|
الحرب في مالي وانفجار التناقضات (الجزء الثاني) ترجمة وقراءة :احماد بويسان
|
الحرب في مالي وانفجار التناقضات، وكيف دعمت قطر الجماعات الارهابية في مالي وليبيا، ذلك ما يحاول الاجابة عنه الكتاب القيم "فرنسا تحت التأثير،،،عندما تعتبر قطر بلدنا ملعبا لها" الصادر عن دار النشر فيارد، للصحفيين المحققين فانيسا راتنيي وبير بيون، وتحديدا الجزء الواحد والعشرون المعنون ب"حرب مالي : انفجار التناقضات" ويكشف الكتاب عدم تحمس ساركوزي – الرئيس الفرنسي السابق- لمواجهة الخطر الجهادي بمنطقة الساحل مكتفيا بحربه ضد القذافي. لكن المنطقة ستعرف تحولا جذريا في 23 مارس 2012 بانهيار دولة مالي، وتجسد ذلك عمليا بالانقلاب على الرئيس أمادو تومي تراوري المتهم بالفساد، وتساهله مع الجماعات المتمردة. وفي شهر ابريل من نفس السنة، وامام الفراغ المؤسساتي استطاعت الجماعات الاسلامية الجهادية، أنصار الدين، القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي(أكمي)، وحركة الوحدة والجهاد في غرب افريقيا(موجاو) أن تستولي على أجزاء واسعة من شمال مالي. ورغم الاختلافات الشكلية، و الانقسامات الظرفية العملية، بين هذه الجماعات فإنها غير بعيدة بعضها عن بعض، خصوصا ان لها- تلك التنظيمات- امتدادات جغرافية ،على طول الساحل الموريتاني، إلى حدود القرن الافريقي. ويشير الكتاب كذلك لوجود تقاطعات ظرفية في تلك المنطقة بين عناصر تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي والنشطاء الصحراويين المغاربة، كما يقر الصحفيين أن ميلاد جماعة أنصار الدين وحركة التوحيد والجهاد في غرب افريقيا(موجاو) ناتج عن الانقسامات التي عرفتها الحركة الوطنية لتحرير الازواد(الامنيل) والقاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، مع وجود ارتباطات بين هذه الاخيرة-القاعدة- و جماعتي بوكو حرام و"الشباب الصومالي" حيث ارتكز الكتاب في ذلك إلى دراسة أعدها معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية المعروف اختصارا ب"إيريس" خلال الفترة الممتدة بين مارس واكتوبر2013 لفائدة القيادة العليا للبحرية الوطنية الفرنسية وتحذر الدراسة" لا يمكن استبعاد التقاطعات الظرفية بين مختلف الجماعات خاصة انها تتخذ من الجنوب الليبي معسكرات للتكوين والتدريب من أجل القيام بأعمال إجرامية" وبتاريخ 15 مارس2012، ساركوزي يغادر الإليزي ويعوضه الرئيس فرانسوا هولاند ،الذي تحذوه إرادة قوية حازمة ،وصارمة في التعاطي مع الإرهاب الجهادي، الذي يهدد منطقة الساحل الافريقي، وما يشكله ذلك من خطر حقيقي على أمن، ومصالح فرنسا، لكنه بالمقابل، تجاهل حق تقرير مصير طوارق الأزواد. وبعد يومين من تنصيبه رئيسا كلف هولاند وزير دفاعه إيف لودرينو بالقيام بزيارة عمل لمالي وصرح أحد القادة العسكريين المرافقين له " إذا لم نحارب اليوم في الساحل فإننا سنضطر للقتال غدا في مارسيليا" علما أن زير الدفاع الفرنسي يدرك خطورة الدور القطري في المنطقة، حسب ما أسر به نفس المسؤول العسكري ،لتأكيد ذلك أورد الكاتبين ما جاء في مقال ( صديقنا قطر يمول إسلاميي مالي)نشرته الجريدة الفرنسية (لوكانار أونشيني) في عددها ليوم 6 يونيو 2012"حسب معلومات مستقاة من قيادة المخابرات العسكرية فإن جماعات أنصار الدين، القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي(أكمي)،وحركة التوحيد و الجهاد في غرب افريقيا(موجاو) تلقت مساعدة مالية بالدولار من طرف قطر، هذه الجماعات حاضرة على حدود النيجر، بوركينا فاصو، و الجزائر" وخلف إفشاء تلك الاسرار غضب السفير القطري بباريس الذي عبر عن استيائه الشديد لدى السلطات الفرنسية. وفي السياق نفسه يستفيض الكتاب في كشف الأساليب والأليات التي تستعملها قطر في تدخلها لدعم الجماعات الارهابية في منطقة الساحل ومالي تحت يافطة دعم الجمعيات الخيرية. و تجلى ذلك بشكل واضح خلال شهر يونيو من عام 2012حيث بعث الهلال الاحمر القطري وفدا لزيارة شمال مالي و كان السبب الظاهر لتلك الزيارة، حسب المنظمين، هو تقييم حاجيات، ومطالب الساكنة. تلك الزيارة تمت -في خرق سافر لمبدأ التنسيق المسبق المتعارف عليه في مجال العمل الخيري- دون مشاورة الفروع المحلية لمنظمات الهلال والصليب الاحمرين، واشار الكاتبين في هذا الصدد ، لما كتبه الصحفي الفرنسي بجريد(لومانتي ديمونش) ،مارك دوميرامون، الذي قام بتغطية صحفية للمنطقة خلال شهر يناير2013 ورد فيها " حسب الشهادات التي استقيتها من القيادة الدولية للصليب الاحمر أكدت لي بأن الهلال الاحمر القطري دخل خلال ربيع 2012 التراب المالي بدون فيزا، وبطريقة غير قانونية، كما أن عاملين في المجال الانساني بجاو أكدوا لي بأن الهلال الاحمر القطري دخل المدينة ووزع المواد الغذائية، والادوية، تحت حرسة وحماية رجال حركة التوحيد والجهاد في غرب افريقيا –موجاو-". الهلال الاحمر القطري لوحده هو الذي( يحظى) بحماية هؤلاء .ويضيف الصحفي الفرنسي بان هذا التصرف خلف انطباعا لدى باقي العاملين في المجال الاحساني بكون الهلال الاحمر القطري يرغب حقيقة في إضفاء شرعية سياسية على حركة التوحيد والجهاد في غرب افريقيا "موجاو" لدى الساكنة، وللرد على تلك الانتقادات، اخد الصحفي بيير بيون، بالدوحة، تصريحا من رئيس الهلال الأحمر القطري، السيد محمد المعاضيد جاء فيه "مهمتي كرئيس للهلال الأحمر القطري هي مساعدة المحتاجين, ودورنا هو الحضور في مناطق النزاع التي لايزورها أحد، ولهذا فمن واجبنا مخاطبة الجميع للتخفيف عن معاناة ساكنة المناطق المدمرة" ويضيف" الحياد ضرورة عملية وليس حكما اخلاقيا "وعن علاقة الهلال الاحمر القطري بالديوان-الديوان الأميري، قصر حاكم قطر- يجيب محمد المعاضيد" نحن تنظيم مستقل لكن لدينا علاقات طيبة مع حكومتنا في إطار الديبلوماسية الانسانية. لقد رفضت بعض الطلبات ، مثلا إبان اجتياح العراق سنة 2003 رفضت استعمال وسائل النقل الأمريكية لشحن البضائع لأن ذلك سيوحي بمثابة تزكية ومساندة لواشنطن ، الاهم بالنسبة لنا هو الحياد" هل فعلا الهلال الاحمر القطري مستقل، ومحايد في تدخلاته الخيرية، ولا يتلقى تعليماته من الديوان الاميري؟؟ استقلالية شكلية برأي عبد الرحمان غندور، المستشار السياسي السابق لدى الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في منطقة البحيرات الكبرى ومؤلف كتاب" الجهاد الخيري، تحقيق حول المنظمات غير الحكومية الاسلامية"- الصادر عن منشورات فلاماريون 2002- الذي راكم تجربة دامت ثلات سنوات بمنظمة الصليب الأحمر الدولي، واللبناني ،قبل ان يصبح مكلفا بمهمة بأبو ظبي، السودان وايران لدى منظمة أطباء بلا حدود. ليخلص إلى نتيجة دونها في كتابه السالف الذكر مفادها ان الجمعيات الخيرية المنضوية تحت لواء الهلال الأحمر في العالم الاسلامي ليست مؤسسات خاصة بل هي تابعة سياسيا للسلطة الحاكمة و مهوسة قبل كل شيء بالتبشير الديني- السياسي. ولإماطة اللثام عن الحياد المزعوم للهلال الاحمر القطري، تؤكد شهادة الصحفي مارك دو ميرامون الواردة في الكتاب ان "الهلال الامر القطري استقر بمستشفى جاو المقر العام السابق لحركة التوحيد والجهاد في غرب افريقيا المعروفة اختصارا( بموجاو)و لجا الى تقديم اجور ضخمة للعاملين بالمستشفى مما يتنافى مع تقاليد العمل الاحساني "سياسة شراء الذمم لفائدة تنظيمات ارهابية لاتقتصر فقط على منظمة الهلال الاحمر القطري بل تشمل كذلك انشطة منظمة قطر الخيرية، التي يوجد مقرها الرئيسي بالدوحة ،و الحاضرة بمالي وقد ورد اسمها، حسب الكتاب، في تحقيق قضائي امريكي بناء على تقرير المدعي العام السابق لشمال ليلينوا السيد باتريك ج.فيتزجيرالد الذي جاء فيه " ان هذه المنظمة تحوم حولها شبهات بتمويل تنظيم القاعدة والاكثر من ذلك فان اموال قطر الخيرية استعملت سابقا في محاولة اغتيال الرئيس حسني مبارك سنة 1995 باثوبيا"، ومما يدل على أن تدخلات قطر الخيرية تثير قلق الدوائر العليا الفرنسية ما اكده الرئيس الفرنسي نفسه، حيث اعترف أثناء ندوة صحفية عقدها رفقة الامين العام للامم المتحدة بان كيمون يوم 9 أكتوبر2012ان " الاموال الخيرية القطرية قد تسقط بين أيدي المنظمات الارهابية"، كما صرح الرئيس أيضا لوسائل الاعلام الفرنسية( فرانس 24، تيفي 5 موند، وراديو فرنسا الدولية) بأنه طلب من قطر اخذ الحيطة والحذر في مجال العمل الخيري سواء في سوريا أو مالي. بالإضافة إلى ان المخابرات الخارجية الفرنسية "لادجسو" التي واصلت تحذيرها للاليزي من استفادة التنظيمات الاسلامية :القاعدة في المغرب الاسلامي, أنصار الدين وحركة التوحيد والجهاد في غرب افريقيا من ا لأموال القطرية خصوصا بعد ادانة دولة قطر بمعية الواعظ السياسي الشيخ القرضاوي و الرئيس التونسي منصف المرزوقي للتدخل العسكري الفرنسي في مالي . حقيقة علاقة قطر بتمويل التنظيمات الارهابية الجهادية تأكدت لدى مختلف المعاهد المختصة في قضايا الدفاع والإرهاب، فمعهد العلاقات الدولية والاستراتيجية المعروف اختصارا ب"اريس" نبه اكثر من مرة لخطورة الدعم المالي واللوجستيكي القطري للجماعات السلفية المسلحة في مالي وسوريا. ويعزى ذلك في نظر المراقبين إلى السباق المحموم بين قطبي الوهابية، المشكل من قطر والسعودية حول الزعامة الدينية والسياسية في العالم الاسلامي السني، عبر دعم تنظيمات الاسلام السياسي ،واستغلال الحس الديني الشعبي، لإجهاض تطلعات الشعوب نحو الحرية والكرامة ولإدامة الاستبداد والاستغلال. احماد بويسان mailto:[email protected]@yahoo.fr
الحرب في مالي وانفجار التناقضات(الجزأ الاول) ترجمة وقراءة: احماد بويسان
|
|
|
|
|
|