|
فش الغبينة في المدينة بقلم عثمان محمد حسن
|
أثبتت تفاصيل سنوات الانقاذ أن كل أنظمة الحكم السودانية السابقة كانت أفضل من نظام الإنقاذ في تطبيق الشريعة الإسلامية.. لأنها كانت تتسم بشيئ من العدالة بين المواطنين في المسكن و المشرب و الصحة و التعليم و التوظيف.. و هلمجرا..
و قد تهَجَّم نظام حكم ( الانقاذ) على السودان ذات ليلة كارثية.. حيث وأد العدالة.. و ذبح المساواة.. و أحال البلد إلى مزرعة كبيرة للحيوانات “ Animal Farm” تتمتع بالخيرات فيها فئة واحدة هي فئة المنتمين للنظام.. أما الآخرون فلا يستحقون المواطنة دعك عن حقوقها.. ما دعا العديد من أنصاف الكفاءات للانتماء إلى الحزب الحاكم طمعاً في الحظوة و الامتلاء..
و تعطلت الكفاءات.. ضمن برامج هدر الامكانات المادية و البشرية اللامنتمية.. و استبد اليأس عاصفاً بكل قادر على العطاء الثَّر.. و مات الأمل موتاً دماغياً.. فهاجرت العقول القادرة على الابتكار و الحلول.. بحثاً عن أمل بديل "... في بلاد الله"
و مع تهجم اليأس، أرعبت المسئوليات ( ناس قريعتي راحت) فهرب كثير منهم بعيداً.. بعيداً إلى المجهول.. فتناولت المسغبة أطفالهم .. فركنوا إلى الشوارع.. أما نساؤهم فقد تسلح بعضهن ب( الكوانين) و الفحم .. و بأدوات تجهيز الشاي للدفاع عن التماسك الأسري..
و كثر الطلاق للغياب أو للإعسار أو خوف الفتنة.. كنتيجة منطقية للتدهور الذي أصاب القيم و الأخلاق.. بعد التغيير الذي طرأ على معيار العدل و المساواة..
صار الحقد على المجتمع جزءاً مكملاً لحياة أطفال الشوارع.. ضد مجتمع تحجر إحساسه بوجود جيران يكابدون الشح و المسغبة في مستنقع زمن تعيس.. و انطلقت عصابات ( ال(.........)ز) تملأ ليالي العاصمة المثلثة..
تمعنوا في كلمة ( ال(.........)ز) و التي تعني ( الزنوج) أو السود.. ستجدون المسكوت عنه كامناً بين تلافيفها البائنة بينونة كبرى في المناطق الطرفية.. حيث يفتقد كثير من السكان طعم الانتماء للوطن أثناء انتظارهم الحافلات بينما السيارات الفارهة تمرق أمامهم مستعرضة عضلات ( التمكين) بضرب ( البوري).. بينما المحطة مكتظة في انتظار حافلة يأكل القويُّ الضعيفَ قبل ولوجها من أجل الفوز بمقعد في أحشائها المكتظة بأجساد المسحوقين..
الإحساس بالغبن و اللا انتماء قد يدفع البعض إلى تحطيم زجاج السيارات متى سنحت الفرصة.. و ربما إلى اشعال النار فيها.. بل و إشعال النار في كل الطلمبات التي تزود السيارات بالوقود.. حتى يكون الكل سواسية في استخدام الأقدام..
و للعنصرية (الملونة) بُعدّ ٌ قد يكشر عن أنيابه ( المخفية).. بينما النظام يحاول اطفاء النار بالرماد الحار أحياناً، حفاظاً على الأمن القومي.. الشماعة التي عمقت جراح الجنوب فانفصل..
ففي الأحداث الكارثية التي حاقت بمدينة ( أبو زبد) بعد اجتياح ( الحركة الثورية) للمدينة قالت إحدى المكلومات- بحرقة- و هي تتحدث إلى مراسلٍ لبرنامج (الصالة) بفضائية الخرطوم في يوم 19\ 11\ 2011 :- " الجو يحمونا ذاتم لما يلقوا زول أخدر بَوقِّفوا..." و لم تتم كلامها.. فقد كادت أن تتخطى الخط الأحمر.. و تتطرق بعفوية إلى المسكوت عنه..
لكن المسكوت عنه يصرخ بصوت عالٍ حين تلتقي جماعات ( متشابهة) فينطلق الكلام المحبوس من عقاله.. و تتكشف غبائن لامتناهية.. غبائن نسأل الرحمن الرحيم ألا يفشها المغبونون جراء استمرارية الحكم غير الراشد.. والعبث بالحقوق..
أرادت مكلومة ( أبوزبد) أن تشير إلى إيقافات و اتهامات تتم على أساس لون البشرة.. و تلك ثغرة تعمق أحقاداَ تكتمها النفوس.. و متى انفرط عقد النظام و سقط بالقوة، سقطت الدولة السودانية بكل مكوناتها.. و طفحت على السطح دويلات فاشلة مهمتها الدفاع عن الأهل و العشيرة.. و البحث عن الثأرات القديمة المدعومة بثأرات مستحدثة..
· فالسودان مكونات إثنية متعددة.. و حالته فريدة في المنطقة الأفريقية\العربية.. و هويته مازالت معلقة رغم إصرار البعض على (انتمائه) العربي و ( التزامه) الأفريقي..! و شر البلية ما يضحك..
· تمعنوا بعمق في مختصر مداخلة مكلومة ( أبوزبد).. ربما تكشف عما سيحدث إذا سقط النظام بالقوة..
· ربنا لا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا.. ربنا اهدهم و إيانا إلى سواء السبيل!
مكتبة عميد معاش د. سيد عبد القادر قنات
|
|
|
|
|
|