|
فقهاء السلطان والسقوط في حمأة الهوان بقلم ماهر إبراهيم جعوان
|
يتربى الصادقون على أنه كل أحد يؤخذ من كلامه ويترك إلا المعصوم صلى الله عليه وسلم ويقول بن مسعود رضي الله عنه: (ألا لا يقلدنّ أحدكم دينه رجلاً، إن آمن آمن وإن كفر كفر، فإن كنتم لا بد مقتدين فبالميت، فإنّ الحيَّ لا يؤمن عليه الفتنة) فالإسلام يريد منا أن نقتنع بالمبادئ الصحيحة والسليمة دون أن نتأثر بطارحيها ولذلك حذر من الانقياد وراء الأشخاص دون علم ودون بصيرة (قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين) ويعرف الرجال بالحق ولا يعرف الحق بالرجال (اعرف الحق تعرف رجاله) ومن ثم كيف لرجل ينقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويفتي عن مراد الله في الأرض ليقيم شرعه، يتقدم الصفوف وتشخص لطلعته الأبصار وتشرئب لمقدمه الأعناق ويُنظر إليه أنه من أئمة الهدى ومصابيح الدجى ومن أعلام الصالحين الذي تفجرت الحكمة من جوانبه والعلم من نواحيه، وهو الشيخ الجليل الذي لم يترك مسألة من مسائل العلم إلا فقهها وحواها، وله شأن كبير في الأصول والفروع والفقه واللغة والصحيح والوضيع، وما ترك شاردة ولا واردة إلا أشار إليها وفطن لها كيف له أن يتجافى عن الحق المبين الذي قُدم له بالدليل والبرهان وأن يمتطي مطايا الهالكين، ويرتدي حلل المارقين، وأن يُشايع زمرة هامت في أودية الضلال، وتسكعت في بيداء الغواية، وجاهروا بالتمرد والعصيان واقتفاء أثر الشيطان ومحاربة أهل الخير والإحسان ومحاصرة الأهل والجيران وهدم البيوت والأوطان ومناصرة أهل الفجور والطغيان وإتباع رموز اليهود والنصارى والمشاركة في الحرب على الإسلام ورمي الأمة والملة بالاهانات والاتهامات حتى إذا سلكوا جحر ضب لسلكوه خلفهم كيف لعالم ألا يخاف وعيد الله لأول من تسعر بهم النار (...ورجل تعلم العلم وعلَّمه، وقرأ القرآن، فأُتي به فعرَّفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: تعلمت العلم وعلمته، وقرأت فيك القرآن، قال: كذبت ولكنك تعلمت العلم ليقال عالم، وقرأت القرآن ليقال هو قارئ، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار...) رواه مسلم كيف لشيخ جليل أن يقف في صفوف الظالمين المجرمين أما علم أنها خيانة ولو نطق بآيات القرآن الكريم يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (إذا وجدتموني في صفوف التتار وفوق رأسي مصحفًا فاقتلوني) أما علموا أن مواقفهم هذه تلبس على الناس دينهم ودنياهم ويحار بسببهم خلق كثير من العوام والخواص من الأميين والمتعلمين رغم وضوح الحق كأشد ما يكون يقول علي بن أبي طالب (حين سكت أهل الحق عن الباطل توهم أهل الباطل أنهم على حق) وما كان الحق أوضح منه في يومٍ من الأيام كما هو الآن، ومَن اختلف فيه مع هذا الوضوح لو نزل عليه المسيخ الدجال غدًا، ربما لا يُفرِّق بينه وبين المسيح عيسى عليه السلام وما بين خلع ثوب الذل وارتداء ثوب الحرية تظهر عورات الكثيرين ولا ينطق بالحق منافق أو ذليل
مكتبة محمد علي صالح
|
|
|
|
|
|