|
الذكرى الأولى لتأبين المرحوم قريب الله محمد حامد الأنصاري بقلم عبد العزيز محمود فرج
|
بسم الله الرحمن الرحيم
سوف أركز في هذه الفقرة على الناحية الاجتماعية وأترك المجالات الأخرى لبقية الإخوة. معرفتي بالمرحوم قريب الله محمد حامد الأنصاري تمتد إلى عشرات السنين، كما تربطنا بعض الروابط الأسرية. والمرحلة الأولى التي تعرفت فيها عليه هي مرحلة حي البوستة بأم ردمان، وكان ذلك في الستينيات حيث شاءت الظروف أن يكون منزلنا مقابلا لمنزل شقيقته التي كان يقيم معها. كما كان المنزل الذي يجاوره هو منزل زوجته الاولى السيدة الفاضلة المرحومة كرام عمر خلف الله طيب الله ثراها، والتي رزق منها عمر وخالد وسارة. مرحلة أخرى هامة هي مرحلة الدراسة الجامعية، كان المرحوم قريب الله قد تخرج من جامعة الخرطوم قسم الرياضيات ولكنه فضّل الاستمرار في الدراسة، وذهب للدراسة في جامعة صوفيا/ بلغاريا لدراسة الاقتصاد، وذهبت أنا في نفس الفترة لدراسة الاقتصاد بجامعة بغداد، إلا أننا كنا نلتقي في العطلات الصيفية حيث كنت أقوم بزيارته في بلغاريا في كل صيف. كانت لنا هناك حلقات نقاش ساخنة حول الاقتصاد الرأسمالي والاشتراكي وأيهما أصلح للسودان لكي يبدأ مسيرة التنمية. أكملنا الدراسة الجامعية ورجعنا للسودان لنبدأ مشوار البحث عن العمل صباح كل يوم ونجتمع في المساء لتقييم الموقف ورسم برنامج اليوم التالي ثم نبدأ برنامج المساء. افترقنا في فترة السبعينيات حيث تم تعيين المرحوم قريب الله وكيلا لوزارة التخطيط الاقتصادي وكان ذلك في فترة جعفر نميري، والتحقت أنا بمنظمة الوحدة الإفريقية بأديس أبابا. تلك فترة افترقنا فيها إلا من مقابلات عابرة في العطلات السنوية بالسودان. وفي مرحلة لاحقة تم نقلي لبعثة منظمة الوحدة الإفريقية المعتمدة لدى الامم المتحدة بجنيف وممثلا لها بمنظمة العمل الدولية. بعد ذلك بفترة تم تعيين المرحوم قريب الله مديرًا للفريق الجنوب الإفريقي المعني بتعزيز العمالة التابع لمنظمة العمل الدولية بزمبابوي. مرة أخرى بدأنا مرحلة جديدة من اللقاءات بجنيف لاسيما عند حضوره للاشتراك في مؤتمرات واجتماعات منظمة العمل الدولية. كما كنت ألتقي به كثيرًا في زمبابوي عند ذهابي لحضور بعض المؤتمرات هناك. المرحوم قريب الله له عدد كبير من الأصدقاء ولا تتم سعادته إلا عندما يكون بين أصدقائه. أذكر أنني قلت له عندما كنت بمنزله في زمبابوي: "أنت سعيد في هذا المنزل الكبير الجميل وفي هذا البلد الخلاب والطقس الرائع". فردّ قائلا: "تكتمل سعادتي عندما يكون المنزل مليئًا بالأصدقاء والأهل". ومصداقًا لذلك كان ينتظرني أمام قاعة الاجتماعات ليأخذني لمنزله العامر بمجرد الانتهاء من الجلسات. ولم يفعل ذلك معي فحسب، بل كان ذلك ديدنه، فبمجرد أن يسمع بوصول وفد من السودان كان يذهب لمكان الاجتماعات أو للفندق الذي يقيم فيه اعضاء الوفد لأخذهم لمنزله لقضاء الأمسية معه. وربما من خلال تلك الوفود كان قد التقى بزوجته الأخت العزيزة والسيدة الفضلى رقية الفادني والدة وفاء وأحمد، والتي كان لنا شرف استقبالها والمرحوم قريب الله بجنيف لقضاء شهر العسل. ومن محاسن الصدف أن السيدة رقية كانت زميلة لزوجتي زينب زين العابدين بجامعة الخرطوم. المرحوم قريب الله كان متيمًا بحب الوطن حاملا لهمومه، متتبعًا لأخباره أينما ذهب. كانت أمنيته أن يرى السودان وقد نما نموًا اقتصاديًا يليق بمكانته. احتفظ بعدد كبير من التسجيلات الغنائية السودانية كانت سلوانه أينما ذهب في بلاد الاغتراب. وكانت الأغاني الوطنية تحتل مكانًا خاصًا في قلبه يطرب لها من أعماقه. صداقاته لم تقتصر على السودانيين فحسب بل كان له العديد من الأصدقاء الأوفياء والمقربين من كل الجنسيات لاسيما من إفريقيا. كرمه غمر الجميع من الأهل والأصدقاء والجيران. اقتنى منزلا جميلا بالسودان حيث كان حلمه أن يعيش في السودان بعد بلوغ سن المعاش بين الأهل والاصدقاء، ولكن نسبة لوجود الكثير منهم خارج السودان ونسبة للظروف الصعبة التي يعيشها السودان لم يتمكن من تحقيق ذلك الحلم. أستسمحكم عذرًا إن أطلت ولكن الذكريات مع المرحوم قريب الله كثيرة ومتعددة ومتشعبة والحق يقال قضيت معه أطيب الأوقات. ألا رحم الله قريب الله رحمة واسعة وبارك في زوجته وذريته عمر وخالد وسارة ومنى وأحمد ووفاء.
عبد العزيز محمود فرج 47 avenue de Jura, 01210 Ferney-Voltaire / France Tel : 0041765423610 18 نوفمبر 2014
واشنطن: مراسم الذكرى السنوية الأولى للراحل المقيم د. قريب الله الانصارى
مكتبة حيدر احمد خيرالله
|
|
|
|
|
|