سنبني قصرا جديدا سيدي الرئيس! فصل من رواية: الحب في مملكة الجنجويد بقلم أحمد الملك

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 12-15-2024, 08:25 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-28-2015, 01:39 PM

أحمد الملك
<aأحمد الملك
تاريخ التسجيل: 11-09-2014
مجموع المشاركات: 278

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
سنبني قصرا جديدا سيدي الرئيس! فصل من رواية: الحب في مملكة الجنجويد بقلم أحمد الملك

    رأى نفسه يفتش حرس الشرف وهو يقف فوق منصة عالية كانت تبدو مثل جسر مغزول
    من خيوط الضوء الملونة، معلّق مثل مرآة فوق النهر. كان الحراس يقفون في
    صفوف طويلة متوازية، دون أن تصدر عنهم أية إشارة تنبئ بأنهم كانوا أحياء.
    يحمل بعض الحرّاس آلات موسيقية، كانت تبدو في ضوضاء ضوء النهر كأنها
    مخلوقات من عوالم أخرى، لكن الموسيقى التي كانت تملآ الفضاء بدت كأنها
    تصدر من النهر او من مكان مجهول في الفضاء.
    تتصاعد العاصفة الموسيقية التي تبدأ في صورة دوامات ضوئية من الرياح،
    تتسلق ببطء أعمدة الضوء المتصاعدة من النهر الى الفضاء. كل الأشياء أمامه
    تبدو واضحة، بأبعادها الثلاثية. يستحيل تخيل بقاء العالم من دون هذه
    الفوضى الضوئية، ثم لا تلبث أن تتبخر كل الأشياء فجأة في قيظ خيوط ضوء
    النهر كأنها لم توجد قط. رأى النهر نفسه مثل مسن يضرب في الأرض دون هدى
    بسبب ضباب الذاكرة، شاحبا وخاليا من الحياة مثل جثة نهر ملقاة على قارعة
    الصحراء. إستيقظ مذعورا بعد قليل حين بدأ لون المياه الذي كان في البداية
    أشبه بلون الطين يتحول الى لون الدم. حين إستيقظ من النوم مد يده آليا
    وتناول كوب الماء بجانبه وإبتلع قرصا واحدا من عقار فولتارين، يشعر بنفسه
    يختفى تدريجيا داخل آلام عظامه حين يتناول الدواء. يشعر كأن جسده لا
    يتخلص فقط من آلامه بل حتى من عظامه، حتى أنه حين يغادر الفراش يشعر
    بجسده المرن، الخالي من العظام لا يقوى على الوقوف وحده ما لم يستند على
    شئ ما حوله. نظر الى ساعة الجدار، كانت تشير الى التاسعة صباحا.

    في الحمّام، فتح صنبور الماء فتساقطت قطرات قليلة، غسل منها وجهه ومسح
    شعره، منذ أن إختفى النهر بات إستخدام الماء مقصورا على الضروريات التي
    يحددها مدير القصر الذى تعينه الشركة الوطنية التى تدير الوطن. بحث عن
    الجندي الصغير الذي كان يساعده في إرتداء ملابسه العسكرية فلم يعثر له
    على أثر. سمع صوت ضوضاء في فناء القصر، فحاول أن يسترق النظر خلسة من خلف
    إحدى النوافذ، أملا في أن تكون هذه الضوضاء صادرة عن مظاهرة، او كارثة
    تنبئ عن وجود حياة في الوطن. في المرات النادرة التي حاول فيها معرفة ما
    يدور في الخارج كان يتلقى دائما تحذيرا قويا من مندوب الشركة الوطنية: كن
    حذرا سيدي الرئيس، إكتشفنا مؤامرة من بعض الحركات المعارضة بالتنسيق مع
    بعض السفارات الأجنبية التي تستهدفك. يشعر أن العيون التى كانت تحصي
    أنفاسه كانت أضعاف تلك التي تسهر على حماية الوطن! توقف قليلا حين تذكر
    الوطن، شعر بإعصار الحنين في الذاكرة يقتلع في طريقه أكثر وقائع ذاكرته
    ثباتا: قال بصوت مرتفع ليتأكد أنه لم يكن يحلم:الوطن، الوطن! هل قلت أنا
    الوطن؟ بدت له الكلمة غريبة لم يستطع تبين إن كان هو من ردّدها أو همس
    بها شخص ما.

    بسبب الرقابة والتحذيرات الأمنية توقف منذ سنوات عن ممارسة هوايته
    القديمة : مراقبة النجوم، تعيده تلك اللحظات التي ينفصل فيها عن واقعهة
    الأرضي ويتوه في الفضاء، الى تفاصيل زمان طفولته السعيدة في بلدة نائية
    على حافة الصحراء، كانت أشباح الغرباء وقوافل المهربين تعبرها مساء في
    الرحلة الطويلة الى المجهول.
    من خلف الستائر الكثيفة رأى عددا كبيرا من العمال الغرباء يقومون ببناء
    جدار بين القصر والحديقة الضخمة التي كانت تطل على النهر، والتي كانت
    مياه النهر تغمرها أحيانا في موسم الفيضان، فشاهد سكان القصر وزواره
    أسماك البياض والبلطي وهي تسبح في حديقة القصر. شوهد أيضا تمساح ضخم قبل
    سنوات، كان يشق ترعة الماء الضخمة في الحديقة جيئة وذهابا كأنه رئيس
    منتخب يستعرض حرس الشرف ضمن مراسيم تنصيبه.

    إبتعد من النافذة حين إقتربت منها إحدى كاميرات التصوير التابعة للشركة
    الوطنية التي تسبح في الهواء، يا للكارثة! هل أقدموا على بيع حديقة
    القصر؟ هل ستختفي العصافير القليلة التي بقيت بعد رحيل النهر، تغرد في
    أصابيح النسيان فوق أشجار اللبخ العتيقة التي غرسها الانجليز حين قاموا
    بتشييد القصر. تعيد بغنائها بعض إشارات الزمن الغابر، فتعالج بعض جروح
    القلب، التي يكتشف أنها لا تزال تنزف في حمى التذكر في ساعات الأصائل.
    الحديقة التي شهدت كل إحتفالات الوطن وثوراته المجيدة. الحديقة التي شهدت
    إنتفاضات الوطن في العهد الكولونيالي والعهود الوطنية. والتي شهدت أعراس
    الموتى الجماعية في القرن الماضي، الموتى الذين أرسلوا الى شريكات موتهم
    في الدار الآخرة بإحتفالات دنيوية صاخبة. وحفلات تسلم أوراق إعتماد
    السفراء في مختلف العهود.هل قاموا أيضا ببيع أشجار الجهنمية وورد الحمير
    والورد الانجليزي؟ و أشجار المهوجني واللبخ؟ تذكر مندهشا مقولة سمعها من
    شخص ما لا يذكر شيئا من تفاصيل صورته، حين دار نقاش في القرن الماضي في
    إحدى جلسات مجلس الوزراء، حول قطع هذه الأشجار العتيقة التي غرسها
    الاستعمار وإستبدالها بجيل جديد من الأشجار الوطنية. علّق أحدهم ضاحكا:
    من يقطع أشجار اللبخ يمكنه أيضا قطع رؤوسنا!

    سيكتشف لاحقا أنهم: قطعوا أشجار اللبخ وقطعوا رؤوسنا أيضا سيدي الرئيس!
    قرر أن يخرج بنفسه بعد قليل لمعرفة ما يحدث في الخارج. قبل سنوات حين
    إختفى النهر، إختفت في البداية العصافير ثم إختفى العشّاق الذين كان
    يراهم من النافذة يسيرون في خطوط مستقيمة مثل الجنود، أثناء قلق
    الانتظار، يلوّحون بالورود الذابلة بسبب القيظ، أملا في أن يتعرف عليهم
    عاشق بديل في فوضى الحب التي تبدو وثيقة الصلة بتقلبات مزاج النهر
    العجوز. فينتعش الحب حين تتدفق المياه في شرايين النهر فيستعيد شبابه في
    موسم الفيضان، وتنحسر أعداد العشاق حين تنحسر مياهه ويستعيد صفاء المسن
    وحكمته، وإختفت السفن التي كانت تبحر بإتجاه السافنا مساء بأضوائها
    الملونة.

    في ذلك الوقت كان لديه من المستشارين ما يفوق عدد العشاق في موسم
    الفيضان، أمر بتكوين لجنة تحقيق من مستشاريه إضافة لمندوب الشركة الوطنية
    للتحقيق في أسباب إختفاء النهر، أضاعت اللجنة وقتا طويلا في محاولة تتبع
    منابع النهر لتحديد أسباب اختفائه، وفحصت عشرات المستندات التي قدمها
    مندوب الشركة الوطنية الذي أبرز لهم في النهاية وثيقة رسمية بإمضاء السيد
    الرئيس، يوافق فيها على بيع النهر بضفتيه وبأسماكه وتماسيحه وطيور البجع
    التي يهدهدها الموج على ضفافه!.منذ ذلك الوقت تناقص عدد مستشاريه حتى
    إختفوا تماما. حين يسأل عنهم كانت الاجابة دائما واحدة: بسبب الأزمة
    الاقتصادية سيدي الرئيس قمنا بتخفيض عدد مستشاريك وحراسك. قمنا بتقليص
    عدد السفارات والوزارات سيدي الرئيس، تقوم الشركة الوطنية بتعيين موظفين
    مؤقتين تدفع لهم أجرتهم يوميا يؤدون كل أعمال الحكومة في مواسم ضغط
    الحسابات وبداية السنة المالية الجديدة، ويحال معظمهم بمجرد نهاية الموسم
    الى الصالح العام المؤقت، حيث يتم إستدعائهم مرة أخرى في نهاية السنة
    المالية الجديدة! يا لدهاء هؤلاء السماسرة: وزير يعمل (باليومية)! يتسلى
    في وحدته، وحدة رئيس لا يعلم شيئا عما يحدث خارج حدود غرفة نومه ومكتبه
    المجاور، يتسلى أثناء بحثه في المستندات القليلة التي يعثر عليها في
    مكتبه عن أية دليل يشير الى وجود الوطن، يفحص حتى الصور القديمة التي
    يظهر فيها وهو يقص الشريط إيذانا بإفتتاح مشروعات منسية، يحاول إقناع
    نفسه أن الشخص الذي يظهر في الصور هو نفسه العجوز الغارق في أسمال وحدته،
    وأنه يرى في الصور الوطن الذي كانت حدوده تمتد حتى خط الإستواء، وأن
    النهر كان موجودا ويجري أمام القصر قبل أن تطاله يد الخصخصة.
    يتسلى بفكرة الوزير الذي يعمل باليومية، أخرج ورقة وقلما وكتب صيغة
    مقترحة لإعلانات وظائف الشركة الوطنية : بمناسبة إنعقاد الجمعية العامة
    للأمم المتحدة، وزير خارجية لمدة ثلاثة أسابيع، مواصفات الوظيفة: ترغب
    الشركة الوطنية في ملء وظيفة شاغرة مؤقتة لمدة أقصاها شهر واحد، إسم
    الوظيفة: وزير خارجية. ما الذي نتوقعه من المتقدم للوظيفة: يجيد إرتداء
    الزي الوطني والزي الأجنبي، يتحدث بطلاقة عدة لغات أولها الانجليزية،
    لديه معرفة جيدة بالسياسة الأمريكية. لديه إستعداد جيد للتعامل مع مزاعم
    منظمات حقوق الانسان وتفسير تلك المزاعم بإعتبارها مجرد إستهداف للوطن
    ومكاسب الثورة! يستطيع أثناء حضوره إجتماعات الجمعية العامة كسب تعاطف
    عدد من الدول ضد الحصار الذي تفرضه علينا بعض الدول بدعوى إنتهاكنا لحقوق
    الانسان. فكر بمكر وإستبدل عبارة مكاسب الثورة، (بمكاسب الثروة!) . وزير
    مالية لمدة ثلاثة أشهر ليقود المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، ويضع
    بالمشاركة مع الخبراء الآخرين ميزانية العام القادم. خبرة في التعامل مع
    المؤسسات الدولية لا تقل عن عشر سنوات. خبرة في الخصخصة وبيع المؤسسات
    الوطنية الخاسرة. وزير داخلية لمدة ستة أشهر لإجراء الانتخابات وضمان
    الأمن في فترة الاقتراع، خبرة في التعامل مع المظاهرات، خبرة في التعامل
    مع صناديق الإقتراع، خبرة في تزوير النتائج، يمكنه ضمان فوز مندوبي
    الشركة الوطنية في أية إنتخابات دون أن يثير شكوك مستخدمي معهد كارتر
    والمنظمات الدولية الأخرى التى تراقب عملية الانتخابات.

    حاول أن يتذكر إن كان قد وضع إمضائه على أية ورقة في الأيام الماضية.
    لكنه لم يتذكر شيئا، في الغالب فإن معظم قراراته الورقية كانت تصدر عقب
    إجتماعات مجلس الوزراء في القرن الماضي، ولكن منذ تسلمت الشركة الوطنية
    إدارة الوطن لم ينعقد مجلس الوزراء أبدا، كانت تصله أحيانا دعوات لوضع
    حجر الأساس لمشروعات تقوم الشركة الوطنية بتنفيذها بالتعاون مع شركات
    أجنبية. لكن هذه المراسم نفسها توقفت منذ سنوات وأصبح فقط يقوم كل عدة
    أسابيع بتسلم أوراق بعض السفراء. كانت فرقة موسيقية مستأجرة إضافة لحرس
    مستأجر يؤدون دور حرس الشرف.

    أعد لنفسه كوبا من القهوة، شربه ببطء في غرفته قبل أن يرتدى ملابسه
    العسكرية الكاملة ويغادر القصر من الباب الرئيسي، رافقه بعض الحراس، على
    بعد خطوات قليلة من باب القصر إنتصب جدار ضخم إختفت خلفه حديقة القصر
    والشارع الذي كان يطل على النهر . رأى فوق الجدار بعض الجنود الغرباء دون
    أن يفهم سبب وجودهم في المكان.

    سأل أحد حراسه: هل هؤلاء جنود الأمم المتحدة؟
    قال الحارس: لا يا سيدي. هؤلاء حرس حدود، تابعون كما سمعنا الى دولة
    أشترت هذه الأرض! للتنقيب فيها عن بعض المعادن النادرة!
    يا للكارثة! حرس الحدود أمام بوابة القصر! وأين الشعب؟
    وقف الحارس محتارا قليلا قبل أن يشير بيده إشارة مبهمة بإتجاه الصحراء
    التي كان يجري فيها النهر في أزمنة الصخب، حين كان الوطن يستيقظ في
    السابعة صباحا على صدى أنغام فجر جديد يتسرب مع بخار رياحين النهر.
    وأين مجلس الوزراء، أين الوزارات التي كانت تواجه النهر شرق الحديقة؟
    تلك المنطقة لم تعد الآن في الوطن سيدي الرئيس!
    كيف تكون مباني وزاراتي خارج الوطن وأنا هنا ؟
    تم بيعها سيدي الرئيس!
    كاد يسقط ارضا من فرط الصدمة. كيف يمكن بيع وزارة؟ وهل بيع أيضا مع
    وزاراتهم المستخدمين الذين دفع الوطن الكثير من أجل إبتعاثهم الى جامعة
    اوكسفورد لتأهيلهم وفق أرقى نظم الادارة؟

    سيدي الرئيس، بيع كل شئ، أحيل جميع هؤلاء الموظفين للصالح العام. تقوم
    الشركة الوطنية بطرح عطاءات بالمهام التي يجب ان تؤديها الوزارات
    المعنية. والشركة التي تفوز بالعطاء تقوم بتعيين موظفين لتنفيذ المهمة.
    حتى السفارات في الدول الاخرى تم اغلاقها سيدي الرئيس ويتم الاستعاضة
    عنها بمواطنين من رعايا الدول نفسها يتم تسليمهم أختام تجديد الجوازات
    ودفاتر استخراج الجوازات الجديدة. ويقومون بالعمل من منازلهم أو أماكن
    عملهم، ويحصلون على نسبة من الرسوم التي يتحصلون عليها عند تجديد جواز
    سفر مواطن. وفي المقابلات الرسمية وحفلات تقديم الاعتماد تدفع لهم الشركة
    الوطنية قيمة إستئجار بذلة وتكلفة سيارة الاجرة التي تقلهم الى المناسبات
    الرسمية، لقد رأيت في احدى دول القرن الافريقي سفير دولتنا يعرض للبيع
    تحت إحدى الاشجار في السوق الرئيسي في المدينة، الجوازات الوطنية،
    بأنواعها الأربعة: العادية والرسمية وجوازات رجال الاعمال والجواز
    الدبلوماسي. الجواز الدبلوماسي يكلف قليلا ربما بسبب لونه الأحمر، أما
    الجواز العادي فيمكنك شرائه مقابل مبلغ قليل من المال أو يمكنك إستبداله
    ايضا بملوة من الحبوب او التمر. كل هذه الاوراق الرسمية معروضة للبيع
    سيدي الرئيس مع أكوام من الحبوب والتمر الوارد من الحجاز، حين رأيته سيدي
    الرئيس كان هناك عرض جيد، حين تشتري جوازا دبلوماسيا تحصل مجانا على ملوة
    من التمر الحجازي، تمر المدينة. كان السفير يضع بجانبه ايضا بندقية
    كلاشنكوف، سألته ان كانت للبيع أيضا، لكنه أوضح لي انها لدعاوي حمايته
    شخصيا بسبب الغارات المفاجئة لحركات التمرد على سوق المدينة! يا للمهزلة:
    سفير يجيد استخدام الكلاشنكوف، انها دبلوماسية الكلاشنكوف وماذا ترك لنا
    نحن العسكر السابقون، اصبحنا اسوأ من المدنيين، تنازلنا عن كل صلاحياتنا
    لمجموعة من قطاع الطرق، فقط لأن الشركة التي تدير وطننا لا ترغب في وجود
    جيش قوي. لا يجب أن يشعر كائن من كان في هذا الوطن بأنه مستقر في عمله،
    أيا كان عملك ستجد كل صباح جدول يوضح المهام التي يجب ان تقوم بأدائها.
    واذا لم تجد نفسك في الجدول، فأنت خارج الخدمة! عليك الانتظار في بيتك
    وسيتصلون بك حالما يوجد عمل لك! الان يقوم الجنجويد بكل شئ سيدي الرئيس.
    حتى المرور في الشوارع يقومون بتنظيمه، بالأمس أشار أحدهم لسائق احدى
    السيارات ليقف بسيارته جانبا، يبدو ان السائق لم يره، أو رآه وخاف من أن
    يضطر لدفع غرامة، فاستدار بسيارته وولى الادبار، هل تصدق رد فعل
    الجنجويد، أطلقوا نحو السيارة طلقات من مدفع دوشكا حوّلت السيارة الى
    كتلة من الحديد! يقومون أيضا بجباية الضرائب ومطاردة المنقبين عن الذهب
    في كل مكان ليدفعوا ضريبة الوطن. رغم أننا لا نعرف تحديدا أين هو هذا
    الوطن سيدي الرئيس. وإن كنا نحن نعيش فيه حقا أم في وطن آخر.
    عرف أن البيع لن يتوقف عند الحديقة ، وحسب خبرته في التعامل مع مندوب
    الشركة الوطنية توقع سماع الإجابة التالية: هذا القصر رمز للحقبة
    الإستعمارية سيدي الرئيس، سنبني قصرا جديدا يعبر عن مشروعنا الحضاري
    وهويتنا الوطنية. وحتى لا ينسى في حضرة مندوب الشركة الوطنية، كما يحدث
    له دائما، أحضر ورقة كتب عليها بعض الأسئلة التي خطرت له: أين سيتم بناء
    القصر الجديد؟ وهل تبقت أرض في الوطن تكفي لذلك أم سيبنى القصر الجديد
    داخل حدود دولة مجاورة؟
    في المطبخ وجد الطباخ يعد طعام الغداء، كان طباخا غريبا أحضرته الشركة
    الوطنية ، بعد أن تقاعد طباخه الخاص منذ أشهر، لم يكن من سبيل للتفاهم
    معه سوى الإشارة، أشار له السيد الرئيس الى القهوة، قبل أن يعود الى
    مكتبه، لم يختف غناء العصافير تماما لكنه بات بعيدا بعد أن نهض الجدار
    الحدودي بينه وبين العصافير، إستيقظت العصافير لتجد نفسها في بلد آخر دون
    حتى أن تتجشم عناء الهجرة. إرتشف قهوته بصمت ثم وضع الفنجان جانبا وبدأ
    على إيقاع غناء العصافير القادم عبر الحدود، في إحصاء النجوم في ذاكرته،
    يعيد عن طريق إعادة تثبيتها في فضاء صحراء الذاكرة، رسم عالم جميل تسرب
    من بين أصابعه وضاع في المتاهة.


    http://http://www.sudantoday.orgwww.sudantoday.org
    mailto:[email protected]@gmail.com



    مكتبة الطاهر ساتي



































    South Sudan and Chinese imperialism By: Sirir Gabriel Yiei Rut

    Is 30, June,1989, the last coup in Sudan? by Muhyi Eldeen Homeida


    A look into Sudan's futile presidential initiative in the making

    The Dirty Hand of Qatar in Sudan’s Conflicts


    Beyond Conflict in South Sudan by Dr. Ahmed Hamoda H. Fadlalla

    What is the Goal and Objective for Sudaneseonline.com?


    Forgery in Sudan Identity! ! ! ? ? ?


    The travesty of the IGAD peace process for South Sudan By Amir Idris


    A journalist tell the tale of Sudanese with the 23rd, July revolution
























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de