|
أبو ماجدة! (قصة قصيرة) بقلم فيصل الدابي
|
في شقة صغيرة بعاصمة إحدى الدول الخليجية، كان المهندس محمود يعيش مع عائلته المكونة من زوجته سعاد والتؤامين مجدي وماجدة البالغ عمرهما أربعة أعوام، وعلى عادة أهل المنطقة، أطلق الناس على محمود لقب أبو مجدي وعلى زوجته لقب أم مجدي حتى نسي الزوجان إسميهما الحقيقيين! لاحظت ماجدة أن الناس، ولأسباب غير معلومة، يفضلون أخيها عليها، فلا أحد ينادى والدها بلقب أبو ماجدة أو والدتها بلقب أم ماجدة! لم تقبل الصغيرة بهذا الأمر وأعلنت الحرب على الجميع على طريقتها الخاصة! ذات مرة اصطحبها والدها لزيارة منزل أحد أقاربه، وبينما كانا يمشيان في أحد الشوارع صادفهما رجل ما، ما أن رأى الرجل والدها حتى صاح فيه: أهلاً يا أبو مجدي ، عندها أطلقت ماجدة صرخة مدوية جعلت الرجل يجفل إلى الوراء ثم أخذت تصيح: أبو ماجدة وليس أبو مجدي ولم تكف عن الصياح إلا بعد أن قال لها والدها أمام الرجل: خلاص أسكتي ، أنا أبو ماجدة! ذات صباح أصطحب محمود طفليه لتسجيلهما في إحدى رياض الأطفال، دخل إلى مكتب الإدارة وألقى التحية على الحاضرين، وبعد تسجيل إسم وعمر كل طفل ودفع رسوم التسجيل، قالت الموظفة مخاطبة محمود: خلاص يا أبو مجدي كل شئ سيكون على مايرام إنشاء الله ، عندها صاحت ماجدة في وجه الموظفة بأعلى صوتها: أبو ماجدة وليس أبو مجـدي ، ولم تكف ماجدة عن الصياح إلا بعد أن قام والدها بتغيير لقبه إلى أبو ماجدة وسط دهشة وضحك الحاضرين! ذات ليلة، حضرت إحدى جارات سعاد لزيارتها، جلست السيدتان في الصالة وأخذتا تثرثران بينما كانت ماجدة جالسة على الأرض بالقرب منهما وهي تلعب بدمية ما، فجأة رن جوال الجارة فاستأذنت من سعاد ، أخذت تتحدث مع المتصلة ثم ردت عليها بقولها: أنا هنا مع أم مجدي ، عندها أطلقت ماجدة صرخة حادة جعلت الجوال يطير من يد الجارة ثم أخذت تصيح: أم ماجدة وليس أم مجدي ولم تهدأ ماجدة إلا بعد أن تم تغيير اللقب إلى أم ماجدة بقوة الصياح! لم يقبل مجدي بأن تنجح أخته الصغيرة من وقت لآخر في إجبار والديها وإجبار الآخرين على سحب إسمه من لقب أبيه ولقب أمه ، ولذلك فقد كان يتحين الفرص ويقوم من وقت لآخر بضربها وهو يصيح: بابا هو أبو مجدي وليس أبو ماجدة ـ ماما هي أم مجدي وليست أم ماجدة وكل الناس ينادون الأباء والأمهات بأسماء الأولاد وليس بأسماء البنات! لكن الصغيرة الشقية كانت تقاوم بكل ما أوتيت من قوة وهي تصيح وسط دموعها: بابا هو أبو ماجدة ـ ماما هي أم ماجدة! ولأن الآخرين ما زالوا ينادون محمود وزوجته بالألقاب إياها، فإن معركة أم الألقاب ما زالت تجري على قدم وساق حتى هذه اللحظة! فيصل الدابي
|
|
|
|
|
|