|
خروج الإنسان الأول عن النظام الأول (2) بقلم عبد المؤمن إبراهيم أحمد
|
لقد ورث الإنسان هذه الحالة المتصارعة العدوانية المتعارضة المتناقضة من فعل ابليس الأول. وسماها الاسلام بالخسران والعداوة الأولى. لقد بدأ الصراع الفاسد الدامي في وعي الإنسان. ولكن كيف دخل الصراع العنيف في وعي الإنسان؟ يشرح القرءان ذلك بوضوح في قول ابليس الإستعلائي ”أنا خير منه“ وفي مسلكه القائم على الكراهية وحب الإنتقام بقوله: ”لأقعدن لهم صراطك المستقيم“ مما أدى لتآمره وكيده للإنسان بقوله: "هل ادلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى" وهو كاذب. كل ذلك أدى به لسلوك السرقة والنهب بقوله: "لأتخذن من عبادك نصيباً مفروضا". في سلوك إتسم بعدم المسؤولية وعدم المبالاة. مما أدى لتجسيد الصراع بقتل قابيل لأخيه هابيل حين أصبحت كل صفات إبليس جزء من النفس الإنسانية. لقد خسر الإنسان حريته وخسر نفسه وخسر وجوده بخسارته المعية الإلهية وبذلك خسر السعادة. قوله تعالى "فإذا سويته ونفخت فيه من روحي"، وروح الله حرة، لذلك خلق الإنسان حراً مسؤولاً. ولقد اساء الإنسان التصرف في حريته فوقع في أسر الصراع وسار مسيَّراً في كليات وجوده للتغلب على الشيطان. بسبب الهبوط والخروج من الجنة صار الصراع عنصراً ظاهراً في الوجود بسبب الشراكة الخفية التي قامت بين الإنسان والشيطان. هذه الشراكة الوجودية سببت دماراً في حياة البشر وحرمتهم من نوع من الحياة يختلف اختلافاً كبيراً عن الحياة التي يعيشونها اليوم وسمى القرءان تلك الحياة السعيدة الرغدة بالجنة. وعليه بخروج آدم من الجنة يكون قد ظلم نفسه بحرمانها من حالة الكمال الوجودية ودخوله في عالم الجحيم الذي هو العداوة والصراع. وقد وعد الله آدم بالهداية ووعده بقيامة تكون في آخر الزمان فيها تعود الأمور إلى نصابها عبر موازين القسط بدفع غرم ظلم النفس. وتقول الآية في وصف ذلك اليوم الموعود: "وعنت الوجوه للحي القيوم وقد خاب من حمل ظلما" والظلم هنا هو شراكة وجودية خفية وهي أصل كل الشر لأنها تكمن في أعماق أعماق الوعي إلى منطقة اللاوعي. وقد عبر آدم المكلف عن ظلمه لنفسه بقوله بعد الخطيئة "ربنا ظلمنا أنفسنا" ولقوله تعالى "إن الشرك لظلم عظيم" وهو ما قيل عنه في المسيحية بالخطيئة الأولى وما قيل عنه في الإسلام بالخسران. ولقد دخلت الإنسانية، بعد صراع طويل مع قوى الشر عبر التاريخ، إلى اعتاب مرحلة جديد في زمننا هذا وهي مرحلة إكتمال الوجود به تتم استعادة الحالة الوجودية التي كنا عليها في أيام الخلق الأول قبل الهبوط. "بدخول الحاسة السادسة والحاسة السابعة في المسرح وتلك هي درجة جديدة من درجات الترقي، تصبح بها الحياة البشرية شيئاً جديداً مختلفاً عما ألفناه من قبل" "محمود محمد طه – رسالة الصلاة 21". وهذا هو الإنقلاب الوجودي القيامي والذي يكون مقدمة للقيامة الكبرى التي بشرت بها الأديان.
مكتبة شوقى بدرى(shawgi badri)
|
|
|
|
|
|