|
نظرة توحيدية في التجديد الديني (2) بقلم عبد المؤمن إبراهيم أحمد
|
الأمل في وسطية إسلامية جديدة طرحنا هذا طرح بعلم حقيقي لمنهجية جديدة، منهجية عدول تتسم بالموضوعية، لا نقصد به الإنتصار لرأي ولا المناظرة وإنما نطرحه كمنهاج عمل أو خريطة عمل يبني عليها غيرنا من المجتهدين من اهل الفقه والنظر. نحن هنا نطرح مشروع تجديدي في طريق ثالث جمعي وسطي (وسط بين مثاني) يميز بين الشرعة والمنهاج، حيث الشرعة كتاب وطريق وأحكام بينما المنهاج فهم و طريقة وكيفية وحكمة. والحكمة ضالة المؤمن انى وجدها كان أولى بها. ولشد ما أعجبت بمجاهدات الدكتور يوسف الكودة والدكتور عصام احمد البشير وغيرهما من اهل الوسطية ونرجوا لهم أن يواصلوا المشوار لكي يصلوا بالفقه إلى شواطيء يلتقي فيها النص بالواقع الحديث بطريقة سلسة وموفقة. لا شك أن الوسطية تحمل معاني الرحمة واليسر والعدل وهذا ما أكدنا عليه في بحثنا في قواعد القضاء وقواعد الدين. يقول د. يوسف العالم "...لا تكليف شرعاً إلا بما يطاق... الشارع لم يقصد المشقة لذاتها في التكليف..." (د. يوسف العالم - المقاصد العامة للشريعة الإسلامية. ص 32 ). وقد جاء في توصيات مؤتمر تجديد الفكر الإسلامي: "يوصي المؤتمر بإبراز جوانب الوسطية الإسلامية القائمة على الخير والرحمة والعدل والمساواة" (قضايا إسلامية عدد 75 ص 237). وليتهم أضافوا التيسير. ومنذ فجر الإسلام إختلف العلماء في مدى إمكانية البحث في مراد الشارع في أحكام الدين وأحكام الدنيا. فقال أهل الحديث في الحجاز بعدم جواز النظر في أحكام الدين (العبادات) بينما رأى أهل الرأي في العراق بإباحة النظر في كل الأحكام بلا إستثناء بقولهم بأن كل الأحكام الشرعية معقولة المعنى ويمكن الكشف عن عللها ومقاصدها. ولكن لاحقاً غلب الرأي الأول.
ضرورة العقلانية في التجديد هنالك إشكالية في حجية النصوص الحاكمة من ناسخ ومنسوخ في جملة من الكثير من الإشكاليات، ولكن أكبر مسألة تستحق النقاش اليوم والبحث هي كيفية نسخ السنة للقرءان لأن القاعدة الفقهية تقول "الدليل لا ينسخ إلا بدليل من مرتبته او اعلى منه". فالسنة حجة معمول بها بإتفاق من يعتد به من أهل العلم ولكن مكانتها في التشريع تعتبر "في الدرجة الثانية بعد القرءان، ومتأخرة عنه في الإعتبار لأن الكتاب مقطوع به، والسنة مظنونة والقطع فيها يصح في الجملة لا في التفصيل بخلاف الكتاب... والمقطوع به مقدم على المظنون... وفي نسخ السنة بالكتاب، والكتاب بالسنة خلاف بين الأصوليين". (د. يوسف العالم – المقاصد العامة للشريعة الإسلامية – ص 59-60). تسود هذه الأيام فكرة لدى الكثير من الأتقياء المتشددين مفادها الشك في العقل، وعدم التعويل عليه في تجديد المناهج وإستنباط الأحكام لإعتقادهم الخاطيء بأن في ذلك تهديد للمقدسات ومدخلاً للهوى، ويغلقون هذه المهمة على صنف معين من المسلمين. ثم هم فوق هذا وذاك يبالغون في تقديس آراء علماء القرون الأولى. ثم إنهم كذلك يبالغون في رفض أي فكرة وافدة بغض النظر عن صحتها أو فسادها وبدون تمحيص ويتصورون إختلاف الإسلام عن كل ما عداه إختلافاً مطلقاً "إعتقاداً بأن غير المسلمين متآمرون أبداً على الإسلام والمسلمين، وأن الإسلام متميز ومتفرد بخصائص ذاتية تنفي عنه مشابهة أي حضارة أخرى وأي نظام آخر عرفه الناس قديماً او يعرفونه حديثاً" (دكتور أحمد كمال أبو المجد – كتاب قضايا إسلامية – التجديد في الفكر الإسلامي- العدد75 ص 104). وقد أدى هذا لتراجع المفكرين والمجددين خوفاً وطمعاً وكل هذا أدى للوضع المزري الذي يعيشه العقل المسلم اليوم، وجعل الأمة كلها معزولة عن نصوص الشرع بسبب القول برفع المسؤولية عن عامة الناس المقلدين إذ هم غير مطالبين بالرجوع لهذه النصوص والقواعد وإنما عليهم فقط تقليد المجتهد دون مناقشته.
مكتبة شوقى بدرى(shawgi badri)
|
|
|
|
|
|