ممارسة النقد الذاتي لما استقر من المعتقدات فان الطبقات الكثيفة للتقديس جعلت حدوث هذا الامر ضربا من ضروب الخيال و سعيا بائسا في دهاليز المستحيل . التقديس الكثيف – بقلم/ نوري حمدون – السودان - الابيض
مواضيع لها علاقة بالموضوع او الكاتب
- نحن أكثر من حبات رمل الشاطئ – بقلم/ نوري حمدون – السودان – الابيض 06-02-15, 03:58 PM, نوري حمدون
- الاسلام و القتال – بقلم الاستاذ نوري حمدون – السودان – الابيض 31-01-15, 03:54 PM, نوري حمدون
- مُجَمَّعٌ سياسي بلباسٍ فقهي بقلم / نوري حمدون – الأبيض - السودان 25-11-13, 05:33 AM, نوري حمدون
- الهجرة من الخطاب التقليدي الى الخطاب الحداثي بقلم / نوري حمدون – الأبيض - السودان 06-11-13, 07:13 PM, نوري حمدون
- الإسلام و الحداثة بقلم / نوري حمدون – الأبيض – السودان 12-10-13, 07:17 PM, نوري حمدون
|
|
|
|
|
|