|
اعترض على سخرية الزملاء الصحفيين!! بقلم عثمان ميرغني
|
حديث المدينة الخميس 22 يناير 2015
اسمحوا لي أن اختلف معكم في الرأي.. السيدات والسادة الزملاء كتاب الأعمدة الذين أوسعوا المجلس الوطني سخرية لإجازته قانون (الرفق بالحيوان).. والذي تضمن مواداً تشتمل على خمس حريات للحيوان كانت هي بؤرة سخرية الزملاء من القانون والنواب الذين أجازوه. اعتراضي على الزملاء ليس في مقارنتهم لحقوق الإنسان السوداني مع الحيوان السوداني التي تكفل بها قانون (الرفق بالحيوان) المجاز، فأنا أدرك أنهم هنا استخدموا (السخرية) وسيلة أقرب لما يفعله جمهور كرة القدم عندما يستخدم (الصفير الجماعي) لتنبيه الحكم إلى لعبة (غير قانونية) ربما غفل عنها.. لكن اعتراضي هو على (فهم!) معنى القانون من حيث كونه قانوناً.. القانون –أي قانون- ليس مجرد مواد وبنود تشرع الوضع القانوني فحسب.. لا .. القانون مؤشر على الحالة المدنية Civilization التي وصلها المجتمع.. وفقاً لإطار مرجعي يشمل العالم أجمع. بعبارة أخرى.. مثلاً.. عندما سن السودان قانون مكافحة غسيل الأموال في العام 2003 لم يكن في السودان (مشكلة!!) بهذا التصنيف.. وأقول (مشكلة!) لأن الدولة رسمياً كانت تدرك أنها غير متضررة من عمليات غسيل الأموال، بل ربما كانت في بعض الأحيان تتمنى أن تجذب الأموال بلا تقييد.. لكن مطلوبات واشتراطات دولية كانت تفرض على السودان تشريع ذلك القانون.. نفس الأمر ينطبق على قانون جرائم المعلوماتية الذي أجيز في العام 2007.. ربما كان وقتها 95% من السودانيين لا يعرفون معنى "معلوماتية".. فضلاً عن أن يكونوا في حاجة للوقاية من جرائمها. ومثال آخر.. في مجال الطيران المدني تضطر الدولة لإصدار تشريعات تبدو نظرية غير قابلة للتطبيق في السودان، لكنها مطلوبات عالمية، فالسماء الذي يظل العالم واحد.. ليت الأخوة كتاب الرأي ركزوا على الخلل – إن وجد - في مواد القانون وليس في مبدأ وجود مثل هذا القانون.. فهو من مطلوبات انسجامنا مع عالم بات متداخلاً للدرجة التي صارت فيها الدولة لا تستطيع إقالة أو تعيين ضباط اتحاد الكرة.. خوفاً من العالم.. رغم أنها مجرد رياضة وترفيه و(لعب!!) لا أكثر.. بل – وليتحمل الزملاء الصحفيون هذا النقد – ربما كشفت السخرية من قانون (الرفق بالحيوان) الوجه الآخر لنظرتنا للحيوان.. أنه مجرد (حيوان) بالمعنى التقليدي الذي يعد الحيوان مجرد (شئ) في عالمنا لا قيمة له إلا بما يقدمه مباشرة لصاحبه. لكن في عالم اليوم.. الحيوان جزء مكمل لوجودنا الآدمي بيئياً واقتصادياً بل وحتى بيولوجياً فأقل الحيوانات شأناً (الفأر) هو البطل الذي أنقذ حياة بلايين البشر بما يقدمه من خدمة في الأبحاث التي تعتمد عليه مختبراتها وتجاربها. كان الأولى التصفيق للبرلمان لسلوكه الحضاري.. ومحاولته تقريب الفارق المعياري لموقعنا العالمي في سلم الحضارة المدنية، بدلاً من السخرية.. وبالطبع.. هذا لا يمنع البكاء على حالة حقوق الإنسان الضائعة وعلى رأسها حق حرية التعبير. لكن، كل بمساره..!!
|
|
|
|
|
|