|
الحزبوسلامي بين الحرص على استغلال المناخ الديمقراطي، والانشداد إلى تأبيد الاستبداد... !!!.....4
|
mailto:[email protected]@gmail.com
إلى
كل من تحرر من أدلجة الدين.
كل من ضحى من أجل أن تصير أدلجة الدين في ذمة التاريخ.
الشهيد عمر بنجلون الذي قاوم أدلجة الدين حتى الاستشهاد.
العاملين على مقاومة أدلجة الدين على نهج الشهيد عمر بنجلون.
من أجل مجتمع متحرر من أدلجة الدين.
من أجل أن يكون الدين لله والوطن للجميع.
محمد الحنفي
مفهوم الحزب ومفهوم الحزبوسلامي:.....3
أما مفهوم الحزبوسلامي، فيمكن تصنيفه ضمن الحزب الإقطاعي المحافظ، الحامل للعقلية الزراعية، ويزيد عليه مغالاته في التوظيف الإيديولوجي للعقيدة، والشريعة الإسلاميتين، اللتين يستهدفهما بتأويلاته الإيديولوجية المستندة إلى التراث الظلامي في التاريخ الإسلامي، الذي يتم اعتماده في تكريس الاستبداد المتخلف، بما في ذلك ما ينسب إلى شخصية الرسول ص، مما لا يمكن قبوله، لا عقلا، ولا منطقا. وبالتالي فإن الفكر الإسلامي المتنور يصبح ملحدا، والعلمانية تشكل خطرا على مستقبل الدين الإسلامي. والحزبوسلامي يسعى إلى تجسيد شريحة معينة من البورجوازية الصغرى، والمتوسطة الحاملة لبقايا إيديولوجية الإقطاع، ومستغلة في ذلك الدين الإسلامي، ومعتبرة نفسها نائبة عن الله في الأرض، وممثلة له بين الناس، وحامية لدينه، و"مطبقة" لشريعته. ووسيلتها، في ذلك، التوظيف الإيديولوجي للدين الإسلامي، وغايتها من ذلك التوظيف، امتلاك السلطة عن طريق تجييش الجماهير الشعبية الكادحة باسم العقيدة، والشريعة، وتكفير كل من لا يتفق مع تلك العقيدة، وتلك الشريعة، كما يؤولها مؤدلجو الدين الإسلامي، المنتمون إلى الحزبوسلامي.
وبناء على هذا التصور، وتلك الممارسة، فالحزبوسلامي تنظيم متطرف، قائم على أدلجة الدين الإسلامي لاستغلال قطاع عريض من مجتمعات المسلمين المفتقدين للوعي الطبقي الحقيقي، والمفتقدين للتنوير الذين يقودهم إلى إدراك خلفيات استغلال العقيدة، والشريعة في الأمور السياسية، وجعلها مطية للوصول إلى امتلاك سلطة الدولة، باعتبارها أداة السيطرة الطبقية، ولكن هذه المرة باسم الدين الإسلامي. ومن هنا فهو يظهر على مستوى الشعارات على أنه حزب لا طبقي. وبالتالي فهو حزب لجميع الناس، على اختلاف ألسنتهم وألوانهم، وطبقاتهم الاجتماعية، تماما كما هو الشأن بالنسبة للإسلام الذي جاء لجميع الناس: "يا أيها الناس اتقوا ربكم...". واستعارة هذا التعميم من الدين الإسلامي، ينحو في اتجاه احتكارهم الدين، وتأويله من طرف الحزبوسلامي، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه، ولا من خلفه.
ويلجأ الحزبوسلامي إلى توظيف الدين الإسلامي لمحاربة الأحزاب المختلفة، سواء كانت بورجوازية، أو بورجوازية صغيرة، أو عمالية، لسبب واحد، وهو أن الحزبوسلامي لا يؤمن بتعدد الأحزاب. فالحزب الوحيد الذي يقتنع به هو حزب الله، الذي هو الحزبوسلامي. وما سواه من الأحزاب ما هي إلا أحزاب الشيطان، التي تجب محاربتها، ابتداء بتكفير المنتمين إليها، وانتهاء بالقضاء عليها، حتى لا تنازع "حزب الله" في قيادة المسلمين.
والحزبوسلامي ينكر وجود الطبقات الاجتماعية؛ لأن تكديس الثروات في يد قلة من البشر، ليس ناتجا عن الاستغلال الطبقي، بقدر ما هو هبة من الله، الذي يغني من يشاء، ويفقر من يشاء، بإرادته تعالى.
والحزبوسلامي لا يؤمن بالصراع الطبقي، فلا يجب تنظيم الطبقة العاملة، وحلفاءها لمقاومة الاستغلال، لكون ذلك يعتبر جحودا، ونكرانا لإرادة الله، وقدرته على كل شيء. وإذا عمل الحزبوسلامي على تنظيم "الشغيلة"، فلأنه يعتبر ذلك وسيلة لأشياء أخرى، غير الأشياء التي لا علاقة لها بتحسين الأوضاع المادية، والمعنوية. وهذه الأشياء الأخرى، هي التغلغل في صفوف "الشغيلة"، من أجل جعلها تقتنع بخطابه، وتنخرط في ممارسته، وإشاعته في المجتمع. وسحب تنظيم الشغيلة من قبل الأحزاب الطبقية، وخاصة حزب الطبقة العاملة، الذي يختار تنظيم هذه الطبقة، وقيادتها، في أفق الوصول إلى السلطة.
وكامتداد لهذا التوجه، فإن الحزبوسلامي يوظف الدين الإسلامي لخدمة أعضائه فقط، وليس لغيرهم. فهم وحدهم الذين يعطون لأنفسهم حق تأويل النص الديني. والتأويل لا يكون مصلحيا؛ لأن المصلحة لا تكون إلا طبقية.
وبهذا الاستنتاج نصل إلى أن الحزبوسلامي، بتوظيفه للنص الديني، يسعى إلى جعل المنتمين إليه نخبة المجتمع التي تتحكم في مصيره باسم الإسلام، وباسم المسلمين.
وبذلك تصبح هذه النخبة هي الطبقة المستغلة للمجتمع ككل، موظفة في سبيل ذلك كل الإمكانيات التي تتوفر عليها، بما في ذلك التأويل الإيديولوجي للدين الإسلامي الذي ينتجه المنتمون إلى الحزبوسلامي.
والدين الإسلامي، بذلك، يصبح لطبقة ضد باقي الطبقات، وخاصة الطبقة العاملة. وهذه أكبر عملية تحريف تطال العقيدة، والشريعة الإسلاميتين، ولا يكاد يوازيها إلا ما قام به اليهود، والنصارى، كما جاء في القرآن الكريم، "وقالت اليهود عزير ابن الله، وقالت النصارى المسيح ابن الله". وهي ممارسة كانت تستهدف استغلال الدين لخدمة مصالح معينة، لطبقة اجتماعية: يهودية، أو مسيحية، من أجل تأبيد سيطرتها على باقي الطبقات، وباسم الدين.
والعلاقة بين مفهوم الحزب، ومفهوم الحزبوسلامي، هي الاشتراك في كلمة الحزب، وفي الأسس التي يقوم عليها، كما أشرنا إلى ذلك في الفقرات السابقة. إلا أن موقف الحزبوسلامي من بقية الأحزاب الطبقية الأخرى، يجعل هذه العلاقة قائمة على التنافي من جهة واحدة فقط؛ لأنه في الوقت الذي تقر فيه الأحزاب الأخرى بوجود الحزبوسلامي، يلجأ الحزبوسلامي إلى إنكار أحقية الأحزاب الأخرى في الوجود، لكونها أحزاب الشيطان؛ لأنها لا تمارس أدلجة الدين الإسلامي، ولكونها لا تعتبر نفسها حزبا للجميع، كما يفعل الحزبوسلامي. ويتجلى ذلك التنافي الفعلي بين الأحزاب والحزبوسلامي في:
1) أن الحزب له إيديولوجية محددة، سواء كان حزبا إقطاعيا أو بورجوازيا، أو بورجوازيا صغيرا، أو عماليا. وهذه الإيديولوجية هي التي تحدد تعبير الحزب الطبقي، وتوحي بشكله التنظيمي، وموقفه السياسي. بينما نجد أن الحزبوسلامي يعتبر نفسه حزبا لجميع الطبقات، وتأويله الإيديولوجي للدين الإسلامي صالح للجميع. وهو ما تعتبره الأحزاب المختلفة تأميما للمجتمع.
2) على المستوى التنظيمي، نجد أن تنظيم أي حزب يتناسب مع الإيديولوجية التي يقتنع بها، أما الحزبوسلامي، فيعتبر التصور المستنتج من أدلجة الدين الإسلامي صالحا لتنظيم المجتمع ككل، عن طريق التجييش: تجييش الحزبيين، وتجييش المجتمع، ليخضع لإرادة الزعيم، الذي يسمونه إسلاميا. هذا الزعيم التي تعتبر تأويلاته للدين الإسلامي بمثابة النص الديني المقدس.
3) وعلى المستوى السياسي، نجد أنه لكل حزب موقفه السياسي المتناسب مع تصوره التنظيمي، واقتناعه بأيديولوجية معينة، بينما نجد أن موقف الحزبوسلامي يعتبر موقفا "اسلاميا"، فكأن الإسلام قرر ذلك الموقف، بظهوره، لينسحب على جميع العصور، وجميع الأمصار، أو كأن الله يتعامل مع زعماء الأحزابوسلامية، وكأنهم رسله إلى الناس كافة، فيوحي إليهم بالموقف السياسي المناسب.
وبذلك نجد أن الرؤيا الحزبية للواقع، هي رؤيا من وجهة نظر طبقية. وهذه الرؤيا تتعدد بتعدد الأحزاب، التي تعبر عن تعدد الطبقات. ومجموع رؤى الأحزاب، تدل على قيام النظام الاجتماعي على تعدد الرؤى، والتصورات، التي يجب أن تتفاعل فيما بينها، في إطار ممارسة ديمقراطية حقيقية من الشعب، وإلى الشعب. وفي نفس الوقت، نجد أن الحزبوسلامي لا يؤمن إلا بالرأي الواحد، وينفي كل الرؤى الأخرى، ولا يقول بتفاعل رأيه مع الرؤى المخالفة. وبالتالي فلا داعي لبدعة الديمقراطية. والشعب يجب أن يخضع لإرادة الحزبوسلامي، التي هي من إرادة الله، كما يجب أن يتجنب الانسياق وراء رؤى، وتصورات أحزاب الشيطان.
|
|
|
|
|
|