|
نحو منهجية دينية علمية تجديدية (2) بقلم عبد المؤمن إبراهيم أحمد
|
ميتافيزيقيا الوجود الروحي كامتداد للعالم المادي الحرب التي شنت على المتافيزيقيا تهدف لانكار الروح والدين وتركز على الواقع المادي الملموس المحسوس فقط وهذا ما نريد تصحيحه في هذا المبحث. من الآن فصاعداً على الفلسفة ان تبحث في المتافيزيقيا وأصل الحياة والموت وما بعد الموت والتجارب الروحية والالهيات وما وراء الوجود الظاهر والتي وقف نور العلوم حاجزاً بينها وبين عقل المفكرين وجهر عيونهم من أن يروا الصورة الكاملة للوجود. على الفلسفة أن تستعين بالعلوم للكشف عن حقيقية المتافيزيقيا وتغير الإنطباع الذي تركه التصور المادي البحت للوجود على المتافيزيقيا. بصورة عامة وبالطبع ترفض المادية المتافيزيقيا بكل اشكالها باعتبارها شكل من اشكال الميكانيكية، بقولها انها تفضل الجمود على الحركة والهوية على التغيير في وجه الحادثات، ويتهمونها بانها تعزل الاشياء والاحداث عن بعضها البعض ولا تعترف بعلاقة بين الاشياء ببعضها البعض او الاحداث ببعضها البعض. هذه هي المتافيزيقيا الأسطورية القديمة ولكن علينا ان نبحث عن مناهج جديدة للمتافيزيقيا نعالج بها قصورها الحالي في المفاهيم والمناهج عن طريق حقنها بالمزيد من العلمية والمنطق. نحاول هنا توليد فكر مفيد للنوع الانساني. مثلما هي العلوم تسعى لمنفعة الانسان كذلك هو الدين. على الفلسفة كذلك ان تعمل لمنفعة الانسان. عليه تكون البرجماتية محطة مناسبة لتتكيء عليها الفلسفة لكي تواصل مشوراها – مجرد محطة. كذلك فهمنا يقوم على افتراض وجود "متافيزيقي" مصاحب يؤثر فينا ونؤثر فيه، لا نراه بالعين ولكن نحسه ونعيش طرفاً منه في الأحلام وفي احوال وظواهر اخرى ما زالت غامضة. إن للإنسان وجوداً يتخطى الزمان والمكان. هذا الوجود المصاحب نفترض انه موجود وراء وعي الانسان (ووراء هنا لا تعني مكان انما هو وصف لحالة وجودية تتخفى وراء حالة اخرى). "يمكن تناول الأسلوب المتافيزيقي من وجهتين إثنتين. إذ بالإمكان إعتباره صورة تخيلية جريئة لحال محتملة من الشئون القائمة (قصة واردة) مثلما قال افلاطون" (هكتور هوتون – متعة الفلسفة – 243). نؤكد هنا على ضرورة التراجع الذهني الوجودي عن الطريق المسدود الذي ادخلت فيه المادية الفكرية البحتة العقل البشري ومعها كل المجتمعات البشرية الحديثة، ولن يتأتى ذلك الا بإعادة تعريف الدين والروح، الدين بمنظومته السالفة لا يمكن ان يقدم تلك الحلول، العلوم تأبى عليه وتجربة التاريخ تأبى عليه. لذلك لا بد للفكر الديني من ان يتسلح بالفلسفة والعقل والعلوم ليقدم مشروع جمعي حداثي جديد. كذلك لا بد لنا من توسيع التصور وتوحيده بتقديم حلول فكرية كلية جامعة لمأزق الوجود الحالي بعد أن نشرح الكثير من الحلول الدينية والفلسفية السابقة عبر الإستعانة بالخيال العلمي والمنهج العلمي والذي يجب ان يذهب في اتجاه التنظير للبناء النفسي للوعي البشري. ومثلما تنصل العقل من القيود الفكرية الزائفة التي فرضتها عليه التصورات الدينية للوجود في القرون الوسطى لكي يكتشف كل هذا الكون ويزيل النقاب عن الكثير من اسراره فانه لا بد للعلوم من ان تنظر للوراء للدين وتعريه من غبار التاريخ لتسبر غوره وتربطه بعجلة العقل المستنير لكي تستضيء بعناصر اساسية من مسلماته لمعرفة طبيعة الوجود الكلي والوجود الانساني بهدف تحقيق يوتوبيا السعادة البشرية، ويتم ذلك بالأخذ بالدين مأخذ الجد في عملية البحث الفلسفي والعلمي باعتبار الدين ظاهرة حقيقية تستحق الدراسة. كما يجب الفصل بين ظاهرة الدين وممارسة اهل كل دين وكذلك لا بد من التمييز بين الدين كفكرة تأسست على حلول متكاملة وبين الدين كمؤسسة تاريخية متحاملة. يميز وليم جيمس بين نوعين من الحكم على الظاهرة الدينية "محاكمة وجود ومحاكمة قيمة" (فراس السواح – دين الإنسان 2). . سنعمل في هذه السلسلة من المقالات (لو سمحت الظروف) على تجميع واستكشاف ذلك الخيط الرفيع الذي يربط بين مختلف الفلسفات والافكار بما في ذلك الافكار الدينية. ولذلك سنعرض الكثير من الأفكار الدينية بمزيد من التفصيل على الإسلام والتركيز عليه بإعتبار اننا نخاطب العقل المسلم أولاً ثم الآخر ثانياً. ولذلك لن نتطرق في هذا السياق لأديان الشرق الأقصى بسبب التباعد المعرفي الحالي بين الفكر الإسلامي وفكر أديان الشرق الأقصى. سندرسها ولكن قد لا ننشرها في هذه المقالات.
منصات حرة مكتبة بقلم نور الدين محمد عثمان نور الدين
|
|
|
|
|
|