|
السرية التامة ..!! بقلم الطاهر ساتى Taher Sati
|
:: ومن سوء الحظ، قصد أحد الشباب مزارعاً للزواج بإبنته الجميلة.. فوضع المزارع ثلاثة ثيران في غرفة، وأوقف الشاب بالخارج، وطلب منه بأن يمسك أحد الثيران من ذيله بمجرد خروجه من الغرفة، وبهذا يكون قد دفع مهر إبنته..وافق الشاب ووقف منتظرا الثور الأول، فأطلق المزارع من الداخل ثوراً ضخماً وهائجاً، فارتبك الشاب و لم يفكر في الإمساك بذيله، ثم قرر إنتظار الثور الثاني..وخرج الثور الثاني، وكان أضخم وأشرس من الثور الأول، ولذلك لم يفكر في الإمساك بذيله، ثم قرر إنتظار الثور الآخير..وخرج الثور الأخير، وكان هزيلاً للغاية، ففرح الشاب وتقدم نحوه ليمسك بذيله، ثم تفاجأ بانه ثور بلا ذيل ..!! :: ليست كل الفرص (جيدة)، بل بعضها بلا ذيل، أوهكذا لسان حال الهيئة العامة للإمدادات الطبية منذ الإثنين الفائت..إستغلت الهيئة مناخ الإنتخابات وإجازة النواب للقوانين بلا فهم، كما إعترف بعضهم، ودخلت إلى البرلمان لتستبدل قانوها بآخر (جديد)، أوكما تفعل كل أجهزة الدولة في الدقيقة تسعين هذه..ولكن لسوء حظ هيئة الإمدادات، أطلق لها نواب البرلمان قانوناً بلا ذيل، أي غير مجاز.. رفضوه، وهذا لم يحدث في تاريخ البرلمان القريب..واليوم، الهيئة تندب حظها وتعض على بنان الندم والحزن، وما عليها إلا إنتظار البرلمان القادم ليُمرر ( قانونها المُعيب).. فالقانون المرفوض ( مٌعيب)، ومراد به تحويل (الهيئة الخدمية) إلى (صندوق تجاري)..!! :: فالإستعمار، رغم أنه كان أجنبياً، عندما أسس الإمدادات الطبية، لم تكن التجارة والأرباح من أهدافها..أسسها لتكون مخزوناً إستراتيجياً للأمصال والأدوية المنقذة للحياة، وهي الأدوية التي تستخدم في أقسام الطوارئ والحوادث ( مجاناً)..هكذا الهدف من الإمدادات الطبية، ولكن حولتها هذه الحكومة الي (هيئة تجارية)، كأية شركة أدوية.. تشتري وتبيع وتربح في المواطن.. وزارة الصحة، لأن البرلمان غير مراقب، تزعم بأن هيئة الإمدادات الطبية (غير ربحية)، أي لاتربح في الأدوية التي تمد بها المشافي.. وللاسف هذا الحديث (غير صحيح).. وعلى البرلمان أن يعلم بأن أرباح هذه الهيئة هي الأعلى في سوق الدواء..وأن متوسط أرباح الهيئة على الأدوية يتجاوز (100%)..رغم أن لائحة مجلس الصيدلة ينص بألا يتجاوز ربح الشركات (15%)، وربح الصيدليات (20%)..!! :: وبالتجارة المطلقة، فقدت الهيئة دورها الإستراتيجي والذي من أجله تأسست في (زمن الإنجليز)، وتكاد تتخلى عن مهامها الإستراتيجية - بحيث تكون مخزوناً للأدوية المنقذة للحياة - بهذا الصندوق المرتقب.. هي كانت محض إدارة بوزارة، لا هيئة ولا صندوق ولا ( دولة داخل دولة)، ولكن كانت ذات فعالية..وإن كانت الحكومة جادة في إصلاح حالها، فالحل ليس في الهيئة بوضعها الراهن والعاجز عن إخضاع الشركات إلى الربح المناسب بمزايا تجارتها، ولا الحل في الصندوق المرتقب، بل على الحكومة حلها بحيث تعود - كمان كانت - إدارة ذات مهام إستراتيجية في وزارة الصحة.. وليعرف القارئ ملامح الصندوق، فليقرأ ما يلي نصا : ( يجب على رئيس المجلس وكل العاملين مراعاة السرية التامة في كل ما يقتضي أعمال الصندوق)، هكذا النص في قانون الهيئة الذي رفضه البرلمان .. سرية تامة، وكأنها هيئة أركان الجيش ..!!
مكتبة الطاهر ساتي
|
|
|
|
|
|