|
هل إنتصروا للرسول..في الإعتداء على شارلي إبيدو؟ الله ورسوله محمد أبعد عن ذلك بقلم عبدالوهاب الأنصار
|
((خَرَجَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم حَتَّى صَعِدَ الصَّفَا فَهَتَفَ: يَا صَبَاحَاهُ، فَقَالُوا: مَنْ هَذَا؟ فاجتمعوا إلَيْهِ، فَقَالَ: أَرَأَيْتُمْ إنْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ خَيْلاً تَخْرُجُ مِنْ سَفْحِ هذا الجَبَلِ، أَكُنْتُمْ مُصَدِّقِيَّ؛ قَالُوا: نَعَمْ؛ مَا جَرَّيْنَا عَلَيْكَ كَذِباً، قَالَ: فإنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ، فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ: تَبّاً لَكَ، مَا جَمَعْتَنَا إلاَّ لِهَذَا، ثُمَّ قَامَ فَنَزَلَتْ: {تَبَّتْ يَدَا أَبِى لَهَبٍ} إلى آخرها»، و{تَبَّتْ} معناه: خَسِرَتْ والتَّبابُ الخُسْرَانُ، والدَّمَارُ، وأسْنَدَ ذلك إلى اليدينِ من حيثُ إنَّ اليَدَ مَوضِعُ الكَسْبِ والرِّبْحِ، وضَمِّ مَا يُمْلَكُ، ثم أوْجَبَ عليه أنه قَدْ تَبَّ، أي: حُتِّمَ ذَلِكَ عَلَيْه، وفي قراءة ابن مسعود: {وقَدْ تَبَّ}، وأبو لَهَبٍ هو عَبْدُ العُزَّى بْنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ، وهو عمُّ النبيِّ صلى الله عليه وسلم ولكن سَبَقَتْ له الشقاوةُ، قال السهيليّ: كَنَّاهُ اللَّه بأبي لهبٍ لَمَّا خَلَقَهُ سبحانَه لِلَّهَبِ وإليه مصيرُه ألا تَرَاهُ تعالى، قال: {سيصلى نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ))
ولكن الذي حدث في "شارلي بيدو".. ناراً ستُصَلي الجالية المسلمة هناك بلاريب .. وهي التي تتمتع بمساحات واسعة من الحرية لم تتاح لها حتي في بلدانها(الإسلامية) الأصلية..والحق يُذكر والحقيقة تُقال..إن الجالية المسلمة في فرنسا.. لهي من أكبر الجاليات المسلمة في أوربا عدداً..و قد شَّيدت الكثير من المساجد والمراكز الإسلامية الثقافية..متفوقة في ذلك على كل دول أوروبا .. حتى تكاد إن تكون الجالية الإسلامية..الثانية في الترتيب من حيث العدد بعد التواجد المسيحي في الجمهوريةالفرنسية.
فهل ما فعله الشقيان..الإخوان "كواشي" سعيد..وشريف.. بإسم الإسلام.. تضيق ومحاصرة للإسلام..أم أنهم خدموا به الإسلام؟..المدهش ..أن اليمين المتطرف في فرنسا وأوروبا.. لو فكر له الشيطان نفسه.. في طريقة مثلى..ليشد الخناق على المهاجرين وأغلبهم مسلمين ضاقت بهم بلدانهم بما رحبت.. بسبب جور حكامهم(المسلمين)..وظلم حكومتهم (المسلمة).. لما وجد أبداً طريقة أنجع وأفضل وإبرع من هذه..الجريمة المروعة..لإثارة المشاكل والفتن والتحريض ضد المسلمين ...
وها هي وسائط الأخبار والميديا تنقل إنباء عن هجمات مرتدة..على بعض المساجد والمراكز الإسلامية في فرنسا..كرد فعل طبيعي لحدث يصعب الدفاع عنه في هذه العاصفة الدموية والغضب العارم المقدر..
أربعاء دامية..وهي حتماً ستكون إنعطافة فارقة..وهامة..وخطيرة في آنٍ واحد.. في مسار جمهورية النور الفرنسية.. فحرية التعبير قيمة عُليا في المجتمعات الليبرالية وثقافتها..لا يمكن مساومتها أو التزحزح عنها قيد أنملة.. حتي بالإرهاب أو القتل.. وستترك هذا الحادثة الدموية في فرنسا..وإن لم تكن في أوروبا بكاملها والغرب عموماَ.. شرخاً عميقاً..لجهة تعاطيهم..مع الإسلام والمسلمين في الأعوام القادمة..
مجزرة أسبوعية "شارلي إيبدو"..والتي خلفت وراءها 12 قتيلاً..وأكثر من 10 جرحى.. من ضمنهم أثنين من المسلمين!!.. فبندقية الإرهاب لا دين لها..إحدهما شُرطي يدعى (أحمد)..ويبلغ من العمر 41 عاماً..وصل إلى مكان الحادث على دراجته.. قد تم التقاط فيديو له وهو يلفظ إنفاثه الأخيرة على الرصيف..أما الثاني فإسمه (مصطفى) ويعمل مصححاً في إسبوعية "شارلي إبيدو"
تطرح تداعيات المشهد..عُدت تساؤلات جوهرية لعل في مقدمتها..هل كان سبب قتل رسامي الكاريكاتير في الأسبوعية الفرنسية الشهيرة..بسبب رسوماتهم المسيئة للإسلام.. وإنتقاماً للنبي محمد عليه أفضل الصلاة والسلام.. كما صاح أحد الجناة مرتكبي الحادث الأثيم.. أم أن واقع الحال وحقبقة الأمر..تقودنا وفقاً لمسار المآل.. للقول بأن ما فعله الأخوين "كواشي" كان إنتقاماً مع سبق الإرصاد والترصد ضد كل المسلمين في فرنسا خاصةً.. والغرب عموماً أم إنه إنتصاراً لنبي الإسلام..؟!
كثيراً ما تعرض .. نبي الرحمة محمد صلى الله علية وسلم.. للأذى والمضايقات والشتائم في سبيل الدعوة من السفهاء..وحتي من أهله الأقربين.. وكان الرد وحياً.. لا هوى.
قال تعالى: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبتر} ردٌّ على مقالةِ بَعْضِ سفهاءِ قريشٍ كأبي جهل وغيرِه، قال عكرمةُ وغيرُه: مَاتَ وَلَدٌ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقال أَبُو جَهْلٍ: بُتِرَ مُحَمَّدٌ، فنزلت السُّورةُ، وقال تعالى: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبتر} أي: المَقْطُوعُ المَبْتُورُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ، والشَّانئ المُبْغِضُ، قال الداووديُّ: كل شَانِئ لرسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فهو أبْتَرُ، لَيْسَ له يَوْمَ القيامة شَفِيعٌ ولا حَمِيمٌ يطاعُ،
هل ما تقوم بنشره "شارلي إيبدو" وفقاً لخطها التحريري..وثقافة المجتمع الفرنس ونهج الحياة المتمدنة الغربية التي إرتضاها شعبها..أمر من قبيل النقد الحر ؟.. والذي يقع داخل إطار حرية النشرالتعبير..؟ أم أن المسألة باتت استفزازاً قاتلاً.. يعتمد في الأساس على السخرية المهينة من كل الأديان ورجالته ورسله وأنبياءه..و من كبار المسؤلين السياسيين والمثقفين.. على حد سواء؟
ربما كانت هذه هي العلمانية التي تقف في خط متساوي ومسافة واحدة من الجميع..والتي يعتبرها الكثير من الفرنسيين والأوروبين أنها التزام صارم وشجاع بالمبادئ والقيم الليبرالية التي تواضعوا عليها.. ولا يخلو ذلك في منظورآخرين في المسرح مِمن يرونها سلوكا مستفز وتصرف غير مسؤول بالمرة.. لكن يبقى السؤال الأكثر أهمية..هل هذه التجاوزات الأخلاقية والإختلافية..لـ"شارلي إيبدو"..في تقديرنا..وفقاً لثقافتنا وفهم بعضنا للدين..
تجيير لنا الحق في أصدار فتوى على بياض للقتل.. لتبرير الحادث الإرهابي الدموي "لكواشي" أخوان شريف وسعيد.. وإسترخاص النفس البشرية هكذا..ومقابلة الرأي بالبندقية..والرد على القلم برصاصة وعلى الريشة بصفعة؟
بالطبع لا..لا..لا..وألف لا بلا تردد أو أدنى شك.. ماالذي يفيد دعوة نبي الرحمة محمد صلي الله علية وسلم..والمسلمون من مثل هكذا أعمال رعناء..هوجاء..ووحشية..
كامل تضامننا مع الشعب الفرنسي..وخالص العزاء لأسر الضحايا..أشقائنا في الإنسانية جمعاء..لنشر قيم الحرية والعدالة والمساواة.
مكتبة حيدر احمد خيرالله
|
|
|
|
|
|