|
( إنقاذهم)... و توريطنا..بقلم عثمان محمد حسن
|
ظلت عبثية تضارب المصالح بين متخذي القرار و الشعب السوداني مصدر حيرة فلسفة الأشياء، ثمة ثراء فجائي يعوزه منطق الاقتصاد و التجارة... فروق رهيبة في الدخول نتجت عنها فجوة طبقية مهولة.. و ارتقاء ( جماعة) من تحت الصفر إلى الطبقة العليا.. و سقطت ( غالبية) الطبقة الوسطى إلى ما دون الصفر- بمعيار رفاهية زمان- و هاجرت غالبيةٌ مما تبقى من ( الغالبية).. و تقزمت تطلعات الغالبية التي تبقت في البلد في حدود توفير الطعام و الشراب و ممارسة التناسل اليومي.. و هي في صبر- لا يطاق- تنتظر زوال النظام الحاكم بطريقة ما.. و النظام يمارس الكنكشة في رزالة.. · لم يعد للدهشة متسع في البلد.. الذئاب في حلبة المصارعة تتلاعب بالحملان.. و جمهور المتفرجين يصفق مع كسر كل عظم.. و عقب كل دم يسيل من جسد الضحايا.. و لا يزال العرض مستمراً حتى الحظة.. · تمت إزالة كلمة ( عيب!) الزاجرة من مفردات قاموس المجتمع.. و كانت الكلمة كفيلة بردع كل من يخرج عن الفعل ( المثال) دون ( همبكة).. و كانت الكلمة محركاً من أهم محركات الفضيلة في المجتمع السوداني لقرون.. يحملها الفرد في القلب منذ نشأته.. و ما كانت لتتعطل لولا فرض النظام كلمة ( التمكين) عنوة على لائحة التعريفات المستحدثة للشرف و الأمانة و الانتماء للمؤتمر الوطني الذي نجح في تكريس ( فقه الضرورة) في حياتنا اليومية.. و صار راكب ( البرادو) الله رادو.. دون معرفة المصدر.. بل و التدخل في إرادة الله سبحانه و تعالى.. · صار ( العيب) يمشي وسط المجتمع متبختراً في أنفة و كبرياء أجوف.. لقد تخطى العيب المراحل مرحلة.. مرحلة.. فمن مرحلة النفور المجتمعي الكامل منه إلى مرحلة الاشمئزاز.. إلى مرحلة اللا مبالاة به ليستقر في المرحلة الحالية و هي مرحلة قبول يكاد يكون كاملاً .. و أضحى ما يعيب في دنيا المال و الأعمال في الماضي هو ( المثال) واجب الاحتذاء في الحاضر.. · لا غرابة في أن يحتل السودان المرتبة الأولى في قائمة أكثر الدول فساداً إذا اعتبرنا أن ( لا دولة) يٌعتد بها في الصومال.. · و ثمة ماكينات مركبة في هياكل من طرور تتولى تسيير سفينة ( التمكين) بقوة دفعِ ( فقه الضرورة).. لتمضي متجاوزةً كل المحطات الانسانية و الدينية.. و وقودها دموع و عرق الشعب.. و لا تتوقف إلا في محطة ( أهل الثقة) لتزودهم بكل ما لا عين رأت و لا أذن سمعت من مباهج الحياة ( الدنيا).. · يفسدون .. و الكذب ( ينداح.. و ينداح.. و ينداح).. و في المنابر ظالم يعظ الناس بعدم ظلم الناس.. و الناس يعلمون أنه يتحدث من ( منطلق) ظلم وقع منه في السابق.. و ظلم لاحق.. ظلم مرجعه فقه الضرورة.. يستتبعه الإنكار.. ومزيد من الإنكار. لكن كيف يتم الإنكار بين يدي منكر و نكير.. أم أن عذاب القبر ( كلام ساكت) كما أوعز ( شيخهم) الذي علمهم السحر.. · إن ( هؤلاء) مغفلون جداً إذ يعتقدون أننا مغفلون.. فيتبارون في الحديث عن الاسلام و الشريعة.. بينما رائحة الفساد النتنة تنفذ إلى أنوفنا من ( مواقعهم) لدرجة القيئ و الهروب من المكان.. و يتحدثون عن التنمية.. و نحن نعلم أنهم يبذلون جهودهم لترقية أنفسهم و من يواليهم- لا غير.. و يتحدثون عن إيقاف نهج ( التمكين) اللعين.. و نحن نعلم أن التمكين قد تمكن من كل مفاصل الحياة الاقتصادية و الإدارية في البلد.. و من أراد من أبنائنا خريجي الجامعات أن يلتحق بالشرطة فعليه أن يتدرب ليتم تعيينه رقيب أول بينما يتم الحاق أبنائهم بالكلية ليتخرجوا ضباطاً حتى و إن كانت شهاداتهم أقل في درجاتهم من شهادات أبنائنا.. · نعم إنهم هم المغفلون.. و نحن الصابرين على عنجهية المغفلين.. بلا حول و لا قوة.. و نرفض الانتخابات المزمع نحن الديمقراطية فيها بعد أشهر.. لكننا لسنا من الذين يريدون المواجهة في الميدان الذي يدعوننا إليه.. لأننا لا نؤمن بقتل السوداني أخيه السوداني.. مهما كان السبب.. · شبعوا حتى التخمة.. و انتفخت بطونهم بالسحت، دون أن تشبع.. و فاضت خزائنهم، دون أن تكتفي.. و يقال أن أحد أشهر أرباب ( السحت) قال لممثل إحدى الشركات الأجنبية المنوط بها إنجاز مشاريع بنى تحتية في ( كرش الفيل) " أنا لست هنا كحاكم للولاية بل كوسيط " I am not here as a governor but as a broker!” " فكان له ما أراد.. و استمر يعمل سمساراً حاكماً ثم وزيراً و وزيراً و وزيراً.. و أصبح رجل أعمال سدت شركاته آفاق ( الحرام) من كل ناحية.. · ظل منطق جمع كل تلك الأموال منطق يقوده ( فقه الضرورة)..؟ و كثيرون هم المسئولون الذين انغمسوا في مستنقعه.. بيعاً لما لا يملكون لمن لا يستحقون.. باسم التخلص من الشركات الحكومية انصياعاً لمنظمة التجارة العالمية.. و لديهم من الأموال ما لم يكونوا يحلمون به قبل حركة ( انقاذهم) و ( توريط) السودان.. · الأسواق تضحك ساخرة مما يجري.. و قد راجت تجارة ( الكسر).. و فتحت السجون أبوابها بشهية لاستقبال ضحايا ( لحين السداد).. الضحايا تجار و أشباه تجار.. كرام و كريمات قوم ذلوا.. و ثمة باحثون و باحثات عن الثراء السريع في " دار أبوك كان خربت شيل ليك منها شلية" ضلوا الطريق إلى العمل المنتج فتلقفهم سجن ( الهدى) في غرب أم درمان.. · مآسي و كوارث.. و أنات مكتومة تلتقيك و أنت في أحد أسواق ( أم دفسو) أو في الطريق العام.. و سعادةٌ مترفة تتلقاك في نشوة معطرة في ( المولات).. تناقضات و تناقضات تتسع كلما أوغلت في البحث عن ( الموَرَّطِين) ب(الانقاذ) في السودان.. و ا سوداناه!
|
|
|
|
|
|